“مقابلة مع السيد آدم”.. السقوط الأخلاقي أمام “سعير الإنتاج”
بعدما توسَّمنا خيراً بمسلسل “مقابلة مع السيد آدم” إخراج فادي سليم عن نص له بالاشتراك مع “شادي كيوان” في السيناريو والحوار، وذلك نتيجة التكامل الذي بدت عليه حلقاته الأولى فيما يتعلق بالنص والتمثيل والرؤية إخراجية والتشويق… إلا أنه على ما يبدو كان للإنتاج رؤيةً أخرى.
فالسقوط الأخلاقي للمسلسل، وشعور المشاهد أنه تعرض للخداع، وخاصة مع عرض مشاهد ضمن “البرومو” الترويجي للمسلسل، اتضح لاحقاً أنها من الجزء الثاني، في سابقة لم يسبق صناع العمل إليها، حتى صناع مسلسل”بوشينكي” .
فبعد المتابعة الجماهيرية الكبيرة للعمل أعلنت شركة “فينيكس” عن جزء ثانٍ، ما خلط الحابل بالنابل، وشتَّت خيوط العمل، وزاد “المطمطة”، وبدل أن يجعلنا بشوق لمتابعة الجزء الجديد، فإنه “كركب” الجزء الأول وجعلنا راغبين بالانتهاء منه أولاً.
الخلل الذي حصل جعل المتابعين والنقاد يرون أنه لو اكتفى المسلسل بـ15 حلقة لكان حصد نجاحاً أكبر، لاسيما أن مثل هذه الجريمة تكفيها حلقة واحدة أو حلقتين على الأكثر ضمن المسلسلات الأمريكية التي تعنى بقضايا الجرائم وحلولها.
وكلُّ ما بات المشاهدون متيقنين منه، وكانوا ينتظرونه هو كيف سيتم تخريجه في الحلقات الأخيرة، من أن “الدكتور آدم.. غسان مسعود” لم يقتل “عاصم.. كرم الشعراني” ولا “أبو جبري.. حسين عباس” تم تأجيله إلى الجزء الثاني.
كما أن ذكاء “المحقق ورد.. محمد الأحمد” تم إرجاء مفاعيله الدرامية أيضاً من دون وجه حق، وفي ذات الوقت فإنه من غير المعقول إيقاف فعالية عصابية “يوسف.. لجين إسماعيل” في الوقوف بوجه “زوجته.. رنا شميس” محامية الشيطان.
وأيضاً تم بتر الخط الدرامي المتعلق بـ”معتصم.. السدير مسعود” رغم قدرته على تعزيز الصراع وإبراز الوجه الآخر للشر الأرستقراطي، إن صح التعبير، في مقابل الشر الطامح للأرستقراطية، المتمثل بديالا زوجة يوسف ابن آدم، وأيضاً تقليص دور أخت الضحية “منة فضالي” وسجنها في بيت الضيعة.
قلة الأحداث في الحلقات الأخيرة، وإرجاء الأحداث الحقيقية إلى المستقبل، شكَّل فجوات عميقة في السرد الدرامي الذي تتطلبه مثل هذه الأعمال ذات الحبكات البوليسية، ما خلخل المسلسل وجعل الحلقات الأخيرة منه باهتة ومملة.
ورغم جمالية أداء بعض الممثلين كغسان مسعود، إلا أن رداءة غير منطقية أصابت أداء “رنا شميس” رغم مساحة الدور وغناه الداخلي، فبدت كأنها تمثل أنها تمثل، وهنا مقتل ومصرع تجسيد الشخصية، وبدا الدور “فضفاضاً عليها” .
بالمقابل استطاع “مصطفى المصطفى” إثبات علو كعبه في التمثيل، ومثله أيضاً “لجين إسماعيل” رغم ظهوره من دون تحرير طاقاته الكامنة التي يعرفها كل من تابعه سابقاً على خشبة المسرح في أكثر من عمل، والاكتفاء بتغليب الطابع “العصابي” للشخصية .
ورغم التأسيس الصحيح للعمل، وإدارة فادي سليم الجيدة لجميع خيوط المسلسل، إلا أن القرار بجزء ثاني من شركة “فينيكس” التي يديرها، أوقعه بمطب قاتل وهو تغليب عدد الحلقات على نوعيتها، وحُسْنِ سَبْكِها.
لا نستطيع الحكم على الجزء الثاني، لكن إن كان مجرد تكملة للجزء الأول من دون تفعيل الدراما بمحركات أحداث جديدة، فستكون الخسارة مزدوجة، ولا نتوقع نسب مشاهدة كالتي حظي بها في جزئه الأول لاسيما مع رداءة الأعمال الدرامية السورية المنافسة لهذا الموسم.
وتبقى في أذهان المشاهدين الكثير من الأسئلة من مثل ما مصير كل من “عاصم” و”أبو جبري” ووالدة معتصم، وكيف ستكون ردود فعل الدكتور آدم على تورط “ديالا ” في كل هذه الجرائم، وسيطرتها على ابنه وجعله يغير تقرير والده، وما هذا القناع الذي تصنعه أخت الضحية المصرية، وغير ذلك مما لو تمت الإجابة عليه فسيكون في صالح الجزء الأول.
يذكر أن “مقابلة مع السيد آدم” بني على جريمة، استتبعت مجموعة من عمليات الإيهام بجرائم غير مكتملة، بعدما قرر الدكتور آدم الانتقام لمقتل ابنته وتحقيق عدالته الخاصة وفقاً لقوانينه الخاصة.
تلفزيون الخبر