“ليرتنا.. عزتنا”.. مبادرة شعبية لاعادة الثقة بالليرة” في ظل فشل الحكومة في ضبط السوق
على إيقاع تزايد فشل حكومة عماد خميس في ضبط الأسواق ولجم التجار عن التلاعب بالأسعار والتنافس فيما بينهم على رفع الأسعار أكثر والربح أكثر، لم يجد السوريون حلاً أمام هذا الفشل الحكومي سوى الانتفاضة لدعم الليرة بمواجهة الوضع الاقتصادي الصعب.
تحت وسم “ليرتنا عزتنا”، انطلقت، الاثنين، حملة دعم الليرة السورية في معظم المحافظات السورية وبمقدمتها حمص وطرطوس واللاذقية ودمشق والسويداء وحلب.
حيث بدأ السوريون بطرح عروضٍ مغرية مقابل ليرة واحدة، ولو ليوم واحد تعود فيه الليرة الى الواجهة بعد أن بقيت سنوات مركونة على رف الذكريات لمن يهوى جمع العملة.
منذ ساعات الصباح، راحت الإعلانات تتوالى سريعاً عبر صفحات “فيسبوك” التي تحولت لنشرة عروض مغرية للمواطن، تضم أنواعاً مختلفة من المواد والسلع مقابل ليرة سورية واحدة.
ثم انتشرت على صفحات “الفيسبوك” صور لازدحامات كبيرة على تلك المحلات التي تنوعت بين محلات طعام، مراكز بيع دخّان، ومحلّات موبايلات، وتعدّى الأمر ذلك عندما أعلن بعض الأشخاص عن تقديم خدماتهم مقابل ليرة سورية واحدة، كمصورين فوتوغرافيين ومراكز تجميل وصالات أفراح وممثلين ومغنيين.
وفيما كانت العروض تنهال من كل حدب وصوب، كان السوريون يبحثون بسراج وفتيلة عن الليرة المعدنية، فمنهم من استعان بوالديه أو أحد أصدقائه للظفر بليرة، ومنهم من قلب البيت رأساً على عقب بحثاً عن ليرة مخبأة هنا أو هناك.
ومنهم من ركض إلى جاره “السمان” ليعطيه ٥٠ ليرة أو أكثر مقابل أن يعطيه ليرة، حتى باتت محلات “السمانة” تشهد ازدحاماً كبيراً على الليرات وليس لنية الشراء.
“العرض بليرة ومافي ليرة”، هكذا استهلت ريم حديثها المقتضب لتلفزيون الخبر، مضيفة: “منذ الصباح والجميع يبحث ويسأل عن ليرة للاستفادة من العروض المقدمة بشرط اصطحاب الليرة”.
وأردفت ريم “من بهذه الأيام لا يزال يحتفظ بالليرة التي باتت منذ سنوات طويلة لا تشتري شيئاً، حتى أنني استعنت بصندوق أمي الذي تضع فيه أغراضها القديمة فلم أجد ولا ليرة واحدة”.
بدوره، قال سامر: “مبادرة مميزة لمساعدة المعترين وخاصة ممن ليس لديهم دخل ثابت، على شراء المواد الاساسية لبيوتهم بليرة واحدة، لكن السؤال من اين سيأتوا بالليرة التي نادراً ما تجد أحد يحتفظ بها اليوم”.
وفي السياق، قال فراس: “إذا كان الهدف دعم الليرة ومساعدة المواطن على تأمين مواده الأساسية، فكان الأجدى بأصحاب المحلات والفعاليات أن يسهموا في تخفيض أسعار المواد والسلع الغذائية، وليس تقديم عروض تنتهي بيوم واحد، ليعود واقع حال ارتفاع الأسعار إلى ما كان عليه قبل الحملة”.
وأشار فراس إلى أن “بعض المبادرات التي قام بها المجتمع الأهلي في بعض القرى، حيث تم افتتاح مراكز خيرية لبيع المواد الأساسية للمواطنين بسعر الجملة بدون أي ربح وذلك بهدف مساعدة المواطن على مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة”.
وأردف فراس “هكذا تكون المبادرات الحقيقية لمساعدة الطبقات الفقيرة ولجم التجار عن الاستمرار في رفع الأسعار دون وازع أخلاقي، إذ لا يهمهم سوى مراكمة الأرباح فقط”.
رباح شاطرت فراس في رأيه، وتساءلت: “لماذا اقتصرت عروض مبادرة ليرتنا عزتنا على أصحاب المحلات وتجار نصف الجملة، فيما التزم التجار الكبار وأصحاب الفعاليات التجارية الكبيرة الصمت؟”.
وأضافت “رغم ذلك تبقى لهذه المبادرة ميزتها لاعادة الثقة بالليرة، وتعاون المجتمع الأهلي لإيجاد حلول ولو كانت اسعافية، في الوقت الذي فشلت فيه الحكومة عن إيجاد أي حل خلال الفترة الماضية سوى صف الوعود بكلام معسول لا يسمن ولا يغني السوريين من جوع”.
بدورها، قالت الدكتورة حنان ضاهر رئيسة قسم العلوم المالية والمصرفية في جامعة تشرين لتلفزيون الخبر: ” مبادرة مهمة ومميزة لأنها تزرع الأمل في نفس المواطن من جهة، وتعزز ثقته بالليرة السورية من جهة أخرى. ناهيك عن أهميتها لجهة تعاون المجتمع الأهلي على إيجاد حلول إسعافية لوجع المواطن”.
وأضافت ضاهر “لا نريد حلول إسعافية، بل نحن بحاجة إلى حلول جذرية”، مشيرة في الوقت ذاته الى أنه “لو كان عمد التجار إلى تخفيض الأسعار لفترة أطول كانت أكثر جدوى من مبادرة ليوم واحد مقابل ليرة لا يمتلكها الكثيرون”.
وأكدت ضاهر أن “فاعلية هذه الحملة ستنتهي بانتهائها ليعود الحال إلى ماكان عليه، فالتاجر لن يخفض الأسعار لأن همه الوحيد هو الربح، ومثل هذه المبادرات لن توقظ عنده الضمير ولن تلجم طمعه، فما يلجمه حقاً الرقابة المستمرة وفرض العقوبات الرادعة”.
من جهته، قال رئيس فرع جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية الدكتور سنان ديب لتلفزيون الخبر: “حجم التفاعل مع مبادرة (ليرتنا.. عزتنا) يشير بوضوح إلى أن “أغلب الشعب السوري توّاق لدعم الليرة، وقادر على إيجاد الحلول”.
وأضاف ديب “المبادرة لها تأثير من ناحية تفشيل ضرب الثقة بالليرة، خاصة بعد أن أصدر السيد الرئيس المرسومين الأخيرين اللذين تضمنا تشديد العقوبة للمتعاملين بغير الليرة، واللذين جاءا في الوقت المناسب بمثابة إبرة إنعاش للوضع الاقتصادي”.
وشدد ديب على “ضرورة تنفيذ المرسومين والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه التلاعب بالليرة”، مبيناً أنه “عندما يصبح سعر صرف الدولار أمام الليرة ٧٠٠ ليرة معنى ذلك أن هناك جدية بمواجهة الملف الاقتصادي”.
وتابع “الأمر الذي انعكس على الشعب الذي راح يعبر عن دعمه وثقته بالليرة من خلال حملات تأييد شعبي تعطي ثقة بأي حلول تقدمها الدولة”.
وفيما يقوم المجتمع الأهلي بطرح حلول إسعافية تساعد المواطن في الحصول على لقمة عيشه، لم يجد رئيس الحكومة عماد خميس حرجاً من الاعتراف أمام أمام مجلس الشعب أن “حكومته لا تستطيع تخفيض الأسعار لأن هناك مواد مستوردة مرتبطة بالدولار الذي ارتفع من ٥٠٠ إلى ألف ليرة أي ١٠٠%”.
وأضاف أن “ما يواجهه المواطن من زيادة في الاسعار ومحدودية الدخل وصعوبة بتوفير بعض السلع يمثل معاناة كبيرة”، يقول خميس إن: “مختلف مؤسسات الدولة واجهزتها تعمل على معالجتها والتخفيف منها”.
ويبقى لسان حال المواطن السوري “المعتر” يشكو من ارتفاع اسعار جميع الخدمات والسلع بما فيها المنتجة محلياً، بالتزامن مع ارتفاع سعر صرف الولار في السوق الموازية وبقائها مرتفعة عندما يعاود سعر الصرف للانخفاض.
تلفزيون الخبر