مسرحية “التحفة”.. كيف تثير اهتمام الأطفال بقيمة الإنسان؟
تنحاز مسرحية “التحفة” تأليف “أحمد خنسة” إعداد وإخراج “جمال نصار” إلى الإنسان وقيمته، وترسيخ الوعي بأنه مهما حملت التُّحَفْ من وعي صانعها، وجماليات روحه، إلا أن الإنسان يبقى أثمن وأهم من أي تحفة.
واللافت في العرض الذي قدم على خشبة القباني هو قدرته على إثارة اهتمام جمهور الأطفال بقيمة الإنسان وأهمية وجوده، بعيداً عن مفهومي الخير والشر اللذَين يُطرحان عادة في مسرح الطفل بشيء من التسطيح، في حين أنهما في “التحفة” مُستتران وكامنان، ومع بعض التحفيز يظهران إلى السطح.
واستطاع العرض أن يجذب جمهور الصغار من خلال توليفة جمالية بين أداء الممثلين الذين تماهوا مع شخصياتهم، وديكور المملكة البسيط والمكثَّف الدلالات الذي صممته “سهى العلي”، وإضاءة بسام حميدي الموحية، مع موسيقى “أيمن زرقان”، إلى جانب التنويع بين الغناء والرقص واللعب.
تحكي المسرحية عن “ملك شاب.. باسل الرفاعي” لا يهتم لأمور رعيته، ولا لشؤون مملكته وضرورة الدفاع عنها في مقابل لهوه الدائم مع “مهرجه.. مأمون الفرخ”.
ورغم محاولة “وزيره.. غسان الدبس” تنبيهه إلى مرض أطفال المملكة، وحثِّه على ضرورة متابعة الخطر المحدق بها من أعدائها المتربصين بها، ومحاولة جعله يتخذ إجراءات لها علاقة بخدمة مواطني المملكة، إلا أن الملك لم يبالي نهائياً.
والأمر ذاته يتكرر مع تذمُّر “عمِّه العجوز.. موفق الأحمد” من تصرفاته وعدم اكتراثه، وأيضاً مع “قائد العكسر.. بسام ناصر”، إلا أن لا مبالاة الملك بقيت سيدة الموقف، إلى جانب إمعانه في اللهو والمجون مع مهرِّجِه ونديميه “رضوان النوري” و”محمد قطان”.
وتبرز محبة الملك للتحف عندما يأتيه “تاجر.. سليمان قطان” بتحفة من الإمبراطور الراغب بطلب يد ابنته للزواج، فيوافق مباشرةً، لأن كل تفكيره انصب على جَمال التُّحفة وكيف سيضيفها إلى قائمة ما يتضمنه متحفه.
وبعد استدعائه لـ”حارس المتحف.. علي القاسم” ليهتم بتحفته الجديدة، يقوم الأخير بكسرها من دون قصد لأن باله مشغول بابنته المريضة، فتثور ثائرة الملك ويتخذ القرار بضرورة قطع رأس الحارس، بغض النَّظر عن سنين خدمته الطويلة وإخلاصه.
وكي يثنيه عمُّه العجوز عن فعلته، يلعب لعبة مع الحارس، من خلال الادعاء بأن هناك صائغاً ماهراً قادراً على إعادة تلك التحفة إلى ما كانت عليه، لنكتشف أن ذاك الصائغ هو الحارس ذاته، ويبدأ في غمرة انشغال الملك بالمجون مع المهرج بإيهام الملك بأنه كسَّر جميع تحفه.
ولتبرير فعلته يقنع الحارس الملك بأن ذلك نابع عن رغبته في إنقاذ 240 رأس حارس آخر من القطع، كما سبق جلالته وأعلن، وأنه سيجعل من رأسه كفَّارة لجميع أولئك، وما إن يعلم الملك بذلك حتى كاد يُجَنّ، لولا أن العجوز أقنعه بأنه مهما بلغت قيمة تحفه فإن قيمة ذاك الحارس أثمن.
يقول المخرج جمال نصار في كلمته على برشور العرض: نحن نحب التحف لأنها إرث حضاري إنساني، نحبها لأنها من صنع الإنسان، وهي مظاهر فنه وإبداعه، لكن عندما نفضلها على صانعها ونساويها بحياته فإنها تفقد قيمتها.
يذكر أن للمخرج نصار العديد من المشاركات في مسرح الطفل منها “علاء الدين والمصباح السحري”، “القط أبو جزمة”، “علي بابا والأربعين حرامي”، فضلاً عن مساهماته الكثيرة في المسرح والسينما والتلفزيون، وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية منذ عام 1988.
تلفزيون الخبر