تسبيق الطفل سنة إذا ولد أواخر العام .. عادة سورية أصيلة
ربط الأولون ميلاد أطفالهم قديماً بموجة الحصبة الأولى، وشهر الحصاد، المطرة الأولى أو سنة القحط، عندما كان يستغرق تسجيل الطفل سنوات، ويكون عندها أتم عامه الثالث أو الرابع بسبب بطء المعاملات وصعوبة التنقل، إضافة لأن المخاتير كانوا يكدسون معاملات التسجيل حتى يستحق عددها مشقة الطريق.
وحتى الآن يتم تسجيل الأطفال بتاريخ غير تاريخ ميلادهم، المواليد “المحظوظون” الذين ولدوا في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام، يكون واضحاً على هويتهم الشخصية تولد شهر كانون الثاني “1”، كل حسب نصيبه من تاريخ اليوم.
وترافق هذا التقليد حجج متباينة، منها لكي يكتمل نضوجهم الذهني قبل دخول المدرسة، أو كي يكسبوا سنة من العمر وخاصية الأصغر بين أقرانهم، ومن وجهة نظر الأمهات “أن يكونوا أصغر يعني أن نكون نحن أصغر”، اندثرت هذه العادة مع زيادة الوعي، أم أنها لا زالت تندرج تحت مسمى “تقاليد وعادات موروثة”.
تحدثت السيدة وفاء لتلفزيون الخبر: “ابنتي ولدت في شهر تشرين الثاني، بدا أنه من غير العدل تسجيلها في السنة ذاتها، مع شهر واحد باق حتى نهاية العام”.
وتكمل وفاء: “على زمننا لم يكن هناك وعي على موضوع عمليات التجميل و”البوتوكس”، أردت أن تكسب سنة من العمر ويكون عمرها أصغر، وتقول ضاحكةً، بالتالي أكون أنا أصغر”.
ونرى تباين واضح في وجهات النظر، بعض الأهالي تجاهلوا الأمر وباتوا يسجلون أطفالهم في تاريخ ولادتهم الطبيعي، بينما بقي عدد منهم محافظاً على هذا التقليد الغريب.
تقول نبال: ” لم أشأ أن أدخل أطفالي في دوامة تاريخ الميلاد وتاريخ التسجيل، وسجلتهم في يوم الولادة نفسه، بالرغم من أن اثنين من بناتي ولدتا في الشهر الأخير من السنة، كانون الأول.
وأشادت نبال بالجزء الذي تقوم به دور الحضانة، كون الطفل يحصل على الرعاية والتعليم المناسب في سن مبكرة ومن أشخاص ذوي خبرة، دون حاجة الأهل “لتسبيق سنة” من عمر الطفل بحجة النمو العقلي.
أما هبة، فوقفت بجهة المؤيد من انتظار السنة الجديدة، مبينةً أنها “تريد ابنها بجانبها لأطول وقت ممكن، وضمان حصوله على الرعاية النفسية والجسدية داخل المنزل منها ومن والده”.
وبالنسبة لتأثيره على الطفل، تقول آية: “ولدت في تاريخ ذهبي 9\9\1999، لكن والدي، “الله يصلحو”، سجل ميلادي في الشهر الأول من السنة التي تليها، هذه المعضلة أربكتني، ماذا أقول عن تاريخ ميلادي أو عمري، الآن أكتفي بذكر عمري الأساسي مع كلمة “ونص”.
كان الأمر مختلفاً بالنسبة لنسرين، كونها ولدت في الربع الأخير من كانون الأول، وألقت باللوم على أهلها الذين جعلوها أكبر بعام من أجل أيام معدودات، على عكس صديقاتها اللواتي يتفاخرن بصغر سنهن أمامها.
بين من وضعها طي النسيان ومن حافظ عليها، نرى هذا التقليد في موضع الجدل على الرغم من وجود أسباب تبدو منطقية لكلا الطرفين، ربما باتت واضحة أكثر مع بداية العام على مواقع التواصل الاجتماعي عندما يصادف ميلاد أحدنا “بمحض الصدفة البحت” مع 37 آخرين.
بتول حجبرة – تلفزيون الخبر