كيف ينظر السوريون إلى “سواقة الصبايا”؟
كاد الحادث المروري الذي شهده شارع الصليبة في مدينة اللاذقية، حين انعطفت إحدى السيارات عن مسارها لتصطدم بالرصيف وتدخل في واجهة أحد المحال، أن يمر مرور الكرام كأي حادث من عشرات تقع كل يوم في المدن السورية، ويعبر كأي خبر على الصفحات والمواقع السورية، لولا اكتشاف أن السائق لم يكن إلا سيدة .
ورغم أن قيادة المرأة السورية للسيارة بات أمراً معتاداً، كان خبر أن مرتكبة الحادث سيدة، سبباً لسيل من التعليقات الساخرة والمنتقدة، مقابل أخرى متضامنة، فلا تزال النسب الأعلى من الحوادث المرورية من نصيب السائقين الرجال بأي حال.
وتأتي قيادة السيارة من جملة أشياء دأب المجتمع على اعتبارها خاصة بالذكور لفترة طويلة، لكن التغيير حتمي، وهكذا قادت المرأة السيارة الخاصة ومن بعدها شهدنا قيادتها للسيارات العمومية وحتى الشاحنات، مع بقاءها في إطار الحالات الفردية، فكيف ينظر السوريون إلى قيادة المرأة؟.
يصف حسن (32 عاماً) قيادة المرأة بـ “الكارثة”، ولعل رأيه لا يختلف عن رأي غالبية الرجال ممن يعتبرون أن ” الأفضل ألا تقود”، ويتابع حسن ” الأخطاء التي ترتكبها المرأة في قيادة السيارة لا يرتكبها الرجال، ورغم أنها تقود بحذر لكن أخطاءها عادة ما تأتي قاتلة، خاصة على الأوتوسترادات أو في الشوارع المزدحمة”.
ويضيف “عن نفسي بروح لآخر الدنيا لوصل أمي أو أختي أو زوجتي، بس ما بعلمها تسوق، بعرف رح انسبّ كل يوم ألف مرة، بدها تتعلم ولابد .. تخلي حدا غيري يعلمها، الشغلة بدها قوة قلب وثقة بالنفس”.
وتبدو وجهة نظر كيان (صحفي ثلاثيني) أكثر دبلوماسية، فيعتبر أن ” قيادة المرأة للسيارة دقيقة وهادئة وذلك أمر ايجابي من ناحية، إلا أن هذا الهدوء والحرص والتردد في القيادة يؤدي لنتائج كارثية، بعكس الرجل الذي يبدو أكثر ثقة وسرعة باتخاذ القرار عند اللحظات الصعبة”.
ويردف كيان ” الرجل أكثر سرعة في تعلم مهارات القيادة وفنونها، ونلاحظ ذلك من خلال سرعة تعلم “ركن السيارة”، بينما قد تحتاج الكثير من النساء لسنوات حتى تتقن ركنها، وفي هذه الفترة تتعرض للكثير من حالات الارتباك التي تجر عليها نظرات العتب واللوم وصولا إلى التنمر والسخرية والتعليقات الجارحة”.
أما بلال (مهندس 30 عاماً) فيرى أن ” البنات بالشريحة العمرية ما بين ال 18 و ال 23 هنن بحاجة للانتباه أكتر و التركيز أثناء قيادة السيارة”.
ويتابع بلال “لكن فوق ال 23 ما مر معي ولا حالة كانت فيها أنثى متهورة بقيادة السيارة، طبعا شهدت بعض الحوادث، ولكن نحنا كمجتمع شرقي بس صار فيه أنثى بالحادث حتى و لو كان ما تسببت فيه منحب انو دائما نعطي عليها، من باب المزح و أحياناً لأن جرت العادة يكون الرجل بهالمنصب الخطير”.
ويشير بلال إلى أنه ” من الضروري جدا في هذه الأيام أن تتعلم جميع النساء قيادة السيارة، فربما اضطرت لاستخدامها لحالة طارئة أو اسعافية مثلاً، إلى جانب أنها تريح الرجل من أعباء كثيرة، ومن ناحية القدرة والاستيعاب هي بالطبع لا تختلف عنه بشيء”.
ومن الطبيعي أن تبدو النساء في موقف المدافع عن حقهن في القيادة وتقول ليندا (35 عاماً): “أقود سيارة منذ أكثر من 7 سنوات، أتعرض في أحيان كثيرة لمضايقات وأسمع تعليقات مسيئة خاصة ممن لا يناسبهم الالتزام بالسرعة المحددة أو قواعد السلامة المرورية، لكنني أعتبر ذلك مشكلتهم هم”.
ولا تتخيل ليندا نفسها وهي تعتمد على والدها أو أخيها كلما احتاجت السفر أو التنقل، على عكس بعض الفتيات اللواتي لازلن لا يملكن الجرأة على القيادة ويعترفن بعدم رغبتهن في خوض هذه “المغامرة” كما يصفنها.
وتعتبر السيدة لما الحواط أن “المرأة أفضل من الرجل في قيادة السيارة، فالمرأة قادرة على القيام بكامل واجباتها بدقة متناهية، كإتمام واجبات عملها، إضافة إلى ترتيب وتنظيف البيت والاهتمام بالأولاد، وبالتالي تكون قادرة على قيادة السيارة بشكل جيد وتقدير المسافات والأبعاد والانتباه إلى السيارات الأخرى”.
وتضيف “أيضاً المرأة أكثر التزاماً بقوانين السير وقواعد السلامة وتتحلى بأخلاق القيادة، ولا تقوم بتصرفات القيادة الرعناء كالتشفيط والسرعة الزائدة وتجاوز الإشارة الحمراء”.
ولدى سؤال بعض المارة عن رأيهم بالطريقة التي تقود بها النساء في الشوارع السورية، أدى الكثيرون إعجابهم بالهدوء الذي تتحلى به معظم السائقات، غير أن اليسار (طالبة جامعية ) بيّنت أنها ” تشعر بارتباك السيدة وقلقها إذا ما عبرت أمامها مثلاً، أو في حالة وجود منعطف أو تقاطع، الأمر الذي يربكها هي أيضاً.
يجمع معظم السوريين رجالاً ونساء أن الشوارع في سوريا بغالبيتها لا تسمح بقيادة جيدة للجنسين، ولا يمكن لوم المرأة وحدها، وفي نظرهم هي “مسألة وقت” لتصبح النساء أكثر جرأة والرجال أكثر تقبلاً لوجودهن كسائقات كما هي حالهم كطبيبات أو مهندسات أو مدخنات.. وفي أي مجال كان حكراً عليهن لزمن طويل.
رنا سليمان _ تلفزيون الخبر