بعد كل ما جرى.. هل يريد اللاجئون السوريون بتركيا العيش في “المنطقة الآمنة”؟
يضيع السؤال في زحمة الموت، والبارود، والاتفاقيات، والخطابات، كما ضاعت أشياء كثيرة على السوريين في حرب السنوات التسع( حتى اليوم) ، هل يريد اللاجئون السوريون بتركيا العيش في “المنطقة الآمنة”؟
وفي وقت تسعى فيه تركيا إلى إنشاء “منطقة آمنة” في شمال سوريا لتوطين مليوني سوري فيها، تختلف آراء اللاجئين السوريين في تركيا حول هذه المنطقة، بين من يراها “فرصة للعودة” وبين من يعتبرها تهدف لإجراء “تغيير ديموغرافي”.
وأجرى موقع “مهاجر” الذي يعنى بأخبار اللاجئين، تقريرا حول رأي السوريين اللاجئين في تركيا، وخلص إلى أن اراء الناس في واد، وما تأخذه إليهم السياسة في واد اخر.
“لن أعود لأعيش في بيت عائلة أخرى تم تهجيرها من أرضها”، يقول اللاجئ السوري هشام ح. الذي يعيش في اسطنبول منذ عدة سنوات، تعليقاً عما إذا كان يريد العودة إلى سوريا والعيش في “المنطقة الآمنة”.
ويضيف هشام: “أنا عربي لكنني أعرف أن غاية تركيا من إنشاء هذه المنطقة ليست سوى تحقيق هدف قديم لها وهو القيام بتغيير ديموغرافي فيها من أجل إنشاء حزام عربي بينها وبين الأكراد”،
وقال: “لا أحب حزب العمال الكردستاني وجماعته في سوريا، لكن الوضع في المنطقة مستقر نسبياً، وأخاف أن يؤدي الهجوم التركي إلى تكرار ما حصل في مناطق أخرى من تهجير للمدنيين”.
وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت، يوم الخميس الماضي، عن بدء انسحاب القوات الكردية من المناطق السورية القريبة من الحدود التركية، بموجب اتفاق تم التوصل اليه بين تركيا وروسيا في مدينة سوتشي.
وتنص مذكرة التفاهم التركية الروسية على ان تتكفل الشرطة العسكرية الروسية وقوات حرس الحدود السورية بإبعاد مقاتلي “وحدات حماية الشعب” لمسافة 30 كيلومترا من الحدود خلال 150 ساعة.
وكانت قال أردوغان إن تركيا تعتزم توطين مليوني شخص في “المنطقة الآمنة” المزمعة، والتي قال إنها ستمتد شرقاً من نهر الفرات في سوريا إلى الحدود العراقية.
بالمقابل، وثقت منظمة العفو الدولية في تقرير نشر عام 2015،”الانتهاكات التي ارتكبتها وحدات حماية الشعب من تهجير للمدنيين في بعض المناطق”، والتي هي ما تجعل اللاجئ السوري مصعب يرى “المنطقة الآمنة” التي تريد تركيا إنشاءها “فرصة لعودة المدنيين الذين تم تهجيرهم”.
يقول مصعب الذي يعيش في مدينة ماردين “أخي محامٍ تم تهجيره ويعمل الآن في محل للإكسسوارات في تركيا، بالتأكيد ستكون المنطقة الآمنة فرصة له ليعود ويمارس مهنته، مثله مثل كثيرين”.
ومن الذين يريدون العودة، اللاجئة السورية أم حامد. تقول أم حامد : “أريد أن أعود لأؤدي رسالتي فأنا معلمة لغة عربية، تخرجت في عام 2014، لكن لا يمكنني الْعمل في تركيا”، وتضيف: “لقد اشتقت إلى عائلتي وأخواتي في سوريا”.
أما اللاجئ السوري أبو محمد، الذي يعيش في مدينة ديار بكر، فلا يريد العودة إلى “المنطقة الآمنة”. يقول اللاجئ الثلاثيني “لن أعود بسبب أولادي، فهم يذهبون للمدارس وقد تعلموا التركية واندمجوا في المجتمع”
ويتساءل: “لماذا سأعود إلى منطقة البنية التحتية والخدمات فيها أسوأ من تلك المتوفرة في المنطقة التي أعيش فيها؟”، ويضيف: “الإنسان يسعى إلى الاستقرار فلماذا أحكم على نفسي بالسجن؟”.
وتؤكد تركيا على أنها لا تسعى لفصل “المنطقة الآمنة” التي تريد إنشاءها عن سوريا.
ويستبعد أبو محمد أن تقوم تركيا بإجبار اللاجئين الذين يعيشون فيها على العيش في “المنطقة الآمنة” المزمع إنشاؤها، ويوضح:”العودة تتم تحت اسم العودة الطوعية، لكنها تأتي نتيجة ضغط على بعض اللاجئين وليس كلهم، كما حصل في اسطنبول ومحافظات أخرى”.
وزادت السلطات التركية الضغوطات على اللاجئين السوريين في الآونة الأخيرة، حيث قررت اسطنبول ترحيل اللاجئين غير المسجلين فيها إلى المدن التي سجلوا فيها عند دخولهم.
ويرى أبو محمد أن هدف “المنطقة الآمنة” الأساسي هو “توطين أي موجات نزوح مقبلة من إدلب والمناطق المحيطة بها”
ويتفق معه اللاجئ السوري هشام، الذي يرفض العيش في “المنطقة الآمنة”، ويقول: “إذا كان هدف أردوغان هو حماية المدنيين وإعادة الأمان حقاً، فلماذا لا ينشئ المنطقة الآمنة في إدلب مثلاً، عوضاً من أن يقوم بتوطين ابن إدلب في أرض شخص آخر”.
لكن اللاجئ السوري مصعب يؤكد على ضرورة مراعاة حق المواطن السوري في أن يعيش في أي مكان يريده، عندما لا يكون ذلك تعدياً على حقوق مواطنين آخرين، ويختم: “تركيا لن تستطيع أن تنزع أهل المنطقة من أرضهم مهما فعلت”.
تلفزيون الخبر