يُحيل الألم أملاً .. “وي كير” فريق شبابي متكامل لمساندة أطفال السرطان في اللاذقية
بهدف تخفيف ألمهم أثناء الجرعات الكيميائية، وزرع بسمة على وجوههم الملائكية التي لا يليق بها إلا الفرح، يتابع فريق “وي كير” مساعدة الأطفال المصابين بالسرطان في شعبة المعالجة الكيميائية والشعاعية في مشفى تشرين باللاذقية.
المبادرة المبنية على أساس “إنساني بحت”، أطلقها في نيسان الماضي مجموعة من طلاب السنة الخامسة في كلية الطب البشري، بعد معاينتهم عن قرب لواقع الأطفال في المركز، واكتشافهم غياب الدعم المادي والمعنوي لهم.
ويتألف فريق “وي كير” من عدة أقسام، يأتي في مقدمتها “العلاقات العامة” الذي يؤدي عدة مهام رئيسية تتجسد بتأمين الأدوية، حيث يعاني مركز الأورام من نقص حاد وانقطاع في الأدوية العلاجية سواء الأساسية منها أم البسيطة، والتي ينبغي توافرها في أي مستشفى.
وقال مشرف العلاقات العامة في الفريق، حنا عريجان (طالب طب سنة خامسة)، لتلفزيون الخبر : “يتولى القسم دور التشبيك مع الصيدليات ومستودعات الأودية لتأمين الأدوية بسعر التكلفة، خاصة أن معظمها مرتفع السعر ومفقود في المركز”.
وأشاد عريجان بـ”التسهيلات التي تقدمها بعض الصيدليات ومستودعات الأدوية من أجل تأمين الأدوية التي يحتاجها أطفال المركز بأسرع وقت ممكن، ولا سيما عند معرفتهم بالفريق وأهدافه”.
وأضاف عريجان أن “القسم لا يتكفل فقط بتأمين الأدوية التي يحتاجها الأطفال، وإنما يعمل على تسديد مستحقاتها المادية من خلال الأموال التي يجمعها قسم المالية”.
ولفت عريجان إلى أن الفريق “يحاول مستقبلاً استهداف أكبر شريحة ممكنة من أطفال السرطان، لتقديم الدعم لهم على مختلف المستويات المعنوية منها والمادية، وتأمين كامل الجرعات الدوائية”.
أما “قسم المالية” في الفريق، انطلقت فكرة تأسيسه للمساعدة في تأمين المال من أجل الأدوية والمستلزمات الأخرى التي يحتاجها الفريق، بحسب عريجان.
وبدأ قسم المالية عند إطلاقه منذ 6 أشهر، بجمع 100 ليرة سورية شهرياً من طلاب الطب البشري في السنة الخامسة، بهدف الوصول إلى مبلغ 60 ألف ليرة.
واستهدف القسم في خطوته المبدئية تأمين جرعتين دوائيتين للأطفال الموجودين في المركز البالغ عددهم 65، يحتاج كل منهم جرعتين أو ثلاثة شهرياً.
واتسع نطاق التبرعات في الأشهر التالية، ليشمل بقية طلاب الطب البشري والمعارف والأقارب وكل من سمع بالفريق ورغب بتقديم العون المادي مهما كانت قيمته، للمساهمة في علاج الأطفال، حيث نجح الفريق مؤخراً بتأمين 6 جرعات دوائية للأطفال شهرياً.
أما فكرة قسم “الدعم النفسي” في “وي كير”، فانطلقت من أهمية العامل النفسي كجزء أساسي في العلاج والاستجابة للدواء وبالتالي تسريع عملية الشفاء.
ويزور قسم الدعم النفسي الأطفال في مركز المعالجة 3 مرات أسبوعياً، بهدف تخفيف الألم عنهم أثناء الجرعات التي تنهك أجسادهم وتتعبهم نفسياً مع أهاليهم.
وشددت مشرفة الدعم النفسي في الفريق، ماوية الخيِّر (طالبة طب بشري سنة خامسة) لتلفزيون الخبر على “أهمية العامل النفسي في العلاج، ولا سيما أن الأطفال المصابين بالسرطان يعانون من ألم كبير أثناء الجرعات الكيميائية، وتنتابهم مشاعر الحزن والتعب ما يؤثر على معنوياتهم بشكل سلبي”.
ولتحقيق الهدف المذكور، “يقدم القسم عدة نشاطات متنوعة تشمل الرسم والتلوين وسرد القصص وإقامة مسرح تفاعلي وغنائي، بالإضافة إلى الحفلات وتوزيع الهدايا خاصة في فترات الأعياد”، بحسب الخيِّر.
وأضافت مشرفة الدعم النفسي أن “القسم يتولى أيضاً مهمة تشجيع الأطفال المصابين بالسرطان على تقبّل أنفسهم، من خلال إخبارهم بأن ما يمرون به هو فترة مؤقتة سيعودون بعدها إلى حياتهم الطبيعية”.
وبينت الخيِّر أن “معظم الأطفال المصابين بالسرطان يفقدون ثقتهم بنفسهم لا سيما بعد خسارتهم لشعر الرأس والحواجب، إثر تلقيهم الجرعات الكيميائية، لذلك نحاول رفع معنوياتهم والتأكيد لهم بأن شعرهم سيعاود النمو بمجرد انتهاء الجرعات”.
وأشارت الخيِّر إلى أن “نسبة الشفاء من سرطانات الأطفال مرتفعة جداً، في حال تآزرت عدة عوامل مع بعضها، وهي الكشف المبكر والبدء بالمعالجة الدوائية السريعة وأخيراً الاهتمام بالجانب النفسي المتمثل برفع معنويات الأطفال وذويهم”.
وقال والد أحد الأطفال الموجودين في شعبة المعالجة الكيميائية والشعاعية في مشفى تشرين باللاذقية لتلفزيون الخبر أن “الفريق يؤدي دوراً كبيراً في تخفيف صعوبة الوقت على الأطفال، حيث يحاول أعضاءه نشر الفرح بينهم وإشغالهم بنشاطات مختلفة تنسيهم الدواء ومضاعفاته”.
وأضاف أن “وي كير” يقدم كذلك مساعدة كبيرة للأهالي المتواجدين مع أطفالهم، حيث يشعر أنه ليس وحيداً وهناك من يمكنه الاتكال عليه ومشاركته مشاعره وأفكاره”.
أما قسم “الإعلام” في فريق “وي كير” فيتولى مهمة إدارة صفحات الفريق على وسائل التواصل الاجتماعي على “إنستغرام” و”فيسبوك”، ونشر صور النشاطات المختلفة ووصل المتبرعين عبر الصفحات مع فريق التبرعات.
ويوجد في الفريق قسم آخر يعنى بالأرشفة، حيث يحفظ فيه الأعضاء جميع الواردات والصادرات ورقياً وإلكترونياً، متضمناً بذلك تفاصيل التبرعات ومصاريف الفريق بأدق صورة ممكنة.
ويستعد فريق “وي كير” لإطلاق قسم “التثقيف الصحي والتوعية”، بهدف إقامة حملات توعوية عن مرض السرطان بشكل عام، وسرطان الأطفال بشكل خاص.
وجاءت فكرت تأسيس القسم انطلاقاً من المفاهيم الخاطئة في التعامل مع المرض وتعامل الأهل مع طفلهم من جهة والعاملين في المركز معهم من جهة أخرى.
ويتولى القسم أيضاً مهمة تصحيح المفاهيم الصحية المتعلقة بالعادات الغذائية لمرضى السرطان، حيث يمنع الأهل أطفالهم على سبيل المثال عن تناول السكر بحجة أن الخلايا السرطانية تتغذى عليها وهو أمر منفي علمياً.
وركَّز فريق “وي كير” المؤلف من 70 عضوا “على ضرورة قدوم الناس إلى المركز والاطلاع على واقع الأطفال فيه، ومعرفة النقص الكبير الذي يحتاجونه سواء من ناحية المعدات والتجهيزات أو الأدوية”.
وعن الرسالة التي يحاول توجهيها للشباب والمجتمع، أكد فريق “وي كير” أن “بعد سنوات الحرب التي مرت بها البلاد نحن بأمس الحاجة إلى مختلف أنواع التكافل الاجتماعي لتحسين الواقع”.
وأضاف الفريق أنه “لا بد من شبك أيدينا ببعضها ومؤازرة مؤسسات الدولة، بهدف سد الهوة الموجودة في القطاعات المختلفة ومستلزماتها”.
وأكد أعضاء الفريق أن “أي مبادرة يقوم بها الفرد مهما كانت بسيطة، إلا أنها تصنع فرقاً وأثراً مع مبادرة أفراد آخرين، مهما اختلفت مواقعهم أو أعمارهم أو مهنتهم”.
كأنهم “أسرة واحدة”، تجسدّت في يد وقلب واحد على أرواح يانعة أتعبها المرض وأجساد غضة حرقتها نار الجرعات، يعمل فريق “وي كير” منطلقاً من “إنسانيته” في مشاركة الألم ونشر الفرح، عله يكون “الضلع الثابت” لأطفال لا يملكون خياراً إلا المواجهة والانتصار على المرض “الخبيث”.
توفيق بيطار – تلفزيون الخبر