اختبار الترشيح لامتحان الشهادة الثانوية.. أحلام أجلتها الحرب والظروف
فرصة لمستقبل علمي أفضل، ورغبة في إثبات الذات وتحدي الظروف، جمعت من تقدموا يوم السبت إلى الاختبار الترشيحي للثانوية العامة الحرة بفرعيها العلمي والأدبي لعام 2020، ومن مختلف الأعمار بدءا من مواليد عام 2002.
قصص كثيرة تسمعها من الطلاب المنتظرين أمام المراكز التي حددتها مديريات التربية في كل محافظة، عن رغبتهم في إتمام تعليمهم الجامعي أو تعديل أوضاعهم، أو حكايات قاسية عن سنوات ثمان سرقت من أعمارهم، جاعلة الحصول على شهادة تعليم ثانوي مشروعاً مؤجلاً حتى تغير الأحوال.
وتشبه قصة روان ابنة الثامنة وعشرين عاماً، قصة كثيرات منعهن الزواج في عمر مبكر من إتمام تعليمهم، بعد أن تم الحكم عليهن “بعدم الصلاحية للتعلم” من قبل من حولهم من أهل وأقارب ودفاتر علامات المدرسين، أو نتيجة الاعتقاد السائد بأن “البنت لبيت زوجا”، فحرمن من إتمام تعليمهن لتكتشفن فيما بعد بأنهن قادرات على الأمرين معاً.
وتقول روان لتلفزيون الخبر ” تزوجت صغيرة، ولم أجد فرصة لإتمام تعليمي ونيل الشهادة الثانوية، خاصة مع إنجابي ثلاثة أولاد واعتقادي واعتقاد من حولي بأنه لاوقت للتفكير بالتعليم”.
وتتابع روان ” بعد عشر سنوات عاودتني رغبة في متابعة تعليمي، خاصة أن معظم صديقاتي تعلمن وتزوجن وأنجبن وبعضهن تعملن أيضاً، فلماذا لا أقدر أنا؟ هيأت نفسي للاختبار جيداً وأتمنى أن أحظى بهذه الفرصة هذا العام”.
“بكاء ابني ذي السنوات الست كلما وقفت حائرة أمام أحد الأسئلة الواردة في كتابه المدرسي، جعلني أقطع له وعداً بنيل الشهادة الثانوية ودخول الجامعة لأصبح معلمته ذات يوم، لم أكن أحب الدراسة أبداً، لكنني لم أتخيل أن أعيش هذا الموقف”، بهذه الكلمات تجيب رهف عن سبب تقدمها للامتحان بعد بلوغها الثلاثين.
وتتابع رهف ” المناهج الدراسية اليوم صعبة على من لم ينل الشهادة الثانوية على الأقل، وانقطع عن التعليم سنوات كثيرة، عليّ تعويض بعض مما فاتني، وأشعر بأن لدي دافع قوي اليوم”.
وفي الوقت الذي تسعى فيه هيفاء إلى تحسين وضعها الوظيفي بنيل الشهادة الثانوية، تروي أسماء حكاية آلاف من السوريين ممن أحرقت الحرب سنواتهم وأحلامهم، وأجلتها قسرياً حتى إشعار آخر.
أسماء القادمة من البوكمال، تتأسف على ضياع سنوات من حياتها بين التهجير وعدم الاستقرار الذي عاشته مع أسرتها، ما حرمها من الدراسة التي تحب، وتقول:” كنت طالبة ذات مستوى جيد، وحلمت يوماً بدراسة اللغة الانكليزية”.
وتضيف أسماء ” إلا أن نزوح أسرتي إلى حمص وبعدها اللاذقية وأخيراً دمشق، جعل متابعة تحصيلي الدراسي شبه مستحيل في ظل عدم الاستقرار وتقلب أوضاعنا الاقتصادية”.
وتتابع ” كان من المفترض أن أكون متخرجة من الجامعة الآن، وأجد نفسي مضطرة للخضوع لاختبار لنيل فرصة التقدم لامتحان الشهادة الثانوية، حصلت على تعاطف ومساعدة كبيرة من صديقاتي هنا في تأمين الكتب والملخصات وشرح الدروس، وعازمة على تحقيق ما أتمناه رغم تأخري”.
وتحكي رويدة قصتها وشقيقها الذي يتقدم هو الآخر للاختبار بنفس الوقت، وتقول ” لم تؤهلني درجاتي في الشهادة الإعدادية لدراسة الفرع العلمي أو الأدبي، واضطر أخي بعد استشهاد أبي في أحد التفجيرات للعمل وإعالتنا، فترك دراسته هو الآخر”.
وتردف رويدة وهي ابنة عائلة مؤلفة من ستة أشخاص تقطن أحد الأحياء الشعبية في العاصمة دمشق ” شجعني أخي على نيل الشهادة الثانوية للفرع الأدبي بعد أن حاولت العثور على عمل لمساعدته، فاتفقنا على الدراسة ونيل الشهادة الثانوية معاً، وهذا ما سعينا له خلال الأشهر القليلة الماضية”.
وكانت وزارة التربية أجرت السبت 19 تشرين الأول اختباراً ترشيحياً لامتحان الشهادة الثانوية العامة بصفة دراسة حرة بفرعيها العلمي والأدبي، في المراكز المعتمدة من قبل مديريات التربية في المحافظات.
وبينت في التعليمات التي عممتها حول التسجيل للاختبار أن ” الاختبار يجري في مراكز المدن حصراً، ويتم وفقاً للمنهاج الحديث أو القديم، وذلك تبعاً للمحافظة التي يتم التقديم فيها”.
رنا سليمان – تلفزيون الخبر