بعيداً عن التكنولوجيا .. طرق تقليدية موروثة تُستَخدم في الريف السوري لتوقع أحوال المناخ
رغم ما توصلت إليه الوسائل العلمية الحديثة من طرق تعتبر دقيقة لتوقع الأحوال الجوية خلال عدة أيام، يلجأ المزارعون خاصة في الريف السوري إلى طرقهم الخاصة التي تعتمد التقويم الشرقي لحساب الطقس، ويثقون بهذه الحسابات التي كثيراً ما تكون صحيحة.
ويهتم الفلاحون والمزارعون بشكل خاص بأحوال الطقس خلال العام بأكمله، لتساعدهم في الزراعة وجني المحصول، ومن أبرز الطرق المتبعة لديهم “البواحير”، والتي يعتمدها كبار السن بشكل خاص حتى يومنا هذا.
والبواحير عملية تقليدية لاستكشاف أحوال الطقس طيلة عام كامل، وتقسم إلى قسمين؛ شرقية وغربية، وتبدأ وفق التقويم الغربي في 14 أيلول من كل عام، أما بحسب التقويم الشرقي فتبدأ في 27 أيلول.
وتتلخص البواحير في مراقبة الطقس ابتداء من 14 أيلول، ولمدة 12 يوماً تمثل أشهر السنة القادمة، وفق التقويم الغربي، ومن 27 أيلول ولمدة 12 يوما مماثلة وفق التقويم الشرقي.
من خلال مراقبة حركة الرياح وهبوبها وبرودتها وشدتها واتجاهها ورطوبتها، وكذلك مراقبة الغيوم ولونها وعلوها وكثافتها ومراقبة الرطوبة والصقيع والندى والحرارة، لتحديد كيف ستكون أحوال الطقس المقبل طيلة عام.
ويعمد البعض إلى استخدام طريقة قياس الطقس بواسطة الملح، من خلال وضعه على 12 ورقة توت تمثل أشهر السنة، وتتم مراقبة الأوراق قبل بزوغ فجر اليوم التالي، وذلك خلال الأيام الإثني عشر الممتدة من 14 أيلول حتى 26 منه، ومن 27 أيلول حتى 8 تشرين الأول.
وإذا كان الملح جامداً يكون البرد قارساً، وإذا ذاب الملح فالشهر يخبئ أمطاراً وافرة وإذا لم يتغيّر حال الملح فالطقس سيكون صافياً.
كما أنّ بعض المزارعين يضعون ورقة تين خضراء كلّ يوم بعد 14 أو 27 أيلول، وتُحسب حالة كلّ ورقة ليوم كامل عن شهر، أي إذا ما يبست أو ترطّبت أو ظهرت عليها نقاط الندى، فمن خلال ورقة التين يحددون حالة الطقس القادمة.
ويسخر البعض من هذه الطريقة ويعتبرونها بدائية لحساب الطقس، خاصة بعد التقدم العلمي والمعطيات الدقيقة التي توفرها الأرصاد الجوية.
وترتبط البواحير بالروزنامة الزراعية في المنطقة، أما سبب بدايتها في الرابع عشر من أيلول بالتزامن مع عيد الصليب عند الطوائف المسيحية، فيرجع إلى أن هذا الوقت يمثل نهاية عملية لفصل الصيف وبداية موسم المطر.
وكان الفلاحون يترقبون أحوال المناخ في السنة المقبلة، ويتوقعونها من خلال البواحير وكل همهم أن تحمل السنة القادمة مجموعة من “العيانات” وهو تعبير محلي يستخدم للتدليل على بداية ونهاية المطر.
حيث يقومون بفلاحة الأرض بعد العيانة الأولى، ويسمونها “كسارة”، ثم يقومون بفلاحتها مرة أخرى في الربيع، ويسمونها “تناية”، ومن هنا تأتي أهمية ترقب أحوال المناخ من خلال البواحير في ذلك الزمن للتمكن من التحكم بفعل الزراعة والتأكد من نجاحه.
وهناك طريقة تقليدية أخرى لمعرفة أحوال الطقس عند أهل الساحل بشكل خاص يطلق عليها “مطبوخ الروم”، وإذا كانت البواحير تعنى بأحوال الطقس لسنة واحدة فإن طريقة “مطبوخ الروم” تحدد توقعات لحالة الطقس لسنوات قادمة وليس لسنة واحدة فقط.
ويحافظ البعض على هذه الحسابات من قبيل التمسك بثقافة تقليدية ورثوها من الآباء والأجداد، واللافت أنها كثيراً ما تصح رغم عدم اعتمادها بشكل رسمي.
تلفزيون الخبر