عرض “طمّيمة” لـ”عروة العربي”.. الاختباء وراء “العشق المزيف” أو الخيانة
يحكي عرض “طمّيمة” الذي أخرجه “عروة العربي” عن نص لـ”شادي كيوان” عن ثلاثة أصدقاء جمعتهم الحياة والذكريات والحب، وبفعل الحرب اختبأ “سيف.. يزن الخليل” في غرفته، و”ياسر.. كفاح الخوص” في غُربَتِه، و”حسام.. كرم الشعراني” في بَدْلَتِه الرسمية، وذلك لأن ثلاثتهم خانوا كلٌّ على طريقته.
وفي الغرفة الفقيرة التي جمعتهم بعد سنتين من الفُراق بحكم الظروف، تتكشف ملابسات خيانة كل منهم، بعد أن اعترف “سيف” بحبِّه لـ”ليلى.. مرح حسن”، وهي في الوقت نفسه خطيبة صديقه “طارق”، ويتودَّد لها “حسام” بنوع من الشهوانية، لتصبح تلك المعشوقة بمثابة ليلى الحكاية المعروفة، لكنها مُلاحَقَة من ذئاب كثيرة، تختبئ منهم، ولا مهرب لديها نهائياً.
“سيف” يُداري إحساسه بالذنب من خلال الصمت، ويُحاول ألا يزيد الموضوع تعقيداً، بعدما داهمه صديقاه من دون موعد، وكانت “ليلى” في ضيافته بعد جلسة تصوير تحت المطر، فاختبأت هي الأخرى في الخزانة، وكي تتكثف مصائد القدر يقوم الصديقان بدعوة “نايا.. مرح حجاز” حبيبة “سيف” السابقة للاحتفال بعيده ميلاده المصادف ذاك اليوم.
وبعد مشاحنات ترافقت مع الشرب، يتضح أن “طارق” العائد من ألمانيا تزوَّج هناك، ولا يشعر بأي إحساس غريب تجاه “ليلى” التي تنتظره، وما زال راغباً بها، أما “حسام” فيُريدها “صاحبة” له بعدما أصبح صاحب “بار محترم خمس نجوم” وأحد المستفيدين من الحرب، ليبقى “سيف” هو الأصدق بمشاعره، لكن خوفه المسيطر عليه يجعله خاسراً أكثر من الجميع.
ورغم واقعية الأحداث والديكور والإضاءة والشخصيات والأداء التمثيلي إلا أن عرض “طمّيمة” نحا في كثير من حواراته إلى ملامح رمزية، تجعل من “ليلى” وطناً، بمعنى من المعاني، لأولئك الأصدقاء الثلاثة، الذين لم يخلصوا له، ولم يكونوا أوفياء لجَمالِه ومحبَّته، فكانت النتيجة اختفاء “ليلى” بعد اختبائها، ليكون الجميع خاسرين، في إحالة إلى أن من يخسر وطنه لا يمكن أن يربح نهائياً.
وما زاد من تأثير هذا العرض هو الأداء المتقن للممثلين الذين برعوا على مدى ساعة وربع في شدِّ الجمهور إلى تفاصيل الحكاية، في تلك الغرفة التي أصابتها في النهاية الفوضى، بفعل الهمجية التي تحوَّل إليها الأصدقاء في تحوّلات شخصياتهم، وصراعهم المرير خلال تسويغهم المستمر لخياناتهم المخجلة.
وعن عرض “طميمة” عموماً، وكيف تم التأسيس له قال كاتب نَصِّه “شادي كيوان” لتلفزيون الخبر: بدأت فكرته بالشراكة مع المخرج منذ شهور، إذ كنا بطور البحث عن نص ليشتغل عليه “عروة العربي”، ويكون مختلفاً عن الأنواع التي عمل عليها سابقاً، والتي لها علاقة بالغروتيسك والسيركوي “من السيرك” والكلاسيك، وهكذا برزت فكرة عرض واقعي، ثم باتت حكاية، لنبدأ بعدها بكتابة النص المسرحي “عشق” الذي تحول فيمما بعد إلى “طميمة”.
وأضاف “كيوان”: كتابة النص الواقعي من أصعب أنواع الكتابة، فهناك نظرية لهيتشكوك تقول “على المشاهد أن يحس بأنك تشبهه، ولا يجب أن يحس أنه قادر على الوقوف مكانك”، وهذا الموضوع خطر على صعيد الكتابة وعلى صعيد أداء الممثل، لذا كنا نتناقش أنا وعروة، بكل مشهد، لنصل إلى مرحلة تصبح فيها الشخصية تقول أفضل ما يمكن أن تقوله ضمن هذا الموقف، ولتتصرف بأفضل شكل.
وأوضح كاتب “طمّيمة” أنه كان ثمة جلسات نقاش حول النص واقتراحات الشخصيات وتاريخها، إلى جانب ما أضافه “كفاح الخوص” كدراماتورج على النص بلغته الجميلة، قائلاً: كان هناك خوف كبير من نتيجة تلقي هذا المشروع لأنني أول مرة أكتب نصاً واقعياً، وأحسستها مهمة صعبة ومربكة، والذي سهَّلها هي آلية الشراكة مع “عروة” الذي أتقاطع معه بآلية التفكير غير الكلاسيكية.
التَّخوف الثاني بحسب “كيوان” هو نوع العرض الواقعي، لأن الناس يحبون الاستعراض واللعب الإخراجي، أما في “طميمة” فالنص فيه ظرف طبيعي وحياتي، لكنه موضوع على نار تغلي، وهو ما انعكس على الجمهور، حيث كانوا يتساءلون كيف ستواجههم “ليلى”؟ ومتى ستنفجر في وجههم جميعاً؟ ولماذا لم تخرج من اختبائها حتى الآن؟ وهل ما زالت هناك؟ …
يذكر أن العرض مستمر على مسرح القباني حتى الثاني عشر من أيلول وصمم له الديكور “محمد كامل”، إضاءة: أدهم سفر، أزياء: رزان أحمد، إعلان: زهير العربي، فوتوغراف: حسين صوفان، مؤثرات صوتية: حنان سارة.
بديع صنيج – تلفزيون الخبر