أساطير عن نشوء جزيرة أرواد السورية
اعتاد الإنسان نسج القصص والحكايا وابتداع الأساطير حول كل ما هو غريب بالنسبة له، وحظيت الظواهر الطبيعية غير المألوفة في فترة ما من التاريخ، بتفسيرات أسطورية يمتزج فيها الخيال والجمال والتشويق، وتناقلتها الحضارات.
جزيرة أرواد، الجزيرة الصغيرة الوحيدة المأهولة على الساحل السوري، ورغم أن العلم والجغرافيا يقولان إنها كانت يوما قطعة من البر وانفصلت عنه نتيجة عوامل طبيعية، أو حادث طبيعي كزلزال مثلاً، فإن التاريخ يتداول أسطورتان جميلتان عن نشوئها، تذكرهما مصادر عدة.
تقول الأولى إن شاباً ركب البحر في طلب الرزق، ومرت الأيام ولم يرجع، فقلقت عليه خطيبته الحسناء، وخرجت تسأل عنه في لهفة كل عائد وذاهب، حتى التقت برفيق له فأنبأها أنه ذهب ضحية جنيات البحر، فقد أحطن بمركبه ذات يوم وأخذن يتجاذبنه حتى غرق.
لكن الفتاة المسكينة (خطيبته) لم تصدق وأخذت تبتهل للآلهة كي تعيد إليها حبيبها، ومضت الأيام وهي تندب حظها وتنشد أغاني الحنين وتنتظر الغائب حتى يعود.
وكان الشاب أسيراً لعرائس البحر، فسمعت ملكتهن بحزن الخطيبة المسكينة ولهفتها، فرثت لحالها، وبعثت لها مع طير الماء رسالة تقول لها إن غائبها سيعود إليها قريباً، ثم طلبت الملكة إلى إله البحر أن يصنع للخطيبين مكاناً يلجآن إليه في أمن من حادثات الزمن.
فصنع لهما الإله الرحيم جزيرة ليست في غير بلاد، بل في موقعها، وهكذا وجدت أرواد على مقربة من الشاطئ السوري.
أما الأسطورة الثانية فتحكي بأن “أرواد” كانت ابنة شرعية للإله بعل (إله البر)، وكان هناك يم (إله البحر)، والصراع قائم بين الإلهين، ووأعجبت أرواد بإله البحر (اليم) فهربت إليه وارتمت في أحضانه مؤثرة البقاء عنده إلى الأبد وما زال أبوها (بعل) يناديها إليه ولم تجب.
وبعيداً عن الميثولوجيا القديمة، كانت الجزيرة موقعاً عسكرياً أدركت الحضارات المتعاقبة أهميتها، فبني فيها القلعة الساحلية (البرج الأيوبي)، وهو أول ما يشاهده الزائر لأرواد وهو في البحر عندما يقترب من الجزيرة.
وللقلعة مدخل رئيسي واحد، ينفتح الباب على بهو وهذا بدوره يؤدي إلى باحة مكشوفة يصعد إلى السطح بواسطة سلم حجري ضيق، ويزيد في تحصينها برجان من الجهة الغربية بالإضافة إلى مرامي النبال.
وهناك المرفأ ويقع في الجهة الشرقية من الجزيرة ويقسم إلى قسمين، كذلك هناك سور أرواد والقلعة المركزية التي تقع في وسط الجزيرة ويعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر، يصعد عليها من درج جانبي لضرورات حربية.
وتسمى القلعة هذه معقل الأحرار، حيث اتخذها الاستعمار الفرنسي أثناء وجوده فيها سجناً للثوار، وحولتها مديرية الآثار العامة متحفاً خاصاً للجزيرة.
يذكر أن كلمة أرواد يونانية، ويقابلها بالفينيقية آراد وتعني الملجأ ، وهي مسكونة منذ زمن قديم، لكن استمرار هذا السكن على مساحة ضيقة لم يسمح بمعرفة التأريخ بدقة، لأن أرضها صخرية ومن دون طبقات، مرصوف بعضها فوق بعض ولصعوبة التنقيب، فيها بسبب أبنيتها المكتظة.
رنا سليمان- تلفزيون الخبر