هل تعلم أن أصل كلمتي ” أيلي” و”هنه” أوغاريتي؟
يمتاز أهل الساحل بمجموعة من المفردات الريفية الغريبة اللفظ بالنسبة للغة العربية الفصحى، والتي تحولت مع الأيام لتضفي طابعاً خاصاً على المنطقة، دون أن يكون بعلم الكثيرين أن هذه الكلمات تعود أصلاً للغة الأوغاريتية.
ويورد أحد المواقع الخاصة بالتراث السوري، أن “هناك تشابهاً كبيراً بين اللغة الأوغاريتية (نسبة إلى أوغاريت)، منذ 1500 ق.م، واللهجة العامية حالياً في الساحل السوري وفي اللاذقية على وجه الخصوص”.
ويظهر هذا التشابه جلياً في أكثر من مجال، فهناك بعض المفردات وبعض أشكال من قواعد الصرف بقيت في اللغة المحلية الدارجة من النصوص الأوغاريتية، مثال جملة (شبع بكي).
ويعود إسقاط حرف النون في بعض الكلمات العامية المتداولة إلى اللغة الأوغاريتية، ومن مثال ذلك يقول أهل الريف الساحلي: ( بت) عوضاً نعن (بنت)، (أت) عوضاً عن (أنت)، أف (أنف) حطة (حنطة).
ولازال أهل المنطقة حتى اليوم يقولون “ما فا الدَّجِن بببيتنا”، والمقصود “لا يوجد الدجن في بيتنا”، والدجن اسم آلهة القمح «داجن»، ويُقصد به في اللاذقية الخبز.
ومن الكلمات أيضاً كلمة “عَيّن” والتي تعني انظر، وتستخدم كثيراً في مدن وقرى الساحل السوري، وأصل كلمة “أَيْلِيى” (التي تستخدم في الجبال للتعجب) هو “يا إلاهي”، ومن المعروف أن “إيل” هو كبير آلهة الكنعانيين و من ثم الفينيقيين والياء ضمير المتكلم .
ويعتقد كذلك أن الكلمات العامية التي تنتهي ب “هنه”، وتنتشر في بعض حارات اللاذقية، مثل “أخدوهنه، ضربوهنه، جابوهنه..وغيرها، مأخوذة من الأوغاريتية، حيث كان شعب أوغاريت يضيفها إلى بعض كلماته.
وإلى جانب ذلك هناك مجموعة مفردات أوغاريتية صرفة لاتزال مستخدمة في العامية، مثل : خزق: مزق، إجر: رجل، شلف: رمي، شقل: حمل، دبلان: مريض، كسم : شكل، وغيرها الكثير.
وتكونت أبجدية أوغاريت من ثلاثين حرفاً، وتأخذ شكل الترتيب الأبجدي المعروف (أبجد هوز حطي كلمن)، ولا تختلف عن العربية إلا في غياب الضاد عنها وفي وجود حرف سين ثاني.
أما أبجدية جبيل فدوّنت في القرن العاشر قبل الميلاد ، وهي مكونة من 22 حرفاً وهي تطوير لأبجدية أوغاريت ويقول جبرائيل سعادة (هو علاّمَة في الاثار وكاتب من اللاذقية إنه “لأمر باعث على التأثر أن نفكر بأن أطفال اليوم في عدد كبير من البلدان يتعلمون حفظ الأبجدية بالترتيب الذي اختاره لها كاتب من أوغاريت منذ 34 قرناً من الزمن”.
وحسب ما ذكر مدير متحف اللاذقية جمال حيدر لأحد المواقع “حلت الأبجدية الأوغاريتية بامتياز محل الأنظمة المقطعية الثقيلة السائدة قبل ذلك، وكتبت عدة مئات من الرقم باللغة الأوغاريتية إلى جانب الوثائق الأكثر عددا المكتوبة بالأكادية اللغة العالمية في ذلك العصر”.
ولم يقتصر استخدام الرموز الأوغاريتية على الكتابة بل تعداها إلى استخدام رموزها “في تسجيل سلم موسيقي اعتمده فيثاغورث أصلا للموسيقى الغربية بعد ألف عام من ظهورها في أوغاريت.
ويشار إلى أن اكتشاف موقع أوغاريت الأثري في رأس شمرة جاء عندما اصطدم محراث فلاح بحجارة ضخمة تبين أنها سقف مدفن أثري، وأظهرت الحفريات أن أوغاريت -وهي مأخوذة من أوغارو أي الحقل بالبابلية- تعتبر خامس طبقة أثرية بنيت، حيث تعاقبت على الموقع نفسه خمس طبقات أثرية تعود لأشهر الممالك السورية في التاريخ القديم..
رنا سليمان- تلفزيون الخبر