بدأ نشاطاته في عزّ الحرب.. “المركز الوطني للفنون البصرية”.. الأول من نوعه في الشرق الأوسط
يعتبر “المركز الوطني للفنون البصرية” واحداً من أكبر وأحدث المراكز التخصصية في الشرق الأوسط، المُصممة وفقاً للشروط الدولية المتعارف عليها في صالات العروض الكبرى لاستقبال جميع أنماط الفن التشكيلي والعروض المسرحية وحفلات الموسيقى بما يعطي صفة العصرية للمنتج الثقافي عموماً.
الغرض من إنشاء هذا المركز الذي بدأ عمله في الثلاثين من تشرين الثاني عام 2015 (في عزِّ الحرب على سوريا) ليس فقط عرض الإنتاج التشكيلي، كما يعتقد البعض، ولا مجرد تفعيل حركته الفنية، بل ليكون نقطة ارتكاز ثقافية للانطلاق نحو الناس بكافة اهتماماتهم ومستوياتهم المعرفية.
نشاطات المركز الوطني المستمرة منذ خمس سنوات ستمتد لتشمل، تدريجياً، “ثقافة الشارع”، بحيث يكون انطلاقة الحي الثقافي الجامعي الذي يبدأ من كلية الحقوق وينتهي بدار الأوبرا السورية، متضمناً كل الأنشطة الإبداعية، بما يؤسس لجسر يعيد من خلاله المواطنين إلى ساحات العروض الفنية والثقافية.
يمتد المركز على مساحة 1300 متر مربع كصالة عرض تتسع لثلاث معارض مع بعضها، وفيه قاعة لورشات مساحتها 900 متر مربع يستطيع أن يعمل فيها ما يقارب 150 فناناً في الوقت ذاته، إلى جانب مسرح كبير ومهيأ بكامل التجهيزات الفنية لإقامة نشاطات ثقافية متنوعة بين الموسيقا والمسرح والفن التشكيلي والسينما والندوات وغيرها.
يهدف المركز الوطني للفنون البصرية، إلى إحياء حركة الفن التشكيلي الإبداعي وتفعيلها بما يتماشى مع إيقاع الألفية الثالثة، والتواصل مع الحركات التشكيلية العربية والعالمية، وأيضاً تسخير “فن البصريات” للثقافة والتربية الاجتماعية، مع إعادة إنماء الذاكرة الجمعية للفن التشكيلي السوري.
ومن أهدافه أيضاً البحث عن المواهب بين الفنانين الشباب وطلبة كلية الفنون الجميلة والعمل على تبنيهم ودعم وتطوير ملكاتهم الفنية، إلى جانب إقامة ندوات ثقافة حول الفن وتأثيره في ثقافة المجتمع، فضلاً عن طباعة البحوث الفنية النظرية لملء فراغ المكتبة السورية بهذا الحقل.
ويقيم المركز ورشات عمل تتعلق بالنقد الفني وعلوم الفن، كما تبنّى تقليداً سنوياً يقوم من خلاله بتقديم منح على شكل مساعدات مالية للموهوبين، بعد الاطلاع على مشروعهم الفني، والعمل لمدة سنة، ومن ثم إقامة معارض مشتركة لهم.
والمميز في المركز الوطني أن التخطيط لنشاطاته لا يعتمد مبدأ الصدفة، بل إن رؤية القائمين عليه، وعلى رأسهم الأستاذ “غياث الأخرس” رئيس مجلس الإدارة، تعتمد استراتيجية ثقافية في اختيار الأمثل من المعارض وحفلات الموسيقى والندوات…، والأهم أن كل تلك النشاطات خاصة بالمركز ولم تُعرض سابقاً في أي مكان.
والسياسة المتبعة في اختيار النشاطات تنضوي تحت تعبير الأستاذ غياث لتلفزيون الخبر “إننا نريد فنّاً وليس مجرد أسماء فنية، فالمركز ليس دكّانة للفنون، بل مكان للإشعاع الحضاري، القائم على الحوار بحرية، وهو ليس مكاناً تعليمياً بقدر ما هو تحفيزي وتشجيعي وحواري للنهضة بالفن والثقافة”.
يقول رئيس مجلس إدارة المركز: “هذا التصور العلمي الحضاري فتح صراعاً مع الجغرافيا التشكيلية السورية القائمة أساساً على الشللية. طبعاً هذه الشللية مالية اقتصادية مَصْلَحِيّة، وليست مؤسِّسة لاتجاهات ثقافية، كما يحصل في معظم دول العالم المتحضر، فليس فيها حوار الندّ للند، وهو ما خلق عداءً للمركز من قبل بعض الفنانين لأنه لم يتناسب مع مصالحهم”.
ويضيف الأخرس: “لا يمكن لشيء أن يتحقق، ولا لهذا المركز أو غيره أن يزدهر إن لم يكن هناك تخطيط، فأي مشروع بحاجة لركائز علمية، لذلك عندما تريد أن تنشئ صالة أو مركز أو أي مشروع ثقافي ينبغي أن تضعه بين يدي مُختصين، وباعتقادي هنا مقتل وزارات الثقافة المتعاقبة، “غياب المشروع الثقافي” وعدم وجود أُناس أهل لتأسيس هكذا مشروع”.
يتابع الأستاذ غياث: “هذا المركز تم الاشتغال عليه ضمن حربٍ لم تستطع منعنا من أن نصنع حاضرنا، ولن تستطيع أن تمنعنا من صناعة مستقبلنا، وبناء عليه يستغرب الكثيرون ممن يتابعون نشاطاتنا، كيف نستطيع أن نشتغل بالثقافة في ظل الحرب الشرسة على سوريا، فكان جوابنا: الحرب لن توقفنا، وكل مؤسسة وكل وزارة بإمكانها العمل بوعي ضمن هذا الظرف الصعب”.
يذكر أن المركز الوطني للفنون البصرية أُحدِثَ بالمرسوم التشريعي رقم 123 بتاريخ 3/10/2011 ويرتبط بجامعة دمشق، وتكون له الشخصية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي.
بديع صنيج- تلفزيون الخبر