الأهالي يشتكون “رياض الأطفال أنهت تسجيلها للعام القادم منذ أسابيع” والأسعار “توجع قلوبنا قبل جيوبنا”
تعتبر فترة رياض الأطفال المرحلة الأهم لتأسيس علاقة الأبناء بالمؤسسات التعليمية والتربوية، وهي بداية علاقة الأهالي بهذه المؤسسات أيضاً.
ويبدي الآباء الجدد خاصة اهتماماً استثنائياً، ودقة بالغة في اختيار أفضل “المؤسسات” التي ستحتضن أبناءهم في السنوات الأولى من طفولتهم المبكرة.
وتعكس وسائل التواصل الاجتماعي بمجموعاتها حراكاً تخصصياً في فترة انتهاء العام الدراسي وبداية العام الجديد، حيث تتبادل الأمهات عموماً والآباء أحياناً الخبرات ويطلبون النصح ممن هم أكثر دراية وخبرة.
ويكون السؤال في الغالب بتحديد أفضل روضة أو مدرسة مع تحديد مكان السكن، أو بوضع قائمة بعدد من الروضات والمدراس وطلب تقييم دقيق قائم على تجربة الأمهات السابقة.
وهذه الحالة الاعتيادية التي يعيشها الأمهات والآباء في محاولة لإيجاد الخيار الأفضل بحثاً عن أولوياتهم المختلفة والمتقاطعة في آن معاً، ففيما يبحث أغلب الأهالي عن رياض أطفال يديرها “حناين” يبحث البعض عن مؤسسة فيها التزام وتعليم ديني جيد.
كما يبحث معظم الأهالي عن روضات تقدم منهجاً داعماً باللغة الانكليزية، ويبحث البعض عن مكان ينمي القدرات والمفاهيم ويؤسس لمرحلة التعليم الأساسي.
ويتقاطع معظم الأهالي في محاولات إيجاد خيار قريب جغرافياً آمن “تجهيزياً” ومنطقي في أقساطه وتكاليفه، ويفترض الأهالي أن من حقهم الاختيار والتدقيق لإيجاد المكان الأمثل انطلاقاً من خصوصية التجربة وأهميتها في حياة الطفل.
لكن اليوم وفي السنوات الأخيرة، يجد معظم الأهالي أنفسهم في مكان آخر يحد من خياراتهم لأسباب مختلفة واحد من أهمها هو العامل المادي.
ومع انتهاء العام الدراسي وبدء الفترة الصيفية، تجد الأمهات الجدد أنفسهن أمام استحقاق تسجيل أطفالهن بروضة مناسبة ليصدمهن الواقع أن معظم هذه الرياض وبخاصة ذات السمعة والاسم المعروف أغلقت باب التسجيل منذ أكثر من ثلاث اسابيع.
وذكرت والدة الطفل “آدم”، لتلفزيون الخبر أنها “أرادت تسجيل ابنها البالغ من العمر ٤ سنوات، في شهر حزيران بإحدى الروضات للبدء في العام الدراسي القادم، وهي المرة الأولى التي تدخله فيها المدرسة، فاستغربت من رفض عدة روضات التسجيل بحجة أنها استكملت العدد بالكامل، ولا متسع لطفل آخر”.
وأضافت “البعض طلب إجراء امتحانات قبل التسجيل”، وتساءلت “هل من المعقول امتحان طفل يبلغ من العمر ٤ سنوات لقبوله في الروضة؟!”.
وقالت إحدى الأمهات لتلفزيون الخبر: “لا يمكن أن أضع طفلي في روضة تمنعني إدارتها من الزيارات إلا بموعد مسبق، يحق لي أن آتي في أي وقت لأعاين وأرى النشاط اليومي الطبيعي وليس ما هو محضر مسبقاً في جولة للأهالي من الطبيعي أن يبدو كل شيء نموذجي حينها”.
وذكر والدا الطفلة “جنى” تجربة مغايرة، حيث “طلبت إدارة إحدى الروضات معاينة ابنتنا بعد إخبارنا بأنه هناك متسع لطفل واحد فقط، فتساءلنا عن السبب وراء رغبتها برؤية طفلتنا لتجيب “بس بدي شوفا”.
أما والدة “سالي”، استهجنت فروق الأقساط بين مناطق وأحياء دمشق المختلفة، قائلة لتلفزيون الخبر: “حتى التعليم تأثر بالحالة الاجتماعية، طفل المزة يكلف أضعاف مضاعفة عن طفل ضاحية قدسيا مثلاً”.
وتطرح ريما وهي أم لثلاثة أطفال مشكلة أخرى تنبع من الظرف المباشر الناجم عن الحرب فتقول: “ينتهي اطفالي من امتحاناتهم أواخر حزيران، ونحن نتحضر لنعود إلى بيتنا الذي هجرنا منه في ريف دمشق بعد أن أصبح المكان آمناً، لكن كيف سأتنبأ أن علي تسجيل أولادي في الروضات والمدارس قبل حتى أن أعود إلى المدينة؟!
وعن الأقساط التي وصفتها بال”فلكية”، قالت ريما: “من المحزن أن أضطر للمفاضلة على أساس مادي بحت ويؤلم الأهالي أن يعرفوا حقيقة عدم قدرتهم على تأمين التعليم والعناية الأفضل لأبنائهم بسبب ظرف مادي، يمكن بصعوبة البحث عن روضة خاصة جيدة وقسطها مقبول، ولا أعرف شيئاً عن أي روضات حكومية”.
ريما تقاطعت في “أمانيها” مع أهالٍ آخرين، استطلع تلفزيون الخبر آراءهم ليطالبوا جميعاً برياض أطفال نموذجية حكومية مأجورة ومنطقية، تقدم مساحة تربوية وتعليمية يمكن مقارنتها برياض الأطفال الخاصة التي تقدم خدماتها بمبالغ “فلكية”.
وتتباين أسعار الأقساط بين رياض الأطفال العادية و”الهاي كلاس” المخملية، حيث تتراوح الأقساط بين “100 ألف في أغلب الروضات، و٨٠٠ ألف.
وفي حالات أخرى تصل إلى المليون، مع الإشارة إلى أن المبلغ متضمن قسط العام الدراسي، والمواصلات، بالإضافة إلى الثياب والكراسات” بحسب عدد من الأهالي.
وكان مدير التعليم الخاص في وزارة التربية وائل محمد صرح في وقت سابق لتلفزيون الخبر أن “قسط الرياض يعتمد على الوضع الإنشائي والصحي للبناء، وقدرته الاستيعابية وطاقته، وما يقدمه من وسائل ترفيهية وغيرها من الخدمات، ويحدد القسط من وزير التربية”.
وقال محمد: إن “هكذا أسعار مرفوضة، ولا تحدد الرياض أسعارها “على كيفها”، بل لابد من التقيد بالأقساط المحددة بلائحة أسعار وزارة التربية، ويعد عدم تعليق اللائحة في المؤسسة التعليمية مخالفة تنذر عليها المدرسة”.
وتصل عقوبة المؤسسة التعليمية الخاصة المخالفة إلى دفع 500.000 ليرة سورية، وفقاً للمرسوم رقم 7 لعام 2010، بناءً على اقتراح اللجنة الرئيسية لشؤون التعليم الخاص، وأكدت الوزارة أن “العقوبة تضاعف في حال تكرار المخالفة”.
وهو ما يعادل نصف رسم التسجيل لطفل واحد “هاي كلاس” في عدد كبير من رياض الاطفال في دمشق وخاصة تلك التي تتبع لمدراس خاصة بأسماء معروفة (بحسب الأهالي).
الجدير بالذكر أن انتهاء التسجيل قبل العطلة الصيفية، يحد من خيارات الأهل لانتقاء الأفضل والأنسب لأبناءهم، ناهيك عن أنها معضلة للآباء الجدد الذين يتعاملون مع المؤسسات “التعليمية والتربوية” بالغالب للمرة الأولى، وهم ليسوا على دراية بتوقيت التسجيل غير المتوقع.
لين السعدي_تلفزيون الخبر