كرة القدم تُبَلسِم معاناة أبناء الحسكة .. نادي الجزيرة صانع الفرح
حقق نادي الجزيرة فوزاً مستحقاً على غريمه نادي الحرية وهزمه في موقعة الفاصلة في دمشق، بهدفين مقابل لا شيء، متأهلاً للدوري السوري الممتاز، ليدخل الفرح إلى قلوب عشرات الآلاف من أبناء محافظة الحسكة بكافة المكونات.
جاء ذلك في الوقت الذي تكتوي فيه قلوب أهالي الحسكة يومياً بحرائق محاصيلهم، وتعب ألسنتهم بالمطالب لتحسين أوضاع المحافظة الخدمية والاقتصادية.
وعلى اعتبار أن الرياضة هي أحد الأوجه الحضارية لأي مدينة في العالم، شكل تأهل وعودة نادي الجزيرة الرياضي إلى مصافي الدوري الممتاز بكرة القدم حالة إيجابية في حياة مدينة الحسكة، مركز المحافظة، المدينة التي تعاني الكثير من المشاكل الخدمية والاقتصادية التي انعكست سلباً على حياة الناس.
ويعلق سكان المحافظة، المعتزون بسوريتهم، على عودة النادي إلى مصافي الدوري الممتاز الكثير من الآمال، خصوصاً مع الأصوات التي بدأت ترتفع بمطالبة لُعب الجزيرة مبارياته على أرضه وبين جمهوره في مدينة الحسكة التي سجلت في عام 2009 تجمع أكثر من 30 ألف متفرج في ملعب المدينة الرياضية.
وما يأمله سكان مدينة الحسكة هو أن تتحسن الظروف الحياتية للمدينة، خصوصاً في مجال الخدمات الغائبة بشكل معروف للقاصي والداني ولكل من يزور هذه المدينة التي صمدت في وجه أكبر التنظيمات الإرهابية شراسة، تنظيم “داعش”، وقهرته على أسوارها في عام 2015 ، لتكون أول مدينة تنتصر على هذا التنظيم في أوج قوته.
وتعاني مدينة الحسكة من نقص الخدمات في مجال وسائط النقل العامة، ومن الغياب الكامل للرقابة التموينية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، وسوء إنتاج رغيف الخبز، وخروج المشفى الوطني ومشفى الأطفال الوطني عن الخدمة، إضافة لواقع النظافة الذي يعتبر أقل من الحد المطلوب.
بدوره، قال رئيس فرع الاتحاد الرياضي في الحسكة مصطفى شاكردي لتلفزيون الخبر: “عودة و تأهل نادي الجزيرة إلى الدوري الممتاز دوري المحترفين بكرة القدم، هو دليل كبير على أن الرياضة في محافظة الحسكة تسير بالطريق الصحيح، لأن كرة القدم تعتبر واجهة الرياضة”.
وتابع شاكردي “كرة القدم والرياضة بشكل عام لها الكثير من الإيجابية فهي تزيد الألفة بين جميع أبناء المدينة ومن كافة المكونات، لتكون بلسماً جديداً لجروحنا التي نعاني منها في مدينتنا الحسكة”.
وأشار شاكردي إلى “عودة الفريق والمطالب باللعب على أرضه وبين جمهوره في الحسكة، ما يزيد الترابط بين المدن السورية، ويعيد الحياة لمدينة الحسكة، التي تعاني الكثير من الظروف الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تطوير المدينة وانتعاشها اقتصادياً، وتأمين الخدمات الضرورية لها”.
في حين قالت السيدة البتول عليوي لتلفزيون الخبر: “مجدداً يثبت نادي الجزيرة عراقته وأصالته بتأهله، للمرة الثانية، إلى دوري المحترفين، مؤكدا أن الإرادة لا تغلبها المصاعب ولا المعوقات”.
وأضافت “فقد حقق الفريق بمقومات بسيطة وإمكانيات شبه معدومة تحقيق معادلة صعبة بالحفاظ على اللاعبين ومواصلة التدريبات في ظل ضغوطات وتحديات كبيرة كأنه يخوض معركة” .
وأردفت “الجامع الأكبر هو الحالة الوطنية التي يمثلها النادي في المحافظة والدعم الجماهيري اللامتناهي الذي أذاب كل الحواجز وأوصل النادي إلى تحقيق إنجازه الكبير الذي أعاد تحقيقه وتثبيته، فهو ابن المدينة التي لا تعرف النكران أبداً فحتى في الرياضة تعطي ولا تأخذ” .
وأشارت عليوي إلى أن “النادي اليوم يحتاج إلى دعم حقيقي يبدأ بالسماح له بلعب مبارايته على أرضه وهو أضعف الإيمان فهو يتمتع بكل المقومات التي تسمح بذلك، الملعب والجمهور الراقي والعائد المادي الذي سيرفد النادي من ريع هذه المباريات وينسحب الدعم أيضا على إنصافه بالقرارات”.
ولم يخفِ القاضي المستشار أيلي ميرو نجم فريق الجزيرة وهدافه بمرحلة الشباب سابقاً بتصريحه لتلفزيون الخبر “رفضه القديم و الجديد للمباراة الفاصلة لأنها مخالفة قانونية للأنظمة والقوانين وجاءت بتوجيه سياسي مخالف لقرار اتحاد كرة القدم الذي رد اعتراض الحرية شكلاً و مضموناً”.
وتابع ميرو “لكن مع هذا وضمن الضغوطات الهائلة التي تعرضت لها الإدارة واللاعبين من قبل الجماهير العاشقة جاء الصعود مرتين في المرة الأولى بامتياز والمرة بكل جدارة واستحقاق”.
وأشار ميرو إلى أن “الرياضة حياة، ومدرجات كرة القدم تضم كل الأطياف و كل المستويات وهذه حالة إيجابية للانعكاس بشكل إيجابي على حياة الناس، خصوصاً بوجود طرف ثاني وله بعد كبير أن تكون الحسكة مرتبطة بجسمها السوري الكامل والمعافى”.
وتابع “عودة النادي إلى المحترفين ستزيد من دعم وترابط أبناء الجزيرة في المهجر مع وطنهم الأم ومع مدينتهم المنسية”.
وأوضح ميرو “رغم كل مصاعبنا الخدمية والاجتماعية، فهذا لا يعني أننا عدم تميزنا في مجالات أخرى كالرياضة والثقافة والفن، المباراة في دمشق كانت تأكيد على أخلاقيات أبناء الجزيرة وسوريا بشكل عام حيث انتهت المباراة مع فريق الحرية بدون أي إنذار وبدون أي إشكال وهي مباراة مثالية من حيث الأداء و الفنيات”.
بدورها، المحامية والفنانة التشكيلية سجى سليمان كتبت عن الفوز “ها نحنُ نتذوقُ طعمَ الفوزِ الذي استحقنا، نحنُ أبناء الجزيرة، المُهملون المغيّبون المتروكون ليدِ العبث..! ، نعرفُ تماماً كيفَ نُصيب الهدف، حتّى لو تعثرت خُطانا بعضاً من الوقت”.
عطية العطية – تلفزيون الخبر – الحسكة