ضمن المركز الوطني للفنون البصرية.. لوحات “عبد الله عبيد” تُحيِّي مُبْدِعَها
احتضن المركز الوطني للفنون البصرية معرضاً استعادياً للفنان التشكيلي “عبد الله عبيد”، بحيث جاءت لوحات المعرض المنتمية لمراحل مختلفة من تجربة الفنان الراحل بمثابة تحية لروح مُبْدِعها وأناقة حضوره في الساحة التشكيلية السورية.
“المتأمل في أعمال عبد الله عبيد سيتلمس مدى كثافة الأفكار المسجلة بتقنية خاصة، يرمز إليها بالألوان أو مواطن أخرى مناسبة في التعبير عن أشكاله، وردود أفعاله تجاه المحيط الذي يعيشه” هذا ما أكد عليه “غياث الأخرس” رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية.
وأضاف “الأخرس” أن “عبيد” يضع كل مفرداته التشكيلية ضمن مساحات تساهم في ترتيب اللوحات من الناحية الجمالية، مبيناً أن الانطباع الذي تتركه أعماله تدلنا على مدى غنى وعمق وجدية التجربة التي تبدو ذات استمرارية، ووحدة متكاملة لا يمكن فصلها عن بعض.
وجاء في بروشور المعرض أنه “بين تُراب الرستن وغبار أرصفة دمشق لم يشعر الفنان “عبد الله عبيد” بأي غربة، فهو المجبول على محبَّة الماء وزرقته، قادرٌ على تحويل كليهما إلى طين من طبيعة خاصة، وسكبه في أعماله على هيئة كائنات ممتدة في الزمان والمكان، بدرجات استثنائية من البني”.
كما أن “عبيد ابن سومر وبابل، وابن المياه الدافئة في شرق المتوسط، كما كان يقول دائماً، وما اغتراباته التي اشتغل عليها كثيراً، سوى انزياحه المستمر عن السائد، ومحاولة حثيثة للخوض أكثر في الفرادة، وعدم الركون إلى القيد، منذ أن فُرِضَتْ عليه فكرة أن “التصوير حرام” في طفولته، فجابهها بأن يعيش أزمنته وأمكنته التي يعيش تفاصيل خَلْقِها على لوحاته”.
ولفتت الكلمة في البروشور إلى أن الفنان الراحل “انطلق من فكر جامح لا يستكين، وحرية في التعاطي مع أعماله، عاكساً في معظم تفاصيلها حالة الغليان والهواجس التي عاشها على صعيد المجتمع والسياسة والثقافة، والفن بحد ذاته”.
وعن معارضه السابقة وَرَدَ أن “تجاربه الورقية” لم تتسع لرؤيته، لكنها كانت بدايةً استطاع بعدها أن يوازن فوضاه الداخلية التي جعلت من ألوانه “بين البرّاني والوحشيّ والمتمزق وكانت الأحبار تذكر بالأسى والاحتجاج” كما ذكر في أحد حواراته.
لينطلق بعدها إلى “اغتراب الأمكنة” حيث تغيب ملامح البشر، لكنهم يبقون قيمةً اجتماعيةً، بإصرار على الالتصاق بالأرض ووحولها، كرعيانٍ صوفيين تجذبهم الخضرة والماء، وهنا برز الإتقان بين الخطوط والألوان وتكوين اللوحة.
أما استذكار الفنان “عبد الله” لِرَسْتَنِهِ في معرض “أراتوزا” فجاء كَتَلْيِيْنٍ لعجينته اللونية بماء العاصي، ومناغاةٍ لصفصافه وَرِقَّةِ مائه، في محاولة جديد لأن يعيد خلق طقوسه وألعابه “كمنمنمات عشبية حول صخور الروابي وأعشاش الطيور” حسب تصريحه.
ليستمر في أعماله ونقده لذاته مؤكداً على أن اللوحة تناقَش كعملٍ يضيف إلى المعرفة، ويخرج عن دوائرها الموضوعية، ويخرج من أشكال ضوابطها الوصفية، فاللوحة بالنسبة لعبيد هي ذات أكثر منها موضوعاً، لذا لا يمكن فصلُها بتاتاً عن مُبدعها، لأنها تجسيدٌ لأفكاره.
يُذكر أن عبد الله عبيد من مواليد حمص/ الرستن عام 1951، درس في مركز أدهم إسماعيل وبقي اعتماده الكلي على دراسته الخاصة لمفهوم الفن، وهو عضو ومؤسس جمعية أصدقاء الفن بدمشق، وعضو نقابة الفنون الجميلة، له أربعة معارض فردية، وشارك في أكثر من تسعين معرضاً جماعياً.
بديع صنيج- تلفزيون الخبر