كيف تحوّل نجوم سوريا إلى “مهرجين” لا يجرؤون على قول رأيهم بـ”الممثلات” اللبنانيات ؟
مع رَواج الدراما العربية المشتركة، حاول صنّاع هذا النوع من الدراما ومنتجوها الجنوح لمحاولة جعلها خطوة سليمة وصالحة للتعاطي، وسَعَوا إلى جذب أكبر شريحة من الجمهور، متخذين من استثمار نجومية ممثلين من بلدان مختلفة الخطوة الأولى لذلك.
في المقابل، تختلف اختيارات نجوم الدراما السورية ويندرج ضمنها، ويبدو أنه بات في الأولويات على لوائح بعضهم، مشاركاتهم في الأعمال “المطعّمة”، تبعاً لأسباب عديدة، أحدها وأهمها شركات الإنتاج “الدفّيعة”.
حيث لجأت هذه الدراما إلى انتقاء النخبة الأكثر بروزاً لدى الجمهور العربي من ممثلين وممثلات، لا سيما السوريين، لتبدو الحكاية على هيئة “الجميلة والبطل السوري” في أدوار تطغى على شخصية الأخير فيها صفات القوة والسطوة والنفوذ والمكانة الاجتماعية المرموقة، “وملك زمانه”.
وبات ظهور الممثل السوري في مثل هذا النوع من الأعمال أساسياً، وبرهاناً على ماكانت عليه الدراما السورية وما تشهده اليوم من إرهاصات على طريق العودة إلى عرشها، لكن تبدو هذه الحالة اليوم، ومن خلال بعض الأمثلة، على نقيضها.
إذ تقول المعطيات ولسان حال بعض المشاركين من السوريين في دراما “السورية اللبنانية” نحن مَنْ بحاجتكم، ليثبتوا بالتالي ما يسعى البعض إلى ترويجه من الزعم بأن “الدراما السورية شهدت نهضتها على أيام الدراما المشتركة”.
فمن اللافت، ضمن تداعيات هذا النوع من الأعمال، نأي الممثلين السوريين عن مواطنيهم من الممثلين الذين كانوا قطعوا أشواطاً معهم فيما قبل أعمال “السوري لبناني”، وانزياحهم عنهم، ليؤول بهم الحال للتنكر لزملائهم الذين منهم من بدأوا معهم حياتهم العملية أو حتى الدراسية.
ولعل تجربة الممثل السوري قصي خولي في الموسم الدرامي لهذا العام 2019، تحظى بأكثر الأمثلة تجسيداً لهذه الحالة، فخولي بحلته الجديدة في مسلسل “5 ونص”، تكشف دواخله ممثلاً حقيقاً بعيداً عن عدسة المخرج و”كاست” العمل بسبب ما أظهره من تصنع و “تهريج”، هذا إذا ما استثنينا سويته الأدائية التي غادرت ماكان عليه بطل “أبناء القهر” مطلع الألفينات.
وفي حلته الجديدة، يتملص خولي من أبناء جلدته ويبتعد عن كونه شخصية قد تبدو مؤثرة اليوم في جيل “السوشال ميديا”، ليبدأ أولى تلك الخطوات باستخدامه عبارات لاتتماشى مع شاب أكاديمي تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية بما يحمله من خبرات ثقافية، حيث تجلى ذلك في موقف مقاربته بين “الممثلات السوريات واللبنانيات” وأنواع السيارات.
ليدخل صاحب دور “سامر” في غزلان في غابة الذئاب في”دويخة” الإحراج ووضع نفسه في دائرة اللبكة، كل ذلك حتى يتهرب من الحديث بمنطقية عن ممثلة بحجم وإبداع السورية سلافة معمار، وملكة جمال لبنانية سابقة (ندين نجيم)، التي أدت بعض أدوار جذب جمهور “الفاشيون” ومحبي “الفك العريض”، وليحفظ له “خط رجعة” إلى مواسم أخرى، مبتعداً كل البعد عن إيضاح الفروق الساطعة كالشمس.
فكان جدير به أن يتذكر وقع خطى معمار على خشبة المسرح، كما كان حريٌ به أن يستعرض شريط سنواته الجامعية، ويسقطه على ما مرت به سلافة معمار من خبرات.
أو على الأقل عودة بسيطة إلى “تخت شرقي” الذي اندرج الاثنان ضمن أبطاله، ومن جهة أخرى كان بإمكانه إحصاء عدد أدوار نجيم وحصر خبراتها أمام الكاميرا، ليجيبب على سؤال مقدم “مجموعة إنسان” له، بالمنطق والأدلة.
وقبل أن تبدأ الشائعات حول احتمالية حدوث أي خلاف بين قصى خولي ونادين نجيم، كانت الأخيرة سارعت إلى كتابة تغريدة عبر “تويتر” وقالت فيها: ” قصي مبارح كنت رائع وشو حلو كلامك يا صديقي.. وقدي أنا فخورة فيك.. الله يوفقك على طول.. بتستاهل كل النجاح”.
في الوقت الذي كانت فيه نجيم، بعد حلولها ضيفة على برنامج تلفزيوني أجابت على سؤال “هل النجوم السوريون كسحوا النجوم اللبنانيين؟”، حيث قالت: “أنا أحترمهم ولكنني لبنانية وأتمسك باللبنانيين”.
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تجمع نادين نجيم مع فنانين سوريين مثل عابد فهد وتيم حسن وقصي خولي، للتأكيد على أن الدراما السورية وراء نجاح نادين نجيم التي “أنكرت” فضل الدراما السورية على الممثلين اللبنانيين.
وعلى سبيل التناقض، كانت انتشرت حملة عنصرية في لبنان ضد السوريين، سابقاً، مفادها “ما تضهري مع شب سوري”، لمنع الفتيات اللبنانيات من الارتباط بشاب سوري.
وبالانتقال إلى “سيرك” آخر، يتربع الممثل باسم ياخور على موائد “أكلناها”، (برنامج يحمل طابع فكاهي مبطن)، يعرض على قناة “لنا”، يستضيف على تلك الموائد فنانين في أكثرهم سوريين ليعتبر نفسه أوقعهم بالمصيدة، أو في “تخبيصة” طعام، يحرج ياخور ضيوفه وفي حال تهربوا من إحراجه وأسئلته الشائكة، عليهم بتناول وجبة فريدة من نوعها.
ويحاول ياخور في برنامجه تقليد فقرة Spill Your Guts or Fill Your Guts ضمن برنامج The Late Late Show الذي يقدّمه الممثل والكوميديان البريطاني جيمس كوردن على شبكة CBS الأميركية.
وممن استضافهم ياخور الممثل السوري معتصم النهار الذي حاول الإجابة بطريقة ذكية عن سؤال، من الفنانات الأكثر موهبة السوريات أم اللبنانيات؟، قائلاً: “كنسبة وتناسب فإن عدد نجمات سوريا الموهوبات أكبر بالمقارنة بعدد نجمات لبنان”.
لكن الجواب لم يعجب ياخور وذلك لعدم إعطاء النهار جواباً بدون تبرير، ما دفعه بالنهاية لأن يتناول من الطبق “المقرف” الذي أمامه رافضاً الإجابة بشكل صريح.
وفي “ميمعة” أخرى، كانت الممثلة شكران مرتجى رفضت إعطاء اسم معين حين تم تخييرها ما بين أمل عرفة وماغي بو غصن، ضمن ذات البرنامج (أكلناها) وفضلت أكل طبق “التهرب”.
الأمر الذي أغضب أمل وقالت موجهة كلامها لشكران :”أنا لو كنت مكانك يا شكران كنت بقول رأيي ورأي ملااايين الناس بقدرتي الفنية وبسلط الضو أيضاً على قدرة ماغي بو غصن الفنية”.
واعتبرت عرفة حينها إن “ماغي ما رح تزعل لأنو هي حقيقة …”، مضيفة “وصدقاً ساعتا لا ماغي بو غصن رح تزعل ولا شركة جمال سنان، ( زوج بو غصن)، رح تشن الحرب عليكي … لأنك كنتي كبرتي كتير بجوابك…”.
يذكر أنه لم تكن الدراما المشتركة وليدة الحرب في سوريا كما يظن كثيرون، لكن الحرب وتبعاتها وظروف العمل التلفزيوني أسهم في ازديادها، فكثيراً ما كان مخرجون وممثلون سوريون يشاركون في أعمال عربية مشتركة منذ الثمانينيات من القرن الماضي.
روان السيد – تلفزيون الخبر