“المغادرة 24”.. تكثيف حياة الجندي السوري ودعوة لتجسيدها فنياً
في الحرب لا يكون الزي العسكري للجندي مجرد لباس يرتديه، ولا تكون جبهة القتال أو الثكنة العسكرية مجرد مكان آخر يزوره غير بيته، لكنها انتقال من حياة بتفاصيل إنسانية إلى دفاع عنها، انتقال لا يلغي أن هذا الجندي هو أب لطفل ما أو أخ أو ابن أو صديق، يحتاج الوجود إلى جانب أحبته.
ويعرف الجنود المحاربون والملتحقون بالخدمة العسكرية مصطلح “مغادرة 24” بأنها أقصر إجازة اضطرارية، وغالباً ما تمنح بحالات استثنائية، وخصوصاً في ظروف الحرب.
على أنه حتى هذه الإجازة الاضطرارية القصيرة تعد “ترفاً” لدى بعض الجنود الذين يقاتلون أو يخدمون في مناطق بعيدة عن أماكن إقامة أهلهم، فالأربعة والعشرين ساعة لا تكفي لمجرد الوصول والعودة.
وتحت هذا العنوان “مغادرة 24″، الطافح بمعاني الواجب المزدوج تجاه الحياة كما يفترض أن تكون، والحياة كما فرضتها الحرب، دعت صالة “ألف نون” للفنون والروحانيات، الفنانين التشكيليين السوريين إلى المشاركة بمعرض “مغادرة 24” بالتعاون مع وزارة الثقافة واتحاد الفنانين التشكيليين السوريين.
وكتب الفنان التشكيلي “بديع جحجاح” على صفحته الشخصية على “فيسبوك”: “الجندي لم يخلق ليقاتل وحسب، وهو ليس منفصلاً عن عالمه وبيئته وأسرته، لذلك كثيرا ما يضطر حتى في أوقات الحرب والظروف الاستثنائية إلى طلب مغادرة لوداع ما أو لظرف طارئ ما يقتضي وجوده، أو حتى شوق ما لحبيبة، أو لأم ، أو لولد صادفت ولادته وأبوه على خط النار”.
وتابع جحجاح: “فكم هي الخيالات عنده خصبة، وكم هو الانتظار مرير بين شوق وتحرق، وبين ظرف قتالي لا يسمح، هذا الصراع وهذه الأحلام التي تساوي الحياة وتختصر بنظرة بل بكلمة”.
وأكمل الفنان “ومن أجلهما تكون هذه المغادرة، 24 ساعة من الرؤية السريعة والخاطفة والمكثفة للتشبع من كل شيء، ما قبل العودة إلى المعركة واحتمالية الاستشهاد، هي فاصل حتمي من وجهة نظر الجندي بين الحياة والموت”.
وأضاف الفنان واصفاً فكرته “مغادرة 24 هي مساحة من صراع وشوق، مساحة للخروج من احتمالية الموت المفاجئ إلى الحياة ببؤرة اشتعالها واتقادها اللذيذ، ما بين نظرة وعناق واتكاء على البندقية، ما بين كلمة وقصيدة وصورة تشتعل بين الأصابع من حرارة الشوق”.
وأردف “هي صور عديدة يعيشها الجندي أثناء التفكير في المغادرة، وصور أكثر اشتعالاً في الطريق إلى قضائها، ورغبات كثيرة ما بين التحقق والارتواء وعدمه، هي صور كثيرة حتى العودة إلى ساحة المعركة”.
وختم الفنان دعوته “نحاول معكم فنانينا الأعزاء، التعرف إلى هذه العوالم الإنسانية والوجدانية للجندي السوري وتحويلها إلى حالات من فن وهي تستحق كما نعتقد في ألف نون”.
يشار إلى أنه بإمكان جميع الفنانين المشاركة ما بين الـ15 من حزيران و الـ15 من تموز المقبل، بتقنيات حرة في مجال التصوير على أن يكون قياس العمل 48 ضرب 48 سم، وفي مجال النحت بقياس 24 ضرب 24 سم حيث ستعرض الأعمال على لجنة تحكيم مختصة لاختيار الفائز منها ومنح جوائز مالية وعينية.
رنا سليمان_ تلفزيون الخبر