دراما قلة “الهيبة” و”الخُمس والنِصف” و”البوتوكس”
بعد انقضاء العشر الأول من الموسم الرمضاني الجاري يمكن القول إن الرؤية بدأت تتوضح أكثر بما يتعلق بالانطباع العام الذي وسم المسلسلات الرمضانية من حيث الأفكار والصناعة واحترام العقول والابتعاد عن التلوثات البصرية ومواءمة المراحل الزمنية لكل عمل.
ففي البدء لا يمكن إغفال “الومضات” والأشواط الكثيرة التي قطعتها بعض الأعمال في هذا الموسم والتي لاقت إعجاب المتابعين ممن ينتظرون ويعولون على صناع الدراما، آملين بالعودة بها إلى السنوات التي كانت المحطات تتسابق فيها على تلقف المسلسل السوري النظيف، فكانت هناك أعمال وشخصيات خطت أولى خطوات مغادرة “كبوة” الدراما السورية.
وبالحديث عن الكبوات، يمكن القول دون تردد إن “كبوة” هذا الموسم تغص بالأعمال والأفكار والشخصيات لممثلين سوريين كانوا سابقاً، بشهادة النقاد، يسطرون أروع الملاحم الدرامية لكنهم فضّلوا مغادرتها منذ سنوات إلى من يدفع أكثر، ربما على سبيل التنبؤ، حتى لو قدّموا أنفسهم بصورة سطحية تستهدف شريحة ضئيلة من المتابعين، أو بالأحرى شريحة عاشقات “الكازانوفا”.
ومن ذلك، وبحسب آراء بعضٌ من متابعي، بطل شخصية “سامر” في مسلسل “غزلان في غابة الذئاب”، على سبيل المثال لا الحصر، والذي أبدع في رسم ملامح الفاسدين وأساليب حياتهم وطغيانهم في تلك الشخصية.
حيث ذهب اليوم صاحب شخصية “غمار”، اسم منتشر في “لبنان”، في دوره أمام نجمة “البوتوكس ونحت الملامح”، والإعلانات وستاجات الوصيفات اللبنانية “ندين نجيم” إلى أقل من “خُمس ونص” أدواره التي كان أسس لنفسه بها في مواسم سالفة، وصنع، حينها، سمعة فنية طيبة واسم لامع بين الجمهور.
وفي زاوية أخرى من الكبوة، تربع “شيخ الجبل” متجذراً متمسكاً بمتابعة إراقة ما تبقى من ماء وجهه على أعتاب “الهيبة” والدراما المشتركة، متخذاً من الابتذال والذهاب بشخصيته إلى “نجم” إثارة غرائز، على سبيل تحقيق “شعبيته”.
ليتخذ “تيم حسن” في موسم “الهيبة” الثالث من “مكبوتي الشعوب” بوصلة رآها مناسبة لشد فئة معينة واستهدافها، مشكّلاً مع “مودلز” أغنية التسعينيات “كلام الناس” سيرين عبد النور ثنائي “نسواني رجالي” يميزه “الروج” الأحمر.. وما أدراكم ما “الروج” الأحمر.
“الكبوة” ذاتها “تستتت” فيها أيضاً ممثلات سوريات غيّرن في خطوات ما بعد تناول النص الدرامي وتوقيع العقد، من معاينة الشخصية ومحاولة التقرب منها في تفاصيل الحياة اليومية وقراءتها والتمعن بها.
فما هو أجدر اليوم، بالنسبة لهن، هو طبيب التجميل الأكثر “تبيضاً” وحقناً وشداً، وسحقاً لملامح الوجه حتى تغدو تلك الملامح كما الدمى، فهل يمكن للدمية أن تضحك وتبكي وتغضب وتعيش حالات الشخصية؟، يتساءل متابعون.
وعلى الاعتبار بمقولة أن “الإنسان ابن عصره”، قد يغفر البعض لنجمات ملاحقة أعلى تركيزات “البوتوكس” وأبيض إشعاعات درجات “صفِّة” الأسنان في حال كان العمل “مودرن”، وقد يسقط ويغفل أيضاً حالة كهذه لممثلة تؤدي دور فتاة فقيرة في هذه الأعمال تغاضياً، “فقيرة بس بتهتم بحالها.. الله يفرّج أحسن شي”، يقول أحدهم.
لكن مالا يمكن لعقل المتابع أن يتقبله، في حال كان لا يقبل بالمساس به، هو أنه أيام الفرنسيين و”العصملي” مَن طبيب التجميل الذي كانت نسوة تلك الحقب تزرنه، حيث يقول أحد المعلقين: “معقول بالماريستان كان في قسم تجميل؟!”، كما ويتحسر كثيرون على أيام “أم عبدو” و “نزيهة” وحياء “فتحية” ذات أيام “شامية”.
تتسع اليوم مساحة “الكبوة” لتضم بين جنباتها كثير من الأعمال وكثير من الفنانين الذين من المفترض أن يمثلوا الشعب السوري قبل أن يمثلوا الشخصيات التي ذهبوا فيها إلى مالا ينتظره منهم شعب “الأحلام الكبيرة” و”أيام شامية” وأعمال أخرى أضاءت الدراما السورية في سالف الأزمان.
روان السيد- تلفزيون الخبر