عندما تتخذ من طلابك أصدقاء فينجحون .. عن مدرس اللغة العربية سامر الصهيوني
يخاف طلاب المدارس من مادة اللغة العربية، فهي مادة ضخمة تسبح في محيطها آلاف القواعد والكلمات والقصائد والحالات الشاذة، وهي من المواد الأساسية سواء في الفرعين الأدبي أو العلمي .
وأغلب طلاب جيل التسعينات في مدينة سلمية، تخلصوا من عقدة “العربي”، وخاصة في مدرسة “علي بن أبي طالب للذكور”، وباتت حصة مادة اللغة العربية هي الأشهى فكرياً والأكثر متعة بين بقية المواد، حتى أنها صارت تشبه مادة الموسيقا أو الرياضة بنظر طلاب المدارس الابتدائية .
ففي الحصة الأولى لمادة اللغة العربية، في بداية العام الدراسي، يدخل المدرس سامر الصهيوني، صاحب الـ 45 عام، بأناقته المعهودة، وابتسامة تحمل من المعاني أكثر من أنها مجرد ابتسامة، وكأنه يعرف الطلاب جميعهم وقصصهم منذ سنين .
وأكثر ما يحقق الدهشة لدى طلاب السنة الأولى من المرحلة الثانوية، أن الاستاذ سامر، حفظ أسماء جميع الطلاب، بالرغم من أنه سمعها مرة أو اثنتين في أول حصة فقط، فهو ينادي لعلي لإغلاق الباب، أو لعاطف لقراءة القصيدة، أو لفلان لمنعه من التحدث مع زميله .
في صف الاستاذ سامر، يكون الهدوء سيد الموقف أثناء شرحه لقاعدة بأسلوبه المبسط، وفعلياً تستطيع أن “ترمي الإبرة وتسمع رنتها”، أو يكون صوت الضحك يضج بالقاعة أثناء شرحه لقاعدة من المستحيل أن تنسى، بعد أن أدخلها بـ “نكتة” أو قصة يشرح لنا عنها .
ومع مرور الوقت تبدأ ملامح الصداقة، بالظهور بين الأستاذ سامر وطلابه، فهو يعرف أغلب مشاكلهم ويعالجها دون علمهم أحياناً، ويراعي مقدرات كل طالب على الفهم، ففي الكثير من الأحيان لا يخرج الأستاذ سامر إلى “الفرصة” ليشرح المعلومة مرة أخرى لطالب، علم دون أن يخبره أنه لم يفهمها .
وعن سبب محبة الطلاب له، يقول سامر الصهيوني، لتلفزيون الخبر “أعتبر نفسي من الحصة الأولى أخاً كبيراً وصديقاً لطلابي، أرمي همومي خارج المدرسة، وأدخل اليهم محملاً بالحب والثقة” .
ويتابع سامر “أضافت مهنة التدريس إلى شخصيتي الكثير، فخلال 23 سنة تعاملت مع عدد كبير من الطلاب، الذين أعتبرهم ثروتي في هذه الدنيا، فأنا أفتخر بهم، ولا أستطيع وصف شعوري حين أراهم يواصلون طريقهم في جامعاتهم ويتخرجون منها” .
وعن أسلوب ضبطه للطلاب يقول سامر “شخصية المدرس هي الأساس، وعليه الفصل بين المزاح والجد، والسيطرة على أجواء الدرس، وفهم عقلية الطلاب واحتياجاتهم” .
وعلاقة الاستاذ سامر بطلابه، لا تقف عند حدود الصف أو المدرسة، فهو يلتقي بهم في رحلة خططوا لها بعد انتهاء الفصل الدراسي، أو بسهرة مع الطلاب الذين عادوا من جامعاتهم ويحملون معهم القصص التي ينتظرون مدرسهم لإسماعها له .
أما طلاب الاستاذ سامر فيعتبرون مدرسهم حالة استثنائية، فهو الصديق والأخ والمدرس بذات الوقت، ولولاه لما اجتاز الكثير منهم عقدة “العربي”، ولا تخلوا جلساتهم التي يتذكرون بها أيام الدراسة، من قصة أو ضحكة كان المدرس سامر هو بطلها.
يزن شقرة _ تلفزيون الخبر