“النسخ الإلكترونية حب افتراضي”.. هل غادر القرّاء الكتب الورقيّة إلى ال “pdf” ؟
مع تبدلات الحياة وظروفها وحوز أولوياتها على قوائم ما بعد “قبض الراتب”، بات كثير من القراء يضعون أهمية شراء كتاب سمعوا عنه وتشوقوا له في ذيل قوائمهم التي سيبتاعونها مع بداية كل شهر.
وفي ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم تحول الكتاب من شكله الورقي إلى شكله الإلكتروني، وانتشر انتشاراً واسعاً بين القراء والكتّاب، حيث لم يعد عسيراً قراءة كتاب على الكمبيوتر المكتبي أو المحمول، أو عبر استخدام أجهزة الهواتف الذكية والتابات وغيرها.
تغيرات عدة طرأت على الكلمة منذ اكتشاف الأبجدية الأولى، سواء كانت مكتوبة على الأحجار أو العظام أو الجلود أو الأوراق، وصولاً إلى صيغتها الحالية وهي مخزّنة على الشرائح الإلكترونية.
واتفق بعض القراء، بحسب استطلاع أجراه تلفزيون الخبر، على تفضيلهم القراءة التقليدية في النسخ الورقية المطبوعة، بينما ذهب البعض إلى تفضيل الكتاب الإلكتروني، معدداً الأسباب والإيجابيات في النسخ الإلكترونية، ومنها سهولة حملها وإمكانية وضع الملاحظات وغيرها من المزايا”.
“كمن يقابل حبيبته بعد لقاءات افتراضية”.. هكذا وصفت، ريم (٢٥ عاماً)، معلمة لغة عربية، قراءتها للكتب الورقية، قالت ريم لتلفزيون الخبر: “اعتدت منذ سنوات قراءة الكتب عن طريق تحميلها عبر الانترنت، أنا أقرأ منذ طفولتي”.
وتابعت “ظروف الحياة والعمل وغلاء أسعار بعض الكتب وانتقالي للعيش في القرية دفعتني لاعتماد النسخ الالكترونية”، مضيفة “في كثير من الأحيان أحظى بأن ألتقي بأحد الكتب التي قرأتها الكترونياً بنسخها الورقية، وأشعر حينها بشعور جميل وكأني ألامس حباً ابتعد عني وفرقت الشاشات بيني وبينه”.
نوار (٢٢ عاماً) ، طالبة جامعية تحدثت لتلفزيون الخبر عن تجربتها في القراءة بين الإلكترونية والورقية قائلة: “أشعر بالتشتت أمام الشاشة لا يمكنني أن أعيش ما أقرأ وأتماهى معه، القراءة تعني كتاب بيدي أقلب صفحاته فقط، وفي حال كنت أود قراءة كتاب ولم يتوفر لي ورقياً لأي سبب كان أتركه في ذهني حيثما ألتقيه”.
وليد (٣٨ عاماً)، مدرّس، يروي لتلفزيون الخبر عن تجربة استخدام دليل المعلم، مثلاً، بنسخته الإلكترونية التي تداولها زملاؤه من المعلمين وأرسلت له نسخة منها”، مشيراً إلى أن “قراءة النسخ الالكترونية من الكتب تكون أحياناً ضرورة فرضها العصر، لاسيما وأن المستقبل يسير باتجاه كل ما هو إلكتروني”، يردف “النسخ الالكترونية لا تغني أبداً عن متعة ملامسة الورق”.
وأضاف أنه “يملك مكتبة ورقية مليئة بالكتب والمجلدات والحياة والذكريات، يقابلها في متصفحه المحمول ملفات إلكترونية كاملة لذات المحتويات، لكنه يطمح لنقل تلك المكتبة من دمشق إلى بلد إقامته”، متابعاً “كثيراً ما أذهب بخيالي إلى تلك المكتبة على ترتيبها وعبثيتها ومواضيعها وما تحويه من كتب رافقت مسيرة دراستي عبر مراحلها”.
“عدم توفر بعض الكتب في بلد الاغتراب يدفعني إلى تحميلها الكترونياً، وأسعى جاهداً لأن أطلب من كل قادم من سوريا إلى السويد أن يحضر لي معه قائمة بالكتب، لكني في أغلب الأحيان لا أقرأ إلا الكترونياً، للسرعة وللحاجة يبقى ذلك حلاً إسعافياً كي لا أنقطع عن القراءة”، قال أسامة (30) عاماً مقيم في السويد.
من جهته، صاحب إحدى المكتبات العريقة في منطقة الحلبوني بدمشق أوضح لتلفزيون الخبر أن “نسبة شراء الكتب لم تختلف، فاللأوراق عشاقها وهناك بعض الزبائن ممن يترددون على المكتبة منذ سنين، وبإمكانهم التحميل الإلكتروني لكنهم يفضلون التصفح ورقياً، ويخصصون جزءاً من مالهم لشراء كتاب”.
وأردف أن “الكتاب الالكتروني لم يؤثر على نسخته الورقية بل على عكس ما يتخيله الناس، فمن تعوّد على الكتاب الورقي حافظ على طريقته بالقراءة”، مرجعاً ارتفاع أسعار بعض الكتب إلى أن أغلب دور النشر خارج سوريا ما يرتب تكاليف زيادة في الشحن والتوزيع والطباعة في ظل ارتفاع أسعار الحبر والورق”.
ويبقى وصف إحداهن لتلفزيون الخبر عن أبهى الهدايا التي تعني لها الكثير، بالقول: “أجمل الهدايا التي أحب تلقيها هي الكتاب”، أبلغ ما يعبر عن هذه المقارنة بين الورق والشاشة، ناهيك عن المقارنة بين احتماليات سوء الانترنت ولطف بائع الكتب وسعة ثقافته سواء في أعرق المكتبات أم على بسطات الكتب التي باتت ظاهرة عفوية لها أثرها في شوارع دمشق، على سبيل المثال.
روان السيد – تلفزيون الخبر