“العروس الاستثناء” .. سناء محيدلي في ذكرى استشهادها
“إن الحياة وقفة عز فقط… أحبائي أنا لم أمت، بل حية بينكم… أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطولية التي قدمتها، أرجوكم لا تبكوني لا تحزنوا عليّ ، بل افرحوا.. اضحكوا للدنيا، طالما فيها أبطال، أنا الآن مزروعة في تراب الجنوب أسقيه من دمي وحبي…”.
هذه بعضٌ من سطور وقّعتها “العروس” سناء محيدلي مودعة بها أهلها وأصدقاءها وكأنها عقدت العزم لإقامة حفل زفافها لكنه زفاف أسمى وأبهج.
وكان الموعد في الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الثلاثاء 9 نيسان 1985، وفي مراسم “الزفاف”، عبرت سيارة بيجو 504 بيضاء اللون، الحاجز المقام في منطقة باتر – جزين في طريقها نحو الجنوب اللبناني.
وسبق للسيارة أن توقفت وراء الحاجز المقام للعبور نحو الجنوب ثم انضمت فيما بعد إلى طابور طويل من السيارت، و بعد عبورها الحاجز الأول لم تكمل السيارة طريقها بل سارت ببطء و دون أن ينتبه أحد من جنود العدو “الاسرائيلي” إليها بينما كانت تقودها سناء، التي كانت تتجه بكل عزم و إصرار نحو قافلة عسكرية “اسرائيلية” تتحرك في المنطقة.
ولاحظ أحد جنود العدو أن السيارة لم تكمل طريقها وفق ما أشار لها أحد حراس نقطة التفتيش، فاقترب منها محاولاً التدقيق بهوية الفتاة التي كانت تقودها لكن كانت سناء محيدلي أكثر إصراراً وتصميماً وسرعةً، فانطلقت باتجاه القافلة واجتازت حاجزاً حديدياً موضوعاً بشكل أفقي أمام مركز التجمع وأمامه عوائق صغيره متعددة.
فأطلقت حامية الحاجز الصهيوني رشقات من الرصاص باتجاه السيارة، ولكن إصرار وعزيمة المقاومة الشهيدة كانت أسرع بالوصول إلى تجمع القافلة و فجرت السيارة، وتوجت إثر ذاك عروساً للجنوب.
وسارت في مقدمة تشييعها عروس بثوب أبيض تحمل باقة ورد ولافتة كتب عليها “عروس الجنوب، وأمامها فرقة للزفة، إضافة إلى أهالي قريتها “عنقون” في قضاء صيدا التي ولدت بها يوم 14 آب 1968.
وكانت سناء محيدلي عملت خلال حياتها في منطقة المصيطبة في متجر لأشرطة الفيديو حيث قامت لاحقاً بتسجيل وصيتها
وانضمت سناء إلى صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي، وأثرت فيه سيرة الشهيد وجدي الصايغ الذي نفذ عملية استشهادية على معبر جزين-كفرحونة ضد العدو “الإسرائيلي”.
وكانت سناء تردد دوماً أنها من الجنوب المحتل المقهور ومن الجنوب المقاوم والثائر، وجنوب المقاومة والشهداء، كما أنها اتخذت قرارها لتنضم إلى مجموعة وقررت الاستشهاد في سبيل تحرير الأرض والشعب بعد مشاهدة الانتهاكات والمآسي التي عانى منها الجنوبيون.
يذكر أن العدو “الإسرائيلي” أسر أشلاء الشهيدة البطلة حتى تموز 2008 حين تمت إعادتها بعد مفاوضات جرت بين حزب الله وإسرائيل لتبادل الأسرى.
واستلمت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي رفاتها في 21 تموز 2008 وسلمتها لذويها ليتم دفنها في مسقط رأسها في عنقون بناء لرغبة الشهيدة
ويجدر الختام بسطور أخرى من وصية “العروس” الشهيدة بأن “التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم ، يتقدمون غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا يكون الأبطال، إنني ذاهبة إلى أكبر مستقبل، إلى سعادة لا توصف… آه ” أمي ” كم أنا سعيدة عندما سيتناثر عظمي من اللحم ودمي يهدر في تراب الجنوب، من أجل أن أقتل هؤلاء الأعداء الصهاينة…”
تلفزيون الخبر