بين “فرناندو دي أراندا” وَ “محمد – فرناندو” .. معالمٌ مازال يعبرها الدمشقيون
بينما يعبر الدمشقي أو أي زائر لأقدم عاصمة مأهولة في التاريخ أصقاعاً منها تلفته كثيراتٌ من الزوايا الباقية مابقي سكانها وزائروها ومن رحل منهم ومن سيأتي، أبنيةٌ فارهةٌ عريقةٌ مر عليها من مر سائلاً نجواه أو من سار معه عن أصلها.
ويروي التاريخ عن هذه الحكايات وعن القاسم المشترك الذي يجمع بين أبنية في دمشق، كمحطة الحجاز وكلية الحقوق “المخضرمة” في دمشق وبناء وزارة السياحة المحاذي لنهر بردى والمجاور للمتحف الوطني.. وكثر غيرها، سيأتي ذكرها، وهو المعماري الذي أسس لها وبناها الإسباني “فرناندو دي أراندا”، والذي غدا لاحقاً “محمد – فرناندو دي أراندا”.
فمن أوائل أعمال المهندس ” أراندا” إشرافه على تنفيذ مخطط ألماني لبناء “عمارة العابد” في ساحة المرجة في عام 1906، حينها كان “أحمد عزت باشا العابد” كلفه بتنفيذ المخططات الجاهزة التي تحاكي أبنية ألمانية معاصرة، وأنشِئ المبنى ليكون فندقاً، ولكن ظروف الحرب العالمية الأولى دفعت لاستخدامه مشفى عسكري.
وعقد في هذه العمارة المؤتمر السوري الأول عام 1919م (أول برلمان لبلاد الشام)، وكذلك اتخذه “غورو” خلال الاحتلال الفرنسي مقراً له عند دخوله دمشق عام 1920.
وفي عام 1912 صمم وأشرف “أراندا” على بناء محطة الحجاز، وهي تحفة معمارية من أبرز ما صممه واشتهر به، إضافة إلى “مشفى الغرباء جانب مبنى جامعة دمشق، وقصر ناظم باشا بالمهاجرين، ومدرسة الحقوق – وزارة السياحة، حالياً، مبنى كلية الحقوق في جامعة دمشق (الثكنة الحميدية) مبنى جامعة دمشق.
ومما بناه أيضاً، بناء مديرية الأوقاف الذي كان مقراً للإدارة العامة لدمشق خلال الاحتلال الفرنسي، ( يشغله حالياً المصرف التجاري مقابل القصر العدلي)، ومن آثار “أراندا” الفنية بناء هيئة مياه عين الفيجة الذي يعد تحفة معمارية جميلة تلفت العابرون، إضافة إلى قصر عطا الأيوبي، في نوري باشا قرب السفارة الفرنسية.
وعن حياته، ولد فرناندو دي أراندا في إسبانيا “مدريد” في 31 من كانون الأول عام 1878م، ولم تلبث أمه أن توفيت بعد ولادته بوقت قصير، ورافق والده الموسيقار، منذ كان طفلاً، إلى باريس التي درس فيها الفنون الجميلة، كمختص في التصميم.
ومن باريس انتقل “أراندا” إلى إسطنبول حيث عمل والده في الفرقة الموسيقية للبلاط العثماني، ثم انتقل فيرناندوا إلى دمشق في أوائل القرن الماضي ، مكث في فندق فكتوريا، أمضى كل وقته في دمشق في دراسة تصاميم فن العمارة، وقام بجولات على أحياء وحارات الشام متأملاً هذه المدينة وعمقها التاريخي.
وتعلق “أراندا” بالشام التي تعرّف فيها على زوجته الأولى زنوبيا سيريكاكيس، يونانية الأصل وأنجب منها ولدين قبل أن ينفصل عنها.
واعتنق في دمشق الدين الإسلامي وغيّر اسمه الى “محمد أراندا”، وتزوج من سيدة من دمشق اسمها “صبرية حلمي” ذات أصول تركية تعرف إليها أثناء بنائه دار عائلة حلمي في الحلبوني”ثانوية الأندلس حالياً”.
وقضى معها بقية حياته حتى التسعين مابين حيفا ودمشق، وسعى ليتقلد منصباً دبلوماسياً، فأصبح نائباً للقنصل الفخري الإسباني في دمشق بين عامي 1912م- 1936م.
وتوفي “أراندا” في 27 كانون الأول عام 1969، قبل أن يكمل الحادي والتسعين من عمره بثلاثة أيام، ووري الثرى في مقبرة باب الصغير في دمشق.
روان السيد – تلفزيون الخبر