من هو الشهيد محمود هيثم اليوسف ابن حمص ؟
ولد الشهيد محمود هيثم اليوسف في 28/4/1984، وبعد حصوله على الثانوية العامة لم يتمكن من إيجاد فرصة عمل حكومية، فتوجه للعمل في الزراعة والأعمال الحرة الأخرى حتى اندلاع الأحداث في سوريا عام 2011 م .
كان محمود مندفعاً إلى أقصى الحدود، شعر بالإهانة كون رفاقه طلبوا للخدمة الاحتياطية وتأخر طلبه لمدة سنتين، كما قال والده لتلفزيون الخبر .
ويتابع الأب “في يوم 28/3/2013 كان على شرفة المنزل عندما أتى الشرطي ليبلغه تكليف الخدمة الاحتياطية، فرّحب به ترحيباً شديداً وتسلّم تبليغه، أذكر أن ذلك اليوم كان عيد له “.
يقول والد الشهيد، الشاعر والأديب هيثم يوسف” شاركت في جميع جنازات الشهداء في حمص، ولم أتأخر عن التشييع إلا لظرف قاهر، وأبرر غيابي إن وجد بأداء واجب العزاء، لم يتغير شيء قبل استشهاد ابني أو بعده، إلا أنني أصبحت أعزي الناس وأنا منهم ، شهيدهم كشهيدي ” .
يعرب يوسف، متطوع ومصاب في بداية أحداث القصير قال عن أخيه : ” استشهد أخي عن عمر 32 عام ، لم يشهد عمره القصير إلا الكرم والخير والأخلاق الحميدة، عشق الأرض وعمل فيها بحب، كان جاداً في أي شيء يعمل به، صادقاً مع أهله ونفسه والآخرين ” .
وعن استشهاد محمود قال أبو سراج : ” في الساعة 7.30 صباح يوم 4/12/2016 وصل ولدي إلى كراج العباسيين بدمشق قادماً من درعا، وأثناء وقوفه وزملائه في منطقة كراج العباسيين استهدفهم قناص من حي جوبر، فاستشهد ابني وخمسة من زملائه، تم نقلهم إلى مشفى 601 العسكري ” .
“لم نكن نعلم وقتها شيئاً عن الحادثة، حتى اتصل الأقارب من ريف طرطوس متسائلين عما حدث مع محمود في حي العباسية، فقلنا لهم الحي هادئ ومحمود في درعا حيث يخدم”.
وتابع حديثه” اتصل أخوه يعرب عدة مرات بهاتفه ليجيبه الممرض: إن محمود أصيب في العباسيين وهو في مشفى 601، وعندها بكت والدته وقالت: بسلامة عمركم، كان إحساسها باستشهاد ابنها صحيحاً .”
” سافرنا الى دمشق وكانت الصدمة قد أخذت من والدته ما أخذت، والتي حاولت إحضاره في اليوم ذاته عنوة، فرفض الطبيب، مؤكداً أن التشييع سيكون في اليوم التالي ومن مشفى تشرين وبعد مشادة بسيطة، قال الطبيب لوالدة الشهيد هناك تعويضات للشهيد يجب أن يحصل عليها بعد التشييع غداً “.
قالت أم سراج في مشهد تراجيدي خيم عليه الدموع، لابأس ننتظر إلى يوم الغد ونأخذ التعويضات ونخطب له فيها “.
تم تشييع الجثمان بموكب رسمي في 5/12/2016 إلى منزل ذويه في حي العباسية بحمص ومنها إلى قرية بيت نافلة بريف طرطوس.
يقول الأب : لقد بنيت له من تعويضاته ضريحاً في أعلى جبل في قريتنا بيت نافلة، وأوصلت الماء والكهرباء إلى غرفة الضريح، وتركتها للعموم لتكون الخدمات وقفاً عن روحه، كما رفعت سارية بطول 5 أمتار فوق الغرفة وعليها العلم السوري .
يتذكر والده أبو سراج وهو شاعر وأديب وأحد وجهاء حمص ما حدث بينه وبين الشهيد محمود قبل عام من استشهاده، حيث حصل الأب على قطعة أرض في الجبل لتكون كمقبرة صغيرة للعائلة، قائلاً “هذه الأرض الصغيرة تكفي لي ولك ولأخويك .”
وعندها وقف محمود على الصخرة مشيراً بيده، أنت هنا وأنا هنا وسراج ويعرب في هذا المكان، يتساءل الأب : ” من يكن يدري بأن محمود سيكون أولنا وقد أشار إلى مكان قبره قبل عام ؟ “.
رثاه والدة بقصيدة شعر مؤلفة من 35 بيتاً، قام بكتابتها على لوحة كبيرة ووضعها في غرفة الضريح وقال في بعض أبياتها:
أبكيه أطراف النهار معاوداً
آناء الليل مع عظيم سهاد
أرأيت أمك قد تصدع قلبها
أسمعتها يا محمود كيف تنادي ؟
أسمعت صوت حنينها وأنينها
تدمي القلوب ببحة الترداد
أسفي على ذاك الشباب إذا انقضى
تحت التراب وقد كنت كالبولاد
وتقول والدته لتلفزيون الخبر: ” لقد طلبت من أولادي أن يدفن محمود في القرية، لأنني أعرف تمسكه فيها وحبه لناسها، وبعد أن شاهدت جثمانه كاملاً وفيّنا نذراً قد تقرب فيه إلى الله ودعاه ألا يخطف أو يمثل بجسده، والحمد لله كان جسده كاملاً، واستشهد بين أهله في دمشق ” .
خرجت أم سراج قليلاً لتحضر ” سترة ” الشهيد العسكرية وأشارت إلى مكان دخول طلقة القناص التي اخترقت جسده ، وبعد قليل أخرجت من جيبه ظرفاً فيه بعض الصور العائلية ومبلغاً من المال .. قالت “إنه راتب الشهيد الأخير، احتفظت بكل شيء يخصه وكأنه موجود بيننا .”
أم سراج ، أم أتعبها الفقد و لوعها الشوق ، فما برحت تلبس روح ابنها في هذه السترة التي اخترقتها رصاصات القناص، وتتهيأ بأن محمود مازال بينهم وأنها ستخطب له ” بنت الحلال ” في يوم ما .
يذكر أن الشهيد محمود هيثم يوسف عازب، وعاش في منزل ذويه، كما شارك قبل استشهاده و على مدار ثلاث سنوات من الخدمة الاحتياطية في معارك درعا، وكانت أهم المناطق التي قاتل فيها، اللجاه، جباب، الصنمين .
محمد علي الضاهر – تلفزيون الخبر – حمص