تونسييون ينتحلون الجنسية السورية لقبول طلبات لجوئهم
انتحل عدد من الشباب المغاربيين الهوية السورية بهدف الحصول على وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في ألمانيا، وقامت “DW العربية” بلقاء شابين تونسيين منهم في برلين.
قال علي، الذي يبلغ من العمر 17 عاما “أعيش في برلين منذ حوالي تسعة أشهر وأنتحل الهوية السورية وبالتالي أنتحل الجنسية السورية، ولم أعش بسوريا أبدا وكنت أعيش في جزيرة صقلية الإيطالية بشكل غير مشروع، وحينما سمعت عبر وسائل الإعلام بقدوم أفواج السوريين إلى ألمانيا بأعداد كبيرة جدا، قررت مع مجموعة من رفاقي التونسيين والمغاربة الشباب ترك الجزيرة الإيطالية والرحيل إلى ألمانيا عبر النمسا”.
وأضاف “اتسمت فترة تسجيل اللاجئين بالفوضى، فقد كان الموظفون مغلوبين على أمرهم، حيث لا يتكلمون العربية، أما المترجمون فكانوا من المصريين والعراقيين وقليلهم من السوريين، وكالعديد من المغاربة تمكنت من انتحال الشخصية والهوية السورية من خلال إتقاني النسبي للهجة الشامية، التي تعرفت عليها في تونس من خلال المسلسلات السورية الكثيرة في البرامج التلفزيونية هناك، مثل مسلسل باب الحارة.”
خلال الحديث مع الشاب علي، كان رفيقه غيث يبتسم ويترشف سيجارة، قال “قصتي تختلف تماما عن قصة علي، إنها أدهى بكثير من مغامرة علي، لقد كنت في تركيا حيث شرعت في تعلم التجارة لدى تاجر تركي في مدينة إسطنبول وهوصديق حميم لوالدي، وحينما شرع السوريون في صيف السنة الماضية بعبور البحر الأبيض المتوسط نحو اليونان، قررت الدخول في المغامرة واتصلت بالمهربين الذين وعدوني بالسفر بعد أن دفعت لهم تكاليف السفر”.
وواصل بابتسامة قائلا “لم تكن الإدارة الألمانية جاهزة لاستقبال الآلاف من اللاجئين السوريين، هذا ما جعل إنتحال الهوية السورية بالنسبة لي أمرا سهلا، وقد تمكنت من تقمصها بحذق لدى الجهات الرسمية، حيث حاولت أن اصف ما سمعته عن الحرب وكأني عايشت ذلك بأم عيني، كما حاولت التكلم باللهجة السورية”.
وبينما كان غيث يحكي لنا قصته مبتهجا وبحماس اقترب علي برأسه نحونا مبتسما قائلا “العديد من التونسيين والمغاربة الذين لم تنطل حيلهم على الدوائر الالمانية الرسمية، فقد تم رفض تسجيلهم كسوريين، وباتوا اليوم مهددين بالترحيل إلى أوطانهم ، خاصة بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين ألمانيا والدول المغاربية”.
فيما قال مسؤول تونسي في ألمانيا “بإمكان الدوائر الألمانية التعرف على الهويات الحقيقة لهؤلاء الشباب إلا أن القانون الألماني لا يسمح بإعادة القاصرين منهم إلى أوطانهم، طالما حالتهم المدنية في أوطانهم غير واضحة، وستتم عودتهم إلى أوطانهم حتما إذا لم يساهموا في الاندماج في المجتمع الألماني”.
وأخبر الشابان “DW العربية” أنهما يتجنبان الاحتكاك بالإدارة التونسية في برلين، حيث إنهما يخشيان فضح أمرهما وقد يجبران على الترحيل. لكن المسؤول الأمني أكد على أن مبنى السفارة هو بمثابة بيت للتونسيين وأنه بإمكان هؤلاء الشباب الحصول على استشارات بخصوص عودتهم إلى تونس.
وكانت أراء السوريين إزاء هذا الموضوع بالذات واضحة وضوح الشمس، الأغلبية من اللاجئين ترفض سوء استعمال الهوية السورية من قبل أشخاص لا علاقة لهم بسوريا لا من بعيد أو من قريب.
علاء لاجئ سوري قال لـ”DW العربية” : “أنا مستاء من هذا التصرف من قبل الشبان المغاربة، إنهم يستغلون وضعنا الذي لا نُحسد عليه”، مضيفا في هذا المضمار يقول بأن انتحال الهوية السورية من أي كان ليس عملا إنسانيا.
ورغم أن قوانين منح اللجوء في ألمانيا لا تفرق بين جنسيات المضطهدين والملاحقين، إلا أن اللاجئ السوري علاء يرى أن “المساعدة الألمانية موجهة إلى السوريين فقط، وهي بالدرجة الأولى مساعدة إنسانية”.
من جهته، قال أحد الموظفين في مقر لاغيزو، حيث يتم تسجيل اللاجئين، “نحن على علم بانتحال شباب مغاربيين الهوية السورية. لقد جد هذا في الفترة الأولى حينما تدفقت علينا أعداد كبيرة جداً من اللاجئين. لم يكن بوسعنا احتواء كل هؤلاء. هنالك أفارقة لا يتكلمون العربية، ادعوا بدورهم انتمائهم إلى سوريا، وإنهم فارون من الحرب الدائرة هناك”.
وأضاف فولف، أحد العاملين في تسجيل اللاجئين “لقد كنت مرتبطا بالمترجم العربي، فأنا لا أفهم العربية فما بالك باللهجات، لذلك تم تسجيل الكثير من المغاربة وكأنهم لاجئون سوريون”.
ولفت فولف إلى أنه اليوم العمل في إدارته بات أدق بكثير مما كان عليه سابقا، ومن المستحيل أن تنطلي عليهم مثل هذه الحيل بعد الآن، مشيرا إلى أن إدارته تتلقى باستمرار معلومات حول عرب لهم وثائق ألمانية حصلوا عليها بصفتهم سوريين.
وأضح فولف “نحن نقوم بدورنا بإبلاغ شرطة الأجانب وهذه الأخيرة تتصل بالمشكوك فيهم وتقوم بدورها في هذا الاتجاه، ودورها هنا يتمثل في إعادة إثبات الهوية ثم الاتصال بالدولة المعنية إن لم يكن المشكوك فيه سوريا.