أبناء اللاجئين في ألمانيا بلا شهادة ميلاد
توافدت أعداد كبيرة من اللاجئين، لاسيما منهم من السورين والعراقيين، إلى ألمانيا لاعتبارات مختلفة من دون وثائق رسمية، أغلبهم فقدوا وثائقهم وشهاداتهم العلمية أثناء عبورهم البحر الأبيض المتوسط، هذا ما أثر سلبا على مواليدهم الجديدة في المهجر الألماني.
وتقدر الدوائر الرسمية في برلين عدد الأطفال لأباء لاجئين بحوالي 400 رضيع لم يحصل الكثيرون منهم على شهادة ميلاد وبالتالي لم يتمتعوا بحقوقهم المدنية ويعيشون على هامش المجتمع الألماني.
“أنا مستاء جدا من الإدارة الألمانية ومن تصرفاتها معنا”، كانت هذه الكلمات الأولى التي تفوه بها السيد أحمد حينما التقته “DW عربية” في حي فيلمرسدورف البرليني، أحمد لاجئ سوري جاء بواسطة البحر مع عائلته -التي تتكون من أم وأربعة أطفال- إلى ألمانيا السنة المنقضية.
“رزقنا الله قبل حوالي ثلاثة أشهر هنا في ألمانيا اِبناً ، بالرغم من ولادته في مستشفى برليني إلا أن الإدارة الألمانية لم تقبل منحه شهادة ميلاد، صحيح أني لا املك أي إثبات قانوني يؤكد أبوتي لابني، لكننا بحاجة ماسة للتسجيل حتى يتمتع بحقوقه ككل طفل هنا في ألمانيا”.
الأب الحلبي الأصل يقص حكايته لـ “DW عربية” قائلا إن الإشكالية تتمثل في عدم امتلاك أفراد العائلة لهويات أو وثائق رسمية من سوريا أو من ألمانيا، فالعائلة لم يتم تسجيلها بعد في إدارات التسجيل المعنية، ولهذا السبب رفضت البلدية البرلينية منحه شهادة ميلاد ابنه الرضيع الجديد.
ونفس الإشكالية يعيشها أيضا السوري الأخر أيمن البالغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما، والذي يعيش هو الآخر في برلين بصحبة عائلته التي تتكون من زوجة وثلاثة أطفال، تتراوح أعمار أطفاله بين الشهرين و عشر سنوات. مسقط رأس الأطفال الثلاثة الأوائل مدينة دير الزور السورية، على عكس المولود البرليني الجديد الذي اختاروا له اسم طارق وولد هو الآخر في إحدى مستشفيات الحاضرة برلين.
وقال أيمن في قصته مع البلدية المعنية التي رفضت تسليمه شهادة ميلاد مولوده الجديد “بالرغم من أن ابني طارق ولد في مستشفى بطريقة قانونية إلا أننا لم نتسلم أية وثيقة تثبت وجوده في هذا العالم، لقد تحولت لمرات عديدة برفقة أصدقاء يتقنون الألمانية إلى مبنى البلدية”.
وأوضح “أن الموظفة كانت ترفض دوما مدنا بشهادة الميلاد والسبب كما قالت عدم امتلاكنا لوثائق سورية أو غيرها تترجم وجودنا في هذا العالم”.
وحول الأهمية التي تضطلع بها الأوراق الرسمية لدى أيمن قال “جمعت كل ما نملكه من شهادات علمية ووثائق مدنية وكل ما هو ثمين في محفظة، وأثناء مغامرتنا بحرا في قارب مطاطي فقدنا كل ما كان بحوزتنا، وكانت المحفظة البنية من أهم الأشياء التي فقدناها حينما انقلب القارب المطاطي في عرض البحر ونحن في طريقنا من تركيا إلى اليونان”.
وللاستفسار أكثر حول هذا الموضوع ذهبت “DW عربية” إلى إدارة مستشفى برليني يقع في حي “شبانداو”، حيث قالت السيدة لاديفيغ أن الإشكالية لا تقع على عاتق إدارة المستشفي، إذ أن هذه الأخيرة لا تصدر شهادات الميلاد.
وأضافت “أتفهم غضب واستياء أولياء الأمور، إنهم لا يملكون ما يثبت أبوتهم للطفل كما أن المولود يعتبر غير موجود بالنسبة للدولة الألمانية، ودورنا هنا كمستشفى يتمثل في إعلام بلدية الحي بولادة مولود جديد لا أكثر ولا أقل”.
كما تطرقت لاديفيغ،التي أكدت أن هذه الحالات لا تقتصر على برلين فحسب بل تطال بقية المقاطعات الألمانية الأخرى، في مجرى حديثها إلى سلبيات هذه الإشكالية “وهكذا لا يسمح للمولود الجديد بالتمتع بالفحوص الوقائية الطبية في المستشفيات والتي هي ضرورية، لا لشيء إلا لأنه غير مؤمَّن صحياً ولأن ولي الأمر مجهول الهوية، هذا أمر فظيع”.
وحول النسق الطبيعي للحصول على شهادة الميلاد تقول الموظفة “المجرى القانوني لتسجيل الأطفال يتم كالآتي، حينما يولد مولود جديد تقوم إدارة المستشفى بإبلاغ إدارة البلدية المعنية، وفي ظرف زمني لا يتعدى الشهر تحصل العائلة على شهادة الميلاد بعد إظهار أوراقهم الرسمية مثل عقد الزواج أو شهادات الميلاد، وبشهادة الميلاد يتسنى لأولياء الأمور الحصول على الـتأمين الصحي للمولود فضلا عن الدعم المالي”.
والتقت “DW عربية” بالسيدة شميد الموظفة في مكتب المواطنين في أروقة مبنى بلدية شبانداو، والتي قالت “بلغ عدد هذه الحالات في برلين لوحدها إلى حوالي 400 حالة. لم يحصل المتضررون على شهادات ميلاد لأن العائلة لا تملك أية وثيقة تثبت صفتهم المدنية”.
واستمرت شميد تقول إن إدارة البلدية تحتفظ بتقرير المستشفى الخاص بالمولود، وحينما يحصل أولياء الأمور على وثيقة أو هوية من الدوائر الألمانية “نقوم بدورنا مباشرة بإصدار شهادة الميلاد”، ومن خلالها يتمتع المولود الجديد بحقوق المواطنة، أي بالدعمين المالي والطبي كبقية الأطفال على الصعيد الاتحادي.