مقولته الأثيرة: “أعبد الله في عملي” .. تلفزيون الخبر يزور أشهر مدير مدرسة في حمص
لم تهزمه السنون وتقلباتها، بل هزمها بجلادة رجل تمسك بوسام الأخلاق والنزاهة، تاركاً إرثاً لم تشهده حمص من قبل، فآلاف الأطباء والمهندسين والمعلمين والصيادلة والضباط كان لعلي سالم فضل في إنجازهم العلمي.
سبعون عاماً لم تقهره الأحداث التي مرت خلالها على البلد كما قهره مايجري اليوم، ففضل الحزن بصمت مع الكثير من العمل، كما يقول.
شق علي سالم طريقه في ريف حماة البعيد، تنقَّل بين عدة محافظات وهو طفل، يحل حيث يحل والده العسكري ويرحل حيث يرحل، فكان أول تحصيله العلمي في مدرسة ابن رشد في قطنا عام 1963 ومن ثم دار المعلمين في حمص التي تخرج منها في عام 1967.
عُيّن علي سالم كمعلم ومدير في مدرسة بلدة تادف الابتدائية بريف حلب ثم استُدعي للخدمة العسكرية الإلزامية سنة 1968 وقضى فيها أربع سنوات، قبل أن يتم تعيينه كمعلم وحيد في ابتدائية شمسين بريف حمص الجنوبي.
وخلال عمله في ابتدائية شمسين والتي اتخذها منزلاً، لصعوبة التنقل إلى حمص في تلك الأثناء، كان توفر الوقت للدراسة بعد انتهاء دوام المدرسة، حافزاً لحصوله مجدداً على الثانوية ودراسته للتاريخ في جامعة دمشق، ليتخرج منها سنة 1976.
انتقل إلى حمص وعمل كموجه في مدرسة الشهيد حسن الكردي ثم موجهاً ونائباً للمدير في مدرسة الشهيد محسن عباس في حي الأرمن، والتي ذاع صيتها فيما بعد.
استلم إدارة مدرسة الشهيد محسن عباس في 12/5/ 1983 بعد سفر مديرها مشهور الأسعد إلى الكويت، والذي لايقل عنه حرصاً ومتابعة برأي الكثير من أبناء تلك المرحلة.
صنع علي السالم من مدرسة محسن عباس نموذجاً للتفوق على مستوى القطر وعلى مدار 25 عاماً في إدارة المدرسة نافست ثانوية محسن عباس على المراكز الأولى في سوريا، وحصدت المركز الأول على مستوى المحافظة.
كان علي السالم أول من ابتكر جدارية يوضع فيها اسم وصورة وشهادة الطالب المتفوق على مستوى سوريا أو على مستوى حمص لتكون حافزاً لجميع الطلاب وماتزال تلك الجدارية تزين الجدران الداخلية لمدرسة الشهيد محسن عباس.
اعتمد على إنشاء علاقة تعاون وثقة بين الطالب وذويه والمدرسين وإدارة المدرسة، كما أنه اهتم ببناء علاقات متينة مع المدرسين ودخل في حياتهم الاجتماعية الخاصة ليكون جزءاً منها، وأسس صندوقاً تعاونياً في المدرسة، يضع فيه المدرسون اشتراكاً سنوياً ، وعند أي طارئ يخص المدرسين أو الطلاب يتم فتحه والانفاق منه على الحالة المستهدفة، سواء كانت فرحاً أو مأتماً أو هدايا للمتفوقين .
يقدّس علي سالم العمل ويتغنى بمقولتة الشهيرة ” انني أعبد الله في عملي ” مضيفاً ” كل انسان له معبد يلجأ فيه إلى الله ليحسن خلاصه، وأنا أعتبر أن خلاصي يكمن في اخلاصي لعملي “.
يتباهى بطلابه الذين توزعوا في مختلف المحافظات السورية وفي عدد من دول اوربا الغربية والشرقية وآسيا وأصبح الكثير منهم في مراكز علمية هامة وكان يشعر بالفرح عندما تنهال طلبات النقل إلى مدرسته من مختلف أحياء حمص وريفها، كما يقول .
ويروي لتلفزيون الخبر أنه كان يقول كلمة أمام وفد حكومي لتكريم الطلبة المتفوقين وقد استرسل أمامهم ” أنا أفخر بطلاب مدرستي على مر السنوات، فالكثير منهم باتوا سفراء للعلم في دول العالم.
وتابع في حديثه لتلفزيون الخبر “لاحظت أن أحد الحضور في الصف الأول لم يصدق الكلام وبدا عليه الامتعاض فبدأت بسرد أسماء الطلاب واماكن عملهم في أهم الجامعات ومراكز الأبحاث في أمريكا وفرنسا والصين وروسيا والجزائر وعندها ضجت القاعة بالتصفيق.
تميَّز علي سالم خلال إدارته الطويلة لثانوية محسن عباس بالقسوة، فالخطأ كان ممنوعاً في عهده، ويتناقل الطلاب الذين أصبحوا في مراكز مختلفة قصصاً عن حياتهم المدرسية في عهده، وينسجون روايات تخلد المدير الصارم.
يقول علي سالم لتلفزيون الخبر “تقاعدت في عام 2007 ولأن العمل التربوي يشكل أهم جزء من حياتي فقد افتتحت مخبراً لغوياً لمتابعة الطلاب في تحصيلهم، ومايفرحني أن طلابي في المعهد هم أبناء طلابي في ثانوية محسن عباس، وأن مدرسي المعهد هم طلابي في ذات الثانوية، فذات يوم كنت مديرهم وهم الآن زملائي وأبنائهم طلابي.
يذكر أن علي جمعة سالم من مواليد قرية عكاكير بريف حماه سنة 1947 وهو متزوج وله ستة أبناء وتم تكريمه من قبل الرئيس الراحل حافظ الاسد ثلاث مرات ومن الرئيس بشار الأسد وزوجته مرتين وعشرات المرات من قبل مديرية التربية ونقابة المعلمين والفعاليات الأهلية.
محمد علي الضاهر – تلفزيون الخبر – حمص