حراك مدني وسياسي وثقافي غير مسبوق بحثاً عن سوريا للجميع
سقط نظام بشار الأسد سريعاً إثر عملية أطلقتها فصائل المعارضة المسلحة بقيادة “هيئة تحرير الشام” (بدأت في 27 تشرين الثاني)، تحت مسمّى “ردع العدوان”.
وتمكنت الفصائل خلالها من دخول مدينة حلب دون قتال، تلتها حماة، ثم سيطرت على حمص، قبل أن تدخل دمشق دون قتال أيضاً، فجر 8 كانون الأول الأمر الذي توّج بفرار بشار الأسد وسقوط النظام.
ودعم معظم السوريين الخطوة التي قامت بها “هيئة تحرير الشام” في إسقاط نظام “الأسد”، واحتفل غالبيتهم في الساحات بهروب الرئيس السابق وإغلاق جرح استمر لـ6 عقود من عُمر البلاد.
ومنذ لحظات السقوط/الهروب الأولى تداعت عشرات التجمعات للعمل على الأرض وخلق حراك مدني سياسي ثقافي سوري بحت يدعو إلى سوريا المواطنة والوحدة والاستقرار وعدم الإقصاء وتكرار أخطاء الماضي.
وتحرك النشطاء عبر مواقع التواصل لتشكيل تجمعات والدعوة لاجتماعات تستهدف توحيد صفوف التيارات المدنية والسياسية أولاً ثم وضع تصوّرات عن مستقبل سوريا.
وانتشرت دعوة لتحرك تحت اسم “التجمع الثقافي السوري” موجهة “لكل المؤثرين وأصحاب الشأن في الثقافة والأدب والفن والإعلام في سورية” كما يقول متبنوها مثل السيناريست علي وجيه.
وبحسب بيان التجمع “سيكون له مجموعة من الفاعليات والنشاطات والمشاريع التي ستحمي الإرث الثقافي في سوريا وستعمل على التأثير في القرار المستقبلي”.
وأعلن الناشط السياسي فاتح جاموس عبر حسابه على “فيسبوك” عن تأسيس مبادرة باسم “تجمع سوريا الديمقراطية” تضم ناشطين وشخصيات وطنية من فئات عمرية عديدة في مدينة اللاذقية.
وأوضح “جاموس” أن “التجمع يستهدف حماية السلم الأهلي والعمل الجاد من أجل عقد مؤتمر شامل للحوار الوطني السوري، وإطلاق عملية الانتقال الديمقراطي الذي لا يكتمل إلا بالخلاص من الاحتلالات والتدخلات الأجنبية وتطبيق القرار الأممي 2254 وتوحيد الجهود لعدم عودة الاستبداد والدفاع عن مصالح الطبقات والفئات الشعبية الاقتصادية والسياسية ومناهضة التمييز بين الجنسين”.
ونظمت مجموعة من السوريات والسوريين عدة وقفات تضامنية مع ضحايا معتقلات النظام السابق في ساحات دمشق وحلب واللاذقية وحمص وسلمية بهدف التضامن مع أسر الضحايا في المعتقلات والمطالبة باتخاذ إجراءات لدعمهم ودعم ذويهم وإنهاء حقبة الاعتقال السياسي في سوريا ومحاسبة المتورطين.
ونقل ناشطون عبر مواقع التواصل بيان باسم المجتمع المدني جاء بحسب الموقعين “لرفع الصوت حفاظاً على الحالة المدنية ووقف جميع الأعمال العسكرية ووقف إراقة الدماء تمهيداً لبدء عملية سياسية شاملة والحفاظ على مؤسسات الدولة وإفساح المجال لحرية عمل المنظمات والناشطين ودعم قنوات التواصل بين المجتمعات المحلية والسلطات الجديدة وتوفير الحماية من أي انتهاكات أو مضايقات”.
وتصدّت مجموعة من النساء والناشطات السوريات عبر مواقع التواصل وشاشات التلفزة لتصريحات المتحدث باسم “الهيئة” عبيدة أرناؤوط المتعلّقة بقدرة السيدات على شغل مناصب معينة في النظام الجديد كما تمت الدعوة لتحركات نسائية على الأرض رافضة لهذا المنطق.
وقالت الناشطة أمل حميدوش من خلال “فيسبوك” إن “مشاركة النساء السوريات برسم واختيار شكل مستقبل سوريا قضية لا يمكن التنازل عنها أبداً الحق في المشاركة السياسية لا تقل أهمية عن الحريات الشخصية وعن حرية المعتقد”.
وأطلق مجموعة ناشطين على مواقع التواصل دعوة باسم “تجمع الشباب المدني” وعرفوا عنه بأنه “مساحة توحد السوريين المطالبين بسوريا مدنية وفرصة للحوار والاقتراحات للحراك المدني (إنت مو لحالك انزيل ع أرض الواقع واحكي) #الحل_سوريا_مدنية” إذ طالب التجمع المهتمين بالتواجد الخميس 19/12/2024 الساعة الرابعة عصراً عند دار الأوبرا بدمشق ولاقت الفكرة رواجاً كبيراً بين السوريين.
وكان هناك العديد من الدعوات لحراكات سياسية من الأحزاب التقليدية القديمة والأحزاب التي ظهرت منذ 2011 إضافةً لمجموعات شبابية ومدنية ونسائية تهدف في جميعها لتجهيز أرضية حوار بين جميع السوريين لا تعتمد الإقصاء.
يُذكر أن سوريا تعيش للمرة الأولى منذ خمسينات القرن الماضي حراكاً سياسياً ومدنياً يسعى للتأثير على مستقبل سوريا بعد عقود من الإقصاء ضمن نظام “البعث”.
وحكمت عائلة “الأسد” سوريا منذ عام 1971 وانتهى حُكمها بعد نصف قرن من الديكتاتورية، إذ حكم حافظ الأسد لمدة 29 عاماً، منذ 1971 وحتى رحيله في عام 2000، وحكم نجله بشار لمدة 24 عاماً، بدءاً من عام 2000، وانتهى حكمه بفراره في 8 كانون الأول 2024.
تلفزيون الخبر