68 عاماً على استشهاد البطل السوري جول جمال دفاعاً عن مصر
نفّذت القوات البريطانية والفرنسية و “الإسرائيلية” عدواناً ثلاثياً على مصر في صبيحة 29 تشرين الأول 1956 بقصد احتلال قناة السويس واستمر حتى 7 تشرين الثاني.
أصل الحكاية
يعود سبب العدوان الثلاثي على مصر إلى 3 أسباب، أولها قيام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس في تموز 1956، ما منع بريطانيا من الانتفاع من الممر المائي المهم عالمياً.
إضافةً لدعم مصر لثورة الجزائر ضد الاحتلال الفرنسي، علاوة على توقيع القاهرة لاتفاقية مع الاتحاد السوفيتي تقضي بتزويد الجيش المصري بالأسلحة لمجابهة كيان الاحتلال الصهيوني.
معاهدة “سيفر”
وقّعت أطراف العدوان الثلاثة في 24 تشرين الأول 1956 بضواحي باريس معاهدة مشتركة لضرب الجيش المصري، إذ نصّت الاتفاقية على أن تقوم القوات الصهيونية بخلق حالة صراع مسلح علي مشارف قناة السويس لتستغلها بريطانيا وفرنسا كذريعة للتدخل العسكري ضد مصر.
وتوفّر القوات الجوية والبحرية الفرنسية الحماية لقوات الكيان ومستوطناته، كما تصدر بريطانيا وفرنسا لاحقاً إنذاراً مشتركاً لكل من مصر والكيان لوقف أعمال القتال والابتعاد عن القناة، مع قبول مصر احتلال منطقة القناة احتلالاً مؤقتاً بوساطة القوات الانجلو فرنسية لحماية الملاحة البحرية فيها.
وتقوم القوات الجوية البريطانية بتدمير المطارات والطائرات والأهداف العسكرية المصرية وتحقق السيطرة الجوية في سماء مصر، وتدافع فرنسا عن موقف الكيان في الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه تبذل بريطانيا جهودها بصفة سرية بالاتصالات الخاصة لمساندة الكيان دون أن تكشف علانية عن ذلك حتى لا يضر مركزها في الوطن العربي.
بدء العدوان
اجتاحت القوات “الإسرائيلية” شبه جزيرة سيناء بغية احتلال قناة السويس، ونزلت قوات فرنسية وبريطانية في مدينة بور سعيد، وحاولت احتلال مدينة الإسماعيلية لكن المقاومة الشعبية المصرية نجحت في صد الهجوم.
بدأت الغارات في 5 تشرين الثاني 1956 وفى هذه الفترة أحرقت القوات البريطانية حي “المناخ” بأكمله بـ”النابالم”، وكان يمثل ثلث بور سعيد كلها، وفى حي “العرب” دمروا بالطائرات منطقة “الجمرك” القديمة وبعض العمارات السكنية.
وقام البريطانيون بإنزال مظلي في مطار “الجميل” غرب المدينة، ونفّذ الفرنسيون إنزالاً في منطقة “الرسوة” جنوب بور سعيد، وفي منطقة “الكارانتينا” جنوب بور فؤاد، علاوة على الإنزال البرمائي البحري والإنزال الرأسي بالهليوكوبتر البريطاني.
وفي 7 تشرين الثاني تقدمت القوات المشتركة 35 كم على امتداد قناة السويس بعد أن احتلت بور سعيد، إلّا أن تحذير موسكو باستخدام القوة في حال استمرت العمليات القتالية لعب دوره، إذ اعتُبر البيان السوفيتي “إنذاراً نووياً” على الرغم من عدم ورود مفردة “النووي” في أيّة وثيقة رسمية بهذا الخصوص وتوقف العدوان على مصر.
البطل السوري جول جمال
التقط البطل السوري جول جمال ليلة 4 تشرين الثاني بث فرنسي للسفينة الحربية “جان دارك” العملاقة وهي أول سفينة مزوّدة برادار في العالم، وكانت مهمتها عندما تصل بالقرب من شاطىء بور سعيد أن تدمّر ما تبقى من المدينة، وذلك بعد قصف سلاح الطيران الملكي والبحرية الملكي البريطانيين لها.
وطلب البطل الشهيد من قائده أن يسمح له بالمشاركة في العمليات العسكرية، لكن قائده اعترض على ذلك كون اللوائح العسكرية لا تسمح لأي أجنبي أن يقوم بدوريات بحرية.
لكن البطل أصرّ على طلبه بالمشاركة، وهو يقول له كما ورد في مذكرات وزير الإعلام المصري في ذلك الوقت: (عندما أرى شوارع الإسكندرية كأني أرى شوارع اللاذقية وأنا لا أرى بلدين أنا أرى بلد واحد).
وسُمح للبطل بتنفيذ خطته، إذ اقترب بزورقه من المدمرة الفرنسية واستطاع أن يصل إلى “نقطة الصفر” أي النقطة الميتة التي لا تستطيع مدافع المدمرة الوصول إليه منها.
وأدّت العملية إلى استشهاد البطل وغرق “جان دارك” فخر البحرية الفرنسية آنذاك وعلى متنها 88 ضابط و 2055 جندي بحرية، مؤكداً بذلك أن المقاومة والتعاون العربي هي السبيل الأنجع لوقف أي عدوان صهيوني على أرض عربية.
أين سوريا اليوم؟
استمرت سوريا في نهجها بالدفاع عن المقاومة، إذ كانت من الدول القليلة على مستوى العالم التي قدمت دعم مفتوح لحركات التحرر، سيما في المنطقة العربية والمتمثلة بالمقاومة في لبنان وفلسطين والعراق رغم كل ما تعرّضت له من عدوان وضغوط لإيقاف ذلك.
ومنذ بدء عمليات طوفان الأقصى وما تبعها من عدوان “إسرائيلي” على لبنان، تعرّضت سوريا لعشرات الاعتداءات “الإسرائيلية” بهدف إجبارها على إيقاف دعمها لحركات المقاومة في فلسطين ولبنان دون أي جدوى.
يُذكر أن وسائل إعلام “إسرائيلية” وصفت علاقة سوريا بمحور المقاومة وخصوصاً حزب الله اللبناني، بأن سوريا “أنبوب أوكسجين” لهذه الحركات.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر