هل من دواء لدى الحكومة ل”أسعار الدواء” ؟ .. من المسؤول عن التصريح؟
لا يزال الحديث عن ارتفاع أسعار معظم الزمر الدوائية بعد انقطاعها خلال الأيام الفائتة، حديثاً رائجاً في الشارع السوري، خاصة مع “الرفع السكيتي” للأسعار كما جرت العادة، وامتناع الجهات المعنية عن التصريح أو الإعلان المباشر عن هكذا قرار يمس قطاعاً حيوياً يتعلق بصحة جميع المواطنين.
ولم يكن من المفاجئ بالنسبة للعاملين في الشأن العام كالصحفيين مثلاً وأصحاب الاختصاص من صيادلة ومالكي مستودعات الأدوية، صدور قرار رفع أسعار بعض الزمر الدوائية مساء الثلاثاء منها بنسبة 70- 100% من سعر الدواء الأصلي.
وغاب عنصر المفاجأة بسبب تكرار خطوات رفع سعر الأدوية بالطريقة ذاتها، بدءاً من تخفيض توريد الأدوية للصيدليات، والتقشف بتوزيع حليب الأطفال، وصولاً إلى انقطاع هذه الأدوية بشكل شبه كلي، إلى حين توفره مجدداً بعد رفع سعره.
حجة المعامل والتهديد بالانقطاع
لطالما كانت حجة أصحاب معامل الدواء في سوريا حول قضية تكرار رفع الأسعار عدة مرات في العام، أنها حاجة لاستمرار الصناعة المحلية، والأمر لا يتوقف فقط على سعر المواد الفعالة الداخلة في الدواء، بل كذلك بسعر عبوات الكرتون والحبر والزجاجات وغيرها من مستلزمات التصنيع.
ويلوح أصحاب المعامل، على الدوام “بالكارت الأحمر” والمتضمن توقف التصنيع نهائياً، لتستجيب الوزارة في كل مرة لهم، إما خشية من تنفيذ التهديد، أو تجنباً لاتخاذ قرارات جديدة مرتبطة بدعم استيراد المواد الأولية المدعومة أساساً والتي تتغير أسعارها وفقاً لتغير سعر صرف الدولار المستمر أمام الليرة السورية.
وبحسب تصريحات سابقة لأصحاب معامل الدواء، أكدوا أن نشرات أسعار الأدوية المعدلة، لا يمكن الاستمرار فيها إلا لبضعة أسابيع، نظراً للمتغيرات المتواصلة في سعر الصرف، مما يدخلهم على حد تعبيرهم في دوامة الطلب من وزارة الصحة برفع الأسعار مجدداً والاصطدام مع القدرة الشرائية للمواطن من جهة أخرى
100% نسبة زيادة والبيع “بخسارة”!!
وينفي مصنعو الدواء في سوريا غايتهم الربحية من الرفع، لتأكيدهم المستمر بأن هذه التجارة خاسرة منذ عدة سنوات ( كون أرباحهم كانت عشرات الأضعاف) حتى لو ارتفعت أسعار كل الزمر الدوائية بنسبة 100%، بالرغم من اعتبار صناعة الدواء مجالاً مربحاً على الدوام في كل دول العالم نظراً لاستمرار الطلب وعدم القدرة على الاستغناء عن المنتج.
ويقارن هؤلاء بين سعر الدواء في سوريا، الذي يرونه أرخص من كل الدول المجاورة، لكن المشكلة في مستوى الدخل المتدني للمواطن السوري.
فإذا ما تم حساب التكاليف الشهرية لشراء دواء متعلق بمرض مزمن لمريض واحد في العائلة، كأدوية الضغط والسكر والغدة، تتجاوز قيمته 70% من دخل الموظف السوري، في حال ما كان يحتاج إلى دواء أجنبي أو طلبه من السوق السوداء.
وفي الحديث عن الدواء الأجنبي المستورد، اصبحت بعض من زمره أرخص من الدواء المصنع محلياً في فترات انقطاعه أو ارتفاع سعره، منها العديد من الأدوية النفسية والعصبية وأدوية مرضى الكلى (النادرة أساساً)، بحسب ما يؤكده صيادلة في دمشق.
وباتت المستشفيات والحكومية منها تطلب من المريض شراء كيس السيروم والأدوية المختلفة التي تعطى في المشافي من خارج صيدلياتها، ليتحمل الأخير عبء أسعارها من جهة، والجهد في الحصول عليها إن تمكن.
أدوية وحليب الأطفال.. الكارثة الأكبر
يواجه الطالب لعلبة حليب أطفال كارثة حقيقية، خاصة عبوات الحليب المخصصة لأصغر عمر، والتي تكون أولى ضحايا الانقطاع أو ندرة التوريد، لكونها لا تصنع محلياً اطلاقاً بالرغم من تكرار الحديث عن مخططات لتصنيعها محلياً، لكن يتم تأخير المشروع في كل مرة بسبب خسارته المحققة أمام التكلفة وسعر المبيع.
ويصل سعر أقل عبوة حليب أطفال في الصيدليات إلى أكثر من 100 ألف ليرة سورية، بينما تكون باقي الأدوية المخصصة للأطفال كأدوية السعال والتحاميل والالتهاب هي الأعلى في نسبة السعر الجديد المطروح.
من المسؤول عن شرح ما يحدث؟
تمتنع نقابة الصيادلة ووزارة الصحة عن التصريح حول قضية الأدوية، في حال طالبها الإعلام بأي تصريح حول رفع السعر المتكرر، أو حتى في تأمين بعض الزمر الدوائية التي تقدمها الدولة لأصحاب الأمراض المزمنة أو البدائل لها كأدوية السرطان والكلى التي يمكن أن تجلبها من مصادر مختلفة بعد الحصار الاقتصادي الذي يطوق البلاد منذ عدة سنوات.
وفي حين صارت تقولها “نقيب الصيادلة” علناً أنها لا تصرح للإعلام، تتبع وزارة الصحة سياسة “التطنيش” في التعامل مع الإعلام، حتى لو كانت القضية في قمة الأهمية بالنسبة للمواطن.
ويبقى الحديث عن هذا “الموضوع الحساس” ضائعاً بين مطالب الصيادلة الذين بات بعضهم يفضل الإغلاق على البيع بخسارة، وبين أصحاب المعامل والمصنعين البكائين من فترة إلى أخرى عندما لا تتم الاستجابة لمطلبهم في زيادة السعر، أما المريض السوري فتستمر معاناته بالبحث والطلب على دواء يهدد حياته ان استغنى عنه كما استغنى عن “رفاهيات” أخرى تطالها لظى الغلاء كل يوم.
لين السعدي – تلفزيون الخبر