“حرائق الصيف” هاجس جديد يهدد نفسيات السوريين بعد غاباتهم
تخطت الصدمات النفسية التي تلقاها المواطن السوري حدود الحرب وتداعياتها، إلى الحرائق والزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية التي جاءت لتزيد مآسيه، فأصبح الصيف موعد رعبٍ سنوي لقاطني المناطق الحراجية والجبلية خوفاً من تكرار نشوب الحرائق.
“أرقب كل شخص يمر بالقرب من غابتنا” بهذه الكلمات عبرت مايا (27عاماً) وهي طالبة في كلية الزراعة في حديثها لتلفزيون الخبر، عن خوفها الدائم من نشوب حريق في غابة الصنوبر القريبة من منزلها الكائن في إحدى قرى ريف مصياف.
وتابعت مايا “بعد تكرار احتراق أجزاء من هذه الغابة كل صيف أصبح لدينا هاجسٌ دائم بمراقبتها وتفقدها ليلاً، خاصة بعد أن تسببت إحدى الحرائق الكبيرة التي شهدتها جبال مصياف عام 2015 بوصل النار إلى قرب منزلنا”.
وأضافت مايا “أسرعنا حينها أنا وأمي وأخواتي لجمع أوراق الثبوتية والهرب من المنزل ونحن نشاهد النار تقترب من بيتنا، لكن معجزة حصلت بوصول سيارة إطفاء تمكنت من إبعاد النار”.
وقالت مايا “منذ ذلك الحين تولد لدي خوف دائم من تكرار حالة الخوف الذي عشتها، خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة المترافق مع تحذيرات نشوب الحرائق أو عند اشتداد سرعة الرياح”.
من جهتها بيّنت الأخصائية النفسية هبة موسى خلال حديثها لتلفزيون الخبر “أن الصدمة النفسية للتعرض للحرائق قد تمتد مدى الحياة، حيث تجعل من عاشها في حالة فزع وهلع، ويكون تأثيرها أكبر في السنوات الأولى عن السنوات اللاحقة”.
وأردفت “موسى” أن “هذه الصدمة تخزن في الذاكرة دون أن تختفي وتستحضر في كل مرة يرى فيها الشخص النار، بالإضافة لأن هذه الصدمة تتجلى بفقدان الأمن مع وجود انعكاسات على الصحة الجسدية”.
وأوضحت “موسى” أن ” تأثير تلك الصدمة يختلف تبعاً للفئات العمرية، فالأطفال و كبار السن أكثر تأثراً من الناضجين، ويتباين حسب الجنس أيضاً، فالأنثى تختلف في ردة فعلها عن الرجل، ويجب التعامل مع كل حالة على حدى”.
وأكدت “موسى” بالنسبة للحالات التي سببت لهم الحرائق أثار جسدية يجب العمل معها على تحقيق التصالح مع الذات، وتوعية الجميع إلى ضرورة عدم تجاهل هذه المشاعر لأنها قد تسبب الاكتئاب، فهنالك مرضى مجرد رؤيتهم لشرارة نار يولد لديهم نوبات صراخ وغضب”.
وكشفت “موسى” عن ” وجود متطوعين من الأخصائيين النفسيين المتكفلة بالعلاج النفسي لمن تعرضوا للحرائق، ومساعدتهم على تقبل الصدمة، وإعادة الاندماج في المجتمع وتشجيعهم على أن تكون تجربتهم دافع لهم في توعية الأخرين”.
يشار إلى أن سوريا ومنذ تسع سنوات تشهد في كل صيف حرائق ضخمة في عدة محافظات، وكان لهذا الصيف نصيب كبير حيث شهد ريف اللاذقية وحماة حرائق استغرق إخمادها عدة أيام.
مرح ديب – تلفزيون الخبر