العناوين الرئيسيةمن كل شارع

“معقول تشتّي بتموز”..فرحة “عارمة” باستلام مخصصات التدفئة في “عز الصيف” بحمص

في طقسٍ “حرّاقي”، جالساً وسط أكوام الموبايلات المصطفة على طاولة محله في حي المهاجرين بمدينة حمص، يتلقى عمار (33 عاماً) مكالمة من والدته تبدأ بعبارة “هات البشارة”، حسب تعبيرها.

وبينما كان منهمكاً بإيجاد طريقةٍ يزيل بها قفلَ جوالِ أحد زبائنه، يترك عمار كل ما بين يديه من أجهزة تنتظر دورها للتصليح، ويهرع راكضاً إلى منزله دون أن يقفل باب المحل لشدة الفرح، فاليوم “إجت رسالة المازوت”.

وبينما لا تكاد البسمة تفارق ملامح وجهه، يصعد عمار إلى “سقيفة” المنزل، ويبحث بين أكياس الثياب الشتوية و”قطارميز” المونة عن “بيدونات” المازوت التي رماها منذ عدة أشهر بعد انقضاء فصل الشتاء.

ومن داخل السقيفة، وسط أصوات القرقعة، يقول عمار لتلفزيون الخبر: ” والله عشت وشفت رسالة المازوت”، بعد يأس وفقدان الأمل بالحصول على مخصصاتنا البالغة 50 لتراً “بعين الحسود”، حسب تعبيره.

ويتابع الشاب الثلاثيني: “رغم أنني عازب ولا أولاد لدي كي أقلق لشعورهم بالبرد خلال الشتاء، إلا أن والدتي كبيرة في السن وتحتاج الشعور بالدفء معظم فترات اليوم، لاسيما وأن راتبها التقاعدي لا يتجاوز مئة ألف ليرة لا تصمد أسبوعا ً واحداً من الشهر”.

 

وبعد تبديل ثيابه النظيفة بأخرى متسخة بالية، يحزمُ عمار في حقيبة صغيرة لوازم هذه “الرحلة السعيدة” من ثبوتيات “الذكية” وعبوة ماء لينطلق إلى مكان وقوف الصهريج، الساعة الثالثة ظهراً من أيام تموز الحارقة.

 

“الشعرةُ…مكسب”، يضيف عمار لتلفزيون الخبر، فالبرد نخر عظامنا في الشتاء الفائت و”مشي الحال”، ووصلنا إلى مرحلة اليأس من مناشدة المعنيين في قطاع المحروقات لتعبئة مخصصاتنا حتى نسينا أو تناسينا حقنا المشروع بتلك اللترات.

 

متنقلاً بين الحارات، يبحث عمار رفقة أخيه عن بعض الظلال التي توفرها المنازل المرتفعة، فدرجة الحرارة 35 مئوية قياساً، 46 شعوراً، وأقرب ما تكون إلى “جهنم الحمراء”، يقول عمار.

 

“بيلزمو..مناح..أحسن من بلا”، يتبادل عمار وشقيقه الصغير “إبر البنج” والجمل الشعبية لتخفيف صعوبة إغلاق باب رزقه وخروجه تحت شمس تموز مسافة 3 كيلومتر للحصول على 50 لتر من المازوت، المنقوصة طبعاً لأن “البيدون بينفش” حسب نظرية المسؤول عن التعبئة.

 

ومن على بعد مئات الأمتار، يُصعق الشابان بما شاهداه، حتى اعتقد إيهاب (الشقيق الصغير) لبرهة أنه وصل هولندا أو ألمانيا، حسب قوله، فلا طابور هذه المرة، ولا تزاحم وشتائم واستغلال دور، في سابقة لم يستوعبها عقل الشاب.

 

“36 ألف ليرة عمي”، يطلب الشخص المرافق للصهريج قيمة المازوت، بينما يجهز شخص آخر قسيمة “تكامل الذكية” كي يتم تسليمها إلى “الباشا” المسؤول عن تعبئة البيدونات كما يطلق عليه رفاقه.

 

“العروس جاهزة وتستاهل تكسي”، يقول عمار لتلفزيون الخبر، فقد طال انتظار وصول العروس السوداء الآتية على هيئة 50 لتر مازوت منذ كانون الثاني الفائت، حتى اعتقدنا أنها لن تأتي أبدا ً مع كل التصريحات الرسمية الأقرب للنحيب والبكاء”ّ

 

وما إن لمع اللون الأصفر القادم من بعيد، حتى يرفع الشابان يديهما إلى تكسي “كيا ريو” يقودها شاب عشريني، ويوافق على توصيل العروس إلى حي المهاجرين، و “خورفة” الزبون بخمسة عشر ألف ليرة، ويومئ الأخير برأسه دون اعتراض، تحت تأثير مباركات أهل الحي وأمنياتهم الموحّدة “عقبال جرة الغاز”.

 

عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر_ حمص (بتصرف)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى