بعد تحوله لـ”مقبرة”.. الأمم المتحدة قلقة إزاء وضع طالبي اللجوء العابرين للبحر المتوسط
سجلت السنوات الأخيرة مئات حوادث الغرق المميتة التي خلفت آلاف القتلى والمفقودين من المهاجرين وطالبي اللجوء الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط والذي بدوره تحوّل إلى مقبرة تنتهي عندها أحلام الراغبين في الوصول إلى الجانب الأوروبي.
ومنذ عام 2014، لقي أكثر من 26 ألف شخص مصرعهم أو فقدوا أثناء عبورهم البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك أكثر من 20 ألف شخص على طول طريق وسط البحر الأبيض، والذي يعتبر من أكثر طرق الهجرة فتكا في العالم، بحسب أرقام المنظمات الأممية.
وأعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، عن قلقه إزاء وضع طالبي اللجوء والمهاجرين الذين يحاولون عبور وسط البحر الأبيض المتوسط، داعياً إلى تضافر الجهود لضمان إنقاذهم السريع، ومعالجة طلباتهم في أماكن آمنة بشكل كريم وفعال وشامل.
وقال المفوض السامي في بيان، “إننا نشهد زيادة حادة في عدد الأشخاص اليائسين الذين يعرضون حياتهم لخطر جسيم، لا يمكننا أن نتحمل التردد وأن ننخرط في نقاش آخر حول من هو المسؤول، فحياة البشر على المحك”.
وحث “تورك” الدول على فتح مزيد من قنوات الهجرة النظامية، وتعزيز تقاسم المسؤولية، وضمان الترتيبات الخاصة بإنزال جميع الأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر بأمان وفي الوقت المناسب، ورصد ورقابة السياسات والممارسات المتعلقة بالهجرة بشكل المستقل.
وأشاد المفوض السامي بجهود خفر السواحل الإيطالي التي أنقذت حوالي ألفي شخص، منذ يوم الجمعة الماضي.
وأفادت إيطاليا بأن حوالي 31.300 مهاجر وصلوا حتى الآن إلى شواطئها عام 2023، مما يمثل ارتفاعاً حاداً عن نفس الفترة من العام الماضي والتي وصل فيها نحو 7900 شخص، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وبحسب شهادات عمال الإنقاذ، فإن معظم المهاجرين غادروا من ليبيا وتونس، وهم يأتون في الأصل من كوت ديفوار وغينيا وبنغلاديش وتونس وباكستان.
وحلت تونس محل ليبيا كنقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الفارين من شظف العيش والصراعات في أفريقيا والشرق الأوسط أملا في حياة أفضل في أوروبا، بحسب “رويترز”.
وكشف الحرس الوطني التونسي هذا الشهر إنه تم اعتراض أو إنقاذ أكثر من 14 ألف مهاجر، معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام في أثناء محاولتهم العبور إلى أوروبا، وهو ما يعادل خمسة أمثال الأرقام المسجلة لنفس الفترة من العام الماضي.
وأكدت السلطات التونسية أن ما لا يقل عن 25 مهاجرا إفريقيا لقوا حتفهم غرقاً، وفقد 15 آخرون بعد غرق قارب كان يقلهم باتجاه أوروبا في البحر المتوسط قبالة سواحل تونس هذا الأسبوع.
وقال المدعي العام في صفاقس فوزي المصمودي لوكالة “الأسوشيتد برس”، إن قوات خفر السواحل التونسية انتشلت، الخميس، جثث 15 شخصا كانوا محصورين تحت القارب بالقرب من ساحل صفاقس شرق وسط تونس، بعد أن انتشلت، الأربعاء، 10 جثث أخرى وأنقذت 72 مهاجرا من القارب الغارق، على حد قوله.
ووفق تقديرات المدعي العام، فإن هناك 15 إلى 20 شخصاً آخرين كانوا على متن القارب ما زالوا في عداد المفقودين، بناء على روايات الناجين.
وأفادت وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي بأن عدد من سعوا إلى الوصول إلى التكتل عبر البحر المتوسط في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023، زاد إلى ثلاثة أمثاله في العام الماضي.
و كشفت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة أن الربع الأول من هذا العام شهد “أعلى عدد من وفيات المهاجرين منذ نفس الفترة من عام 2017”.
ويوم الثلاثاء، أعلنت الحكومة الإيطالية اليمينية حالة الطوارئ في التعامل مع قضية الهجرة بعد “الزيادة الكبيرة” في تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط، وذلك في خطوة تسمح لها بإعادة المهاجرين غير المرغوب فيهم بسرعة أكبر.
ودعا “تورك” دول الاتحاد الأوروبي إلى التنسيق بشأن حوكمة الهجرة، قائلا: “لقد حان الوقت الآن للتضامن مع إيطاليا وتعزيز التعاون لحماية حقوق الإنسان لجميع الأشخاص المتنقلين”.
وشدد المسؤول الأممي على ضرورة أن تتماشى أي سياسات جديدة في ظل حالة الطوارئ التي قررت إيطاليا فرضها هذا الأسبوع لإدارة الوضع، مع التزاماتها في مجال حقوق الإنسان.
وأضاف: “لا يمكن الانتقاص من حماية حقوق الإنسان، مثل الحق في الحياة وحظر الإعادة القسرية، حتى في مثل هذه الأوقات”.
وأكد المفوض السامي أن التجارب السابقة تثبت أن اتباع نهج أكثر صرامة للحد من الهجرة غير النظامية لن يمنع المغادرة، “بل سيؤدي إلى المزيد من المعاناة البشرية والوفيات في البحر”، ودعا البلدان إلى توفير مسارات آمنة ومنتظمة للهجرة لمنع الوفيات التي يمكن تفاديها.
كما ناشد “تورك” الحكومة الإيطالية التخلي عن القانون الجديد الصارم الذي اعتمدته في وقت سابق من هذا العام، والذي يقيد عمليات البحث والإنقاذ المدنية، والامتناع عن تجريم المنخرطين في تقديم المساعدة المنقذة للحياة.”
من جانبها، ذكرت وكالة الحدود الأوروبية في وقت سابق أن 330 ألف شخص عبروا بشكل غير قانوني عبر جميع الطرق في العام الماضي، وهو أعلى رقم مسجل منذ 2016.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إنها وثقت وفاة 411 مهاجرا في طريق وسط البحر المتوسط خلال الفترة بين يناير ومارس ما يجعله الربع الأول، الأكثر تسجيلا للوفيات منذ ستة أعوام.
وأشار مدير المنظمة أنطونيو فيتورينو، إلى أن “الأزمة الإنسانية المستمرة في وسط البحر المتوسط لا تحتمل”، داعيا سلطات الدول إلى إجراء المزيد من عمليات البحث والإنقاذ.
تلفزيون الخبر