العناوين الرئيسيةمجتمع

مع تراجع القوة الشرائية..مائدة السوريين في رمضان مختلفة عما مضى

أجبرت موجات الغلاء المتلاحقة معظم الأسر السورية على التخلي عما يعرف بـ”المونة” أو تقليصها إلى حدودها الدنيا التي تتناسب مع مدخولهم الشهري المتفاوت، حتى وصل البِساطُ الذي تُقاس عليه أرجل السوريين إلى ميلمترات معدودة.

حلب وما أدراك ما حلب

“حلب بلد المحاشي والكبب”، تُعرف محافظة حلب بهذا المثل الشعبي في أذهان سكان المحافظات السورية، حتى ممن لم يزر الشهباء يوماً، فإنه سمع بهذه العبارة الدالة على ريادتها بتحضير هذين الصنفين من الطعام.

تقول السيدة (أم محمد) لتلفزيون الخبر: “تشتهر الموائد الحلبية خلال شهر رمضان المبارك بأنها عامرة بأشهر أصناف الكبب ومنها “كبة بسفرجلية، كبة سماقية ،كبة لبنية، كبة صاجية ،وكبة مقلية ومشوية وبصينية”.

وتابعت: “إضافة للمأكولات الشهيرة الأخرى من أرمان باللبن والفريكة، وشيش برك، والمحاشي بأنواعها كوسا باذنجان وقرع وفليفلة ويبرق مع ضلع خاروف وشقف ليّة (دهنة )، لحمة بكرز وقبوات وشيخ المحشي ولحم بعجين وعش البلبل وكباب باذنجان و أوزي ولحمة بالصينية بالإضافة للمشاوي”.

 

وعن أصناف الحلويات المشهورة المستهلكة بكثرة في حلب خلال شهر رمضان، أوضحت أن من أشهرها (غزل البنات بالقشطة والفستق والجوز )”.

وأكملت ربة المنزل لتلفزيون الخبر: “بالطبع فإن الكثير من العائلات الحلبية لم تعد تستطيع تحضير هذه الأكلات، لأن كل منها يتطلب راتبا كاملاً، حتى أصبح تناولها ضرباً من الخيال”.

 

وتابعت: “فيما مضى، كانت العائلة متوسطة الدخل تضع على المائدة 4 أصناف من الطعام على الأقل، بالإضافة إلى المقبلات والشوربات والعصائر المشهورة (السوس ، التمر الهندي)، كما كادت لا تخلو أي مائدة من كعكة رمضان ( معروك )”.

 

أما فيما يتعلق بالسحور، أشارت أم محمد إلى أن: “المائدة الحلبية كانت مليئة بكل أنواع المعجنات (سمبوسك ، صندويش فروج ، بيض مقلي، انواع الاجبان المختلفة، المربيات بأنواعها بالإضافة للزيتون وللعطون، لكنها اقتصرت الآن على نوع واحد وبأقل التكاليف الممكنة في ظل الأوضاع الإقتصادية الصعبة”.

 

وختمت السيدة الحلبية لتلفزيون الخبر بأن: “المواطن الحلبي اعتاد سابقاً شراء مونة رمضان بكاملها ولا نقصد المواد الأساسية فقط، بل الخاصة بالشهر الفضيل مثل التمر والزبيب والتين اليابس ومكسرات وجوق ملبل، ولكن ذلك تغير و اقتصرت مونه رمضان على المواد الأساسية الرز والزيت والمعكرونة”.

 

وفي “العديّة” أيضا ً..الشراء بأقل الكميات

 

لا تستطيع وجوه السكان في أسواق حمص إخفاء الحسرة نتيجة الحال الذي وصلته قدرتهم الشرائية، وتراجعها إلى حدود غير مسبوقة مع قفزات الغلاء المتعاقبة حتى أصبحت أبسط الطبخات تستوجب ورقة وآلة حاسبة.

 

“بالحبة والحبتين نشتري الخضار”، تقول أم كنان لتلفزيون الخبر، بينما كانت تتفحص البندورة في سوق شعبي وسط حي الزهراء، باحثة عن أرخص أنواعها رغم بعض الضربات والإهتراء الذي أصابها.

 

وأضافت السيدة المقاعدة: “وكأن رمضان الحالي غير ذاك الذي عهدناه في السنوات السابقة، فالشراء بات موضع قلق وتردد، مع حيرة عن أقل التكاليف التي يمكننا أن نتكبدها، عكس الأيام الخوالي التي كنا نملأ بها موائدنا بكل أنواع المحاشي واللحوم”.

 

“حمص مشهورة بالكبيبات”، تكمل أم كنان، وهيي نوع من انواع الكباب المعروف في حمص، فهو يختلف عن الكباب العادي بإضافة البرغل للحمة ويمكن شيّه على الفحم ويمكن في الفرن، إلا أن ارتفاع أسعار مكوناتها جعلنا ننسى طعمها المحبب”.

 

أما الحلويات، فتتصدرها حلاوة الجبن، تكمل ربة المنزل، وهي عبارة عن جب عكاوي ممزوج بالسميد والسكر ومحشو بالقشطة وحلاوة الجبن من الوصفات الشهية التي لا تقاوم وتعد من الوجبات الدسمة لاحتوائها على الجبن والقشطة، وتعد أهم طبق حلويات على مائدة رمضان لأنها تعطي الجسم الطاقة والحيوية.

 

“الشاكرية واليبرق والمحشي والكبسة”، جميعها أكلات محببة للمواطن الحمصي، إلا أن الغلاء الراهن تسبب بحرمان معظم العائلات من هذه الأصناف، وحتى بهجة وفرح هذا الشهر تكاد تختفي مع كم الضغوط الهائل على تفكير السكان”، تختم أم كنان.

 

رمضان الشامُ لم يعد نفسه

 

يندرج كل ما ذكره سكان المحافظات السورية على العاصمة أيضا ً، وهي التي تسجل أرقاما ً فلكية بارتفاع تكاليف المعيشة فيها، من أسعار الخضروات والمواد الغذائية والإيجارات وغيرها.

 

(أم ميرنا) وهي ربة منزل من سكان حي الميسات بدمشق، قالت لتلفزيون الخبر إن: “موضوع أصناف الطعام في هذا الوقت يرتبط بالموسم الزراعي الراهن، وعلى سبيل المثال فقد اقترب موسم الفول والبازلاء وعلى هذا الأساس تكثر الأكلات المرتبطة بهما”.

 

وعن الفرق بين مائدة رمضان فيما مضى والآن، أضافت : “باتت معظم الأكلات تفتقر للحوم بأنواعها، وحتى الخضار ارتفعت أسعارها إلى مستويات غير مسبوقة ماجعل تأمينها صعباً جداً بالكميات نفسها التي تتطلبها الطبخات المحبوبة في شهر رمضان”.

 

“أما الحلويات فتحضيرها أصعب”، تكمل ربة المنزل لتلفزيون الخبر، وخصوصا ً إذا كانت عدد أفراد العائلة كبير، وما يتطلبه ذلك من لوازم كالقشطة والسكر والزبدة زغيرها، ماجعل حضور الحلويات على المائدة بحدودها الدنيا، شرقية كانت أم غربية”.

 

يذكر أن حال المحافظات السورية الثلاث يلخص ما تعانيه الشريحة الأكبر من السوريين، ولا يقتصر تراجع القدرة الشرائية على تحضير مائدة رمضان، لأن موجة الغلاء أجبرتهم على اتباع سياسة تقشفية حادة في كل أيامهم، المباركة وغير المباركة.

 

عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى