الشهيد منار يوسف .. قصة من الحرب
لن أعود إلى أن أعيد جثمان أخي معي أو استلقي بقربه شهيداً على هذا التراب، هذه كانت الكلمات الأخيرة للشاب منار يوسف الذي استشهد في ريف اللاذقية بـ 19 -7 – 2016 . لم تكن عيني منار ترى خلال الخمسة الأشهر الماضية سوى وجه أخيه هاشم الذي استشهد في ريف اللاذقية خلال معارك الجيش العربي السوري والقوى المؤازرة له في قرية كنسبا بـ 26 -2 -2016 ، ولم يستطع أن يودعه بعد أن طالب بجثمانه أكثر من مرة دون فائدة. وقرر أن يلتحق بالقوى المؤازة للجيش العربي السوري ليعيد جثمان أخيه ويدافع عن وطنه، بعد أن خسر السند الوحيد له في هذه الحياة، حيث توفي والديه منذ سنوات بعيدة. وفي حديث لتلفزيون الخبر مع عم الشهيدين منار وهاشم يوسف السيد باسل يوسف (أبو ميهوب) قال “عاش هاشم ومنار منذ صغرهما بلا أب وأم وبقيا في منزلي إلى أن أصبح عمر كل منهما 14 عاماً، لم يكن هاشم قادراً على اختيار طريق محدد له، وبعد اندلاع الحرب في سوريا، كان الدفاع عن الوطن شغله الشاغل وهمه الوحيد”. وتابع “التحق هاشم بالقوى المؤازة للجيش العربي السوري مع بداية العام 2016 ونفذ عدة عمليات في ريف اللاذقية إلى أن استشهد في منطقة بداما، ولم يصلنا جثمانه، اتصل بنا أحد أصدقائه وقال لنا أن هاشم استشهد، حاولنا أن نسأل عن جثمانه وبحثنا في جميع المشافي عله وصل مع زملائه في الشهادة إلا اننا لم نجد شيئاً وهنا كانت بداية الحكاية وقصة منار”. وأضاف “منار يوسف الأخ الأصغر لهاشم بعام واحد فقط قرر أن يحارب ويدخل الى قرية كنسبا ليعود بجثمان أخيه، رغم صغر سنه و نقص خبرته وتجربته في الحياة، ورغم جميع محاولتنا لايقافه إلا أنه رفض، وذهب دون أن يخبر أحد إلى أن استشهد في 19 – 7 – 2016″. وتابع ” حاول أحد الاصدقاء ايقاف منار وقدم له المساعدة وقال له أنه أمن لو وظيفة دائمة يستطيع أن يكسب منها راتباً شهرياً، ووعده بالاهتمام به ودعمه نفسياً ومادياً، إلا أن منار رفض وأصر على الذهاب لينتقم لأخيه ويعود بجثمانه”. وقال صديق منار الشاب لبيب رمضان لتلفزيون الخبر إن منار أراد أن يعيد جثمان أخيه، وقالها قبل أن يستشهد عندما كان وصديق له أخبرنا ما حدث حيث قال أنهما كانا مختبئان خلف منزل وقال له صديقه “دعنا نوعد يا منار الرصاص في كل مكان” فما كان من منار إلا أن أجابه “إما أن أدخل واحضر جثمان أخي أو استلقي قربه على هذا التراب” وكانت الرصاصة التي استقرت في خاصرته أخر ما شاهدته وقتها”. وتابع “عندما قرر منار الذهاب اهديته بوط عسكري كانت إحدى جارتنا أعطتني اياه، وكنت قررت اعطاؤه لهاشم، إلا أن الوقت أدركني واستشهد هاشم، فاعطيته لمنار وكانت فرحة منار بالبوط العسكري كفرحة طفل يشتري له أباه هدية في العيد، قال لي “شكرا على هذه الهدية الجميلة في العيد انها أجمل ما يمكن أن ألبسه وأحارب به”. قصة هاشم ومنار يوسف واحدة من قصص كثيرة شهدتها الأرض خلال سنوات الحرب في سوريا، وما بقى لهذان الشابان اليتيمان سوى شهادتهما التي كانت الحضن الوحيد لهما بعد أن خسرا والديهما منذ الصغر، ووجدا من الشهادة تعبيراً وحيداً عن تعلقهما بهذه الأرض.
سهى كامل – اللاذقية – تلفزيون الخبر