“منها تمثال للسيدة العذراء”.. أعمال رجل “الكبريت” تنبض بالحياة
اختلف “مازن إسماعيل” (55 عاماً) عن بائعة “الكبريت” في قصّتها الحزينة بعد ممارسة هوايته بتنسيق عيدان الكبريت فوق بعضها البعض لتصنيع مجسّمات إبداعية، حقّق من خلالها حلمه، وانتقل بها إلى مهنة مميزة أيقظت بداخله مشاعراً من الرضا.
وتحدّث رجل “الكبريت” “أبوعبدالله” كما يصفه البعض عن بداية تجربته في عمر الـ 14، قائلاً لتلفزيون الخبر: “اكتشفت موهبتي بداية من بيوت الكاسيت.. صمّمت كوخاً بسيطاً وبنيته من العيدان الموجود في منزلي، فالكبريت من صنع الطبيعة وألوانه مختلفة تعطي رونقاً رائعاً لأي قطعة”.
وسعى “أبو عبدلله” نحو استخدام الأغراض المستعملة في الحياة اليومية، وتحويلها إلى شيء مبتكر، الأمر الذي كان أيضاً وراء اختياره للكبريت، مستخدماً مادة “الشعلة” في اللصق، حيث وضع أمامه مئات من التصميمات ثم عرضها على الأهل والأصدقاء وصولاً إلى الإنترنت”.
واستغل صاحب مهنة الصبر، الأغراض التي تستخدم ثم ترمى، دون أن يشعر الشخص بقيمتها، وبالرغم من توافر “الكبريت” في كل منزل، إلا أن البعض يتخلّصون من العيدان فور استخدامها، بالرغم من إمكانية تصميم ديكورات مميزة وتجسيد تماثيل لشخصيات مختلفة عن طريقها.
وأثناء “صفصفة” العيدان بطريقة متوازية لقطعة يبدع في تشكيلها، أضاف “أبو عبدلله”: “بدأت بتطوير هذا الفن حتى أصبح مهنة أجني منها الأموال بعد وضع أجرة للجهد المبذول مع تكلفة القطعة، لكن الحال اختلف عمّا كان عليه قبل الأزمة السورية”.
وأخذت الحرب معها إمكانية شراء المواد بأسعار معقولة وبسيطة، كما أوضح “أبو عبدلله” أثناء تمرير ريشته الصغيرة لوضع المواد اللاصقة على الكرتون، قائلاً: “كانت المواد رخيصة، حيث بلغ سعر لاصق الشعلة 40 ل.س آنذاك، أما الأن يتجاوز الـ 3000 ل.س، ناهيك عن أسعار البلاكيه ومادة الَلكر المستخدمة لحماية الأعواد من الاشتعال”.
واعتبر “أبو عبدلله” أن “اهتمام الناس حالياً بات بالوضع المعيشي وليس باقتناء التحف، نظراً لغلاء الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي، وبالتالي غلاء سعر القطعة الحالي”.
وتختلف تكلفة المواد من قطعة إلى أخرى، فمثلاً الماكيت يحتاج لتمديدات كهربائية وورق جدران وصنوبر لإكساء السقف من الخارج حتى يصبح أشبه بالقرميد”.
وكان تمثال السيدة مريم العذراء هو أوّل ما ابتكر تجسيده “أبو عبدلله” من مجسمات عيدان الكبريت، مع استخدام البلاكيه الخشبي والكرتون المقوى للتصميم وغيرها.
ولاقت التحف الإبداعية التي شكّلها “أبو عبدلله” إعجاب الكثيرين، وتحديداَ في معارض دمشق الذي كان أول المشاركين فيها في قصر العظم والتكية السليمانية وقلعة دمشق وخان أسعد باشا وغيرها.
“ولا تأخذ هذه الحياة شيئاً منك إلا وتردّه لك بطريقة جميلة” كما روى “أبو عبدلله”: “قدمت الكثير من الصبر على كل قطعة فنية لتصبح بشكلها النهائي، نظراً لعدد ساعات العمل التي أقضيها لإنجاز المشروع الذي قد يستغرق أكثر من عشر ساعات متواصلة”.
ومع محاولة “أبو عبدلله” الخروج من أعمال الكبريت بعمل يجسّد بيت اللعبة الشهيرة باربي، إلا أن عيدان الكبريت تبقى أوفى الأصدقاء بالنسبة له، فرفَضت الأخيرة التخلّي عنه في أحلك الظروف، كما مانع بدوره التخلي عنها عند رميها.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر