مهنة “الإسكافي” تزدهر في سوريا وحذاء المواطن في “دكاكين” الإنعاش
للأزمات الاقتصادية والمعيشية في سوريا دور إيجابي أيضاً، وتجلى ذلك في إعادة إحياء بعض المهن، وعلى رأسهم “الإسكافي” تزامناً مع انعكاساتها السلبية على المواطنين محدودي الدخل في انعدام قدرتهم الشرائية لحذاء جديد واحد واللجوء إلى التصليح على مبدأ “جود من الموجود”.
ويكفي التجوال في أسواق دمشق أو ريف دمشق لملاحظة زيادة عدد الإسكافية الذين يعملون في محال صغيرة مليئة بالأدوات الأولية البسيطة لتصليح الأحذية، كذلك من الممكن رؤية إسكافي يحمل حقيبة واحدة تحتوي الأدوات اللازمة في تصليح الأحذية على أرصفة العاصمة أو ريفها.
ورغم معاناة العم “أبو يحيا” (58 عاماً) بعد عزفه عن ورشته الأساسيّة في حزّة بقرية كفر بطنا – ريف دمشق لصناعة الأحذية من الجلد الطبيعي بسبب الحرب، والتي تقدّر مساحتها بـ 600 متراً، إلا أنه لجأ إلى استئجار ورشة صغيرة لتصليح الأحذية في جرمانا – ريف دمشق.
وقال “أبو يحيا” لتلفزيون الخبر: “إقبال الناس محدودي الدخل لتصليح الأحذية المستعملة كبير جداً وسط تدهور الوضع الاقتصادي على عكس الزمن الجميل الماضي مع توافر الأحذية رخيصة الثمن، حيث كان من السهل استبدالها بحذاء جديد عندما تتعرّض للاهتراء”.
وأضاف “أبو يحيا”: “مصلحتي الأساسية هي صناعة الأحذية .. وبالرغم من تكلفة آجار الورشة الجديدة التي تبلغ 400 ألف ليرة سورية شهرياً.. وهي لسا ما أكلتي ولا اشربتي، إلا أن مهنة تصليح الأحذية ازدهرت وبات مردودها جيد”.
وتفوح رائحة الشعلة من دكانة “متر بمترين” لإسكافي يدعى “أبو وائل” (53 عاماً) يعمل أيضاً في جرمانا – ريف دمشق بعدما ورث المصلحة عن والده، قائلاً: “تخلّى الكثيرون عن مهنة الإسكافي، سابقاً، بسبب مردودها المادي القليل، ولكن مع ارتفاع جميع أسعار اللوازم الأساسية اضطر المواطن للمحافظة على أحذيته وتصليحها”.
وبات الكثير من المواطنين السوريين يخافون فقدان أحذيتهم مثل “جحا”، الذي رافق طفولتهم وكانت قصته بمتناول أيديهم إلى أن أصبح مضمونها يجسّد حياة كاملة عند بعضهم، ويكفي استحضارها عند التخوّف للحظة واحدة أن يبقى أحدهم “حافٍ” ولا يكسو قدميه أي حذاء يذكر.
وهناك آخرون يحاولون جاهدين “تسكيج وتصليح وترقيع وترميم” أحذيتهم، أما الباقون يلبسون الأحذية الجديدة ويرمونها من اللبسة الثانية.
بدوره، الزبون “عصام” (45 عاماً) قال لتلفزيون الخبر: “شراء الحذاء الجديد يتطلّب قرضاً أو ميزانية.. كنّا نستطيع شراء الأحذية الجديدة منذ سنتين أو أكثر، أما الآن بات ذلك أقرب إلى المستحيل في ظل الظروف المعيشية الصعبة، علماً أن تكلفة لصق حذائين 5000 ليرة.. فالحذاء يجب أن يعيش أطول مدّة ممكنة”.
وقالت “سهام” (44 عاماً) إحدى مرتادي المحال الإسكافية لتلفزيون الخبر: “لا ابن المصلحة راضي ولا المواطن مبسوط.. في كتير عالم مالها مضطرة اتصلّح.. انقسم مجتمعنا لطبقتين قسم فوق وقسم تحت”.
وأضافت “سهام”: “نعم انعكست الأزمة إيجاباً على الإسكافي وبات يعمل أكثر مقارنة بالسنوات قبل الحرب ضد سوريا، ولكن لا أعتقد أن المال يهطل عليه بالملايين”.
يشار إلى أن تكلفة تصليح الأحذية المهترئة باتت “رحمة” أمام أسعار الأحذية الجديدة النارية وأصبحت مقبولة رغم تفوّقها على الأجور الشهرية الزهيدة، وباتت جملة “لاحول ولا قوة” هي السابقة على لسان غالبية المواطنين، في حين تصدّرت مهنة الإسكافي نظيراتها من المهن والتي لا تحتاج لأدوات كثيرة، ويقول أصحابها “البحصة تسند جرّة”.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر