صدق أو لا تصدق .. شهداء الكندي لم تعتبرهم الحكومة “ شهداء “
“أساطير الكندي” “ملائكة الكندي ” “قديسو الكندي” عبارات كثيرة مجّدت نحو ٨٨ جندياً سورياً، صمدوا ثمانية أشهر من عام ٢٠١٣ في مستشفى الكندي بحلب، بوجه المئات من إرهابيي “جبهة النصرة”، وقاوموا أسوأ ظروف الحصار بأقل الإمكانات، فاقتاتوا على الأعشاب والأدوية، قبل أن يستشهد منهم العشرات ويصاب ويفقد الباقون في سبيل مجد الوطن
.
لكن بعد ٤ سنوات من “الأسطورة”، اكتشف أهالي الشهداء أن التكريم الحكومي لم يتجاوز عبارات العزاء ولم يكلف أكثر من حبرها، وأن التمجيد الرسمي ما كان إلا حفلا استعراضياً راقصاً في دار الأوبرا لإحدى “ الفرق الوطنية “ تحت شعار “ملحمة الكندي” والمفارقة أن أحداً من أهل شهداء الكندي لم يُدعى إلى هذا الحفل حسب قولهم
.
الشهداء الـ ١١ الذين ملأت صورهم وسائل الإعلام بعد وقوعهم في الأسر، ونشرت “جبهة النصرة” مقاطع فيديو توثق عملية إعدامهم الوحشية في منطقة الشعّار بحلب بتاريخ ٤-١-٢٠١٤ لم تنتهي قصتهم هنا، ومازالو في عُرف الدولة مفقودين ولم تسجل أسماءهم كشهداء إلا في صفحات “الفيسبوك”.
أشهرهم هو الشهيد أحمد ابراهيم خليل العطو “أبو كاوا” تولد ١٩٩٢ من أبناء قرية تل عرن في ريف حلب ، وصورته التي تداولها السوريون وشاركتها الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، والقنوات الفضائية، كأيقونة لشهداء الكندي وأسماها البعض ” آلام السيد المسيح”، كل ذلك لم يشفع لأهله أن تطلق الجهات الحكومية على ابنهم تسمية ” شهيد الوطن”.
ابراهيم جمعة العطو والد الشهيد أحمد لا يعرف مصير ولده حتى الآن، ويقول لتلفزيون الخبر ” أريد أن أعرف مصير ابني وألا يبقى معلقاً وقالوا في البداية ابني مجهول المصير ثم قالوا مفقود وانا أحتاج إلى ورقة تثبت هل ابني شهيد أم حي؟ً.
يضيف أبو أحمد” عندما سافرت إلى دمشق لاستفسر عن مصيره في السجلات العسكرية وشعبة التنظيم قلت لهم أنا والد أحمد العطو أبو كاوا، هل ابني شهيد؟ لكنهم قالوا لانعرف مصير ابنك إن كان حي أم ميت كل ما نعرفه أن ابنك مفقود وليس شهيداً”
ويكشف أبو أحمد بأنه التقى زملاء أحمد الذي استطاعوا النجاة من المستشفى بعد اقتحامهً من قبل “جبهة النصرة” حيث أكدوا له صحة مقطع الفيديو الذي نشر على موقع “اليوتيوب” وهذا ما أكده لتلفزيون الخبر، نمور محمود أحد الجنود الناجين من الكندي.
محمود الذي تعرض لعدة اصابات خلال فترة الحصار وأخرها يوم ٢٠-١٢-٢٠١٣ عندما فجر انتحاريان سيارتين مفخختين واقتحموا المستشفى يقول “إذا طلب مني أن أشهد فانا جاهز أن أقسم بأن أحمد العطو ورفاقه في المجموعة بنيان ونوس، وحسام ميني، وجادو أبو سرحان، قد استشهدوا ، لأن مقطع فيديو الإعدام واضح وأنا أعرفهم كما أعرف اسمي وعشت معهم مرارة الحصار والعطش والجوع وقاومنا الإرهابيين سوية لأكثر من ٨ أشهر”.
اثبات استشهاد الجندي الموثق عبر مقطع الفيديو ( حسب ما شرحه مصدر قضائي لتلفزيون الخبر) يحتاج إلى “شاهدين يُقسموا أنهم حضروا لحظة استشهاده أو تعرفوا عليه في مقطع الفيديو وهذا ما يحدث عندما لا تتوفر دلائل مادية تثبت الوفاة مثل وجود رفاة والكشف على الجثمان”.
ويؤكد المصدر القضائي أن “مقاطع الفيديو تسهّل الوصول إلى الحقيقة لكنها لا تثبتها أي أنها تعتبر قرينة وليس اثبات والقانون يفترض أنها مزورة حتى يثبت العكس، خلافا للقرائن والوقائع الجنائية الأخرى التى يفترض أنها صحيحة حتى يثبت عكسها , وهذا ما استقر عليه القضاء في معظم دول العالم”
وحالة أحمد العطو “أبو كاوا” تشبه حال العديد من شهداء الجيش العربي السوري الذين لم يثبت القانون استشهادهم، ومنهم مصطفى شحادة، أحد رفاق أحمد والذي ظهر في شريط فيديو الإعدام ، وتؤكد أخته براء شحادة ” سافرت عدة مرات من حلب إلى دمشق وحاولت مراراً الحصول من الجهات المعنية على اقرار باستشهاد مصطفى لكن دون جدوى “فالقانون لم يقتنع” حسب قولها “ولا يعتبر مصطفى ورفاقه إلا مفقودين”.
أحد الجنود الناجين من مستشفى الكندي والذي فضل عدم ذكر اسمه أكد لتلفزيون الخبر أن هناك الكثير من شهداء الكندي المفقودين ويؤكد أن “شريط فيديو الإعدام بحق شهداء الكندي يظهر عملية إعدام ١١ جندياً من مجموعة الشهيد “بنيان ونوس” الذين تم أسرهم وبينهم، صلاح بدر الدين ومحمود قره علي وبشار يوسف وعبدالله الملقب طيبة الإمام “.
ويتساءل ” كيف أن الشهيد بنيان ونوس سمُّي شهيداً وحصل أهله على حقوقهم بينما تسمية رفاقه في القتال والحصار والأسر والشهادة مفقودين وليسوا شهداء ؟؟
تحت ركام مستشفى الكندي مازالت رفاة العديد من الشهداء تحكي قصص بطولاتهم وعملياتهم الاستشادية ومنهم: علي الرعيدي، محمد فطيمة، سليم طراف..وغيرهم الكثير مازالت الجهات المعنية عاجزة عن إطفاء نار قلوب أهاليهم، وإن كان وفقط، بقول كلمة …”شهيد”.
كيان جمعة – تلفزيون الخبر