“اضطرابات ومشاكل نفسية” سوريون وسوريات يبتعدون عن وسائل التواصل الاجتماعي خوفاً من تكريس العنف
بعد أن قرأت مايا (اسم مستعار لأم ثلاثينية جامعية فضلت عدم التصريح عن اسمها الحقيقي) خبر ترك أم لأطفالها تحت جسر العقيبية (ريف جبلة) أصابها حزن شديد وقررت إيقاف حسابها عبر “فيسبوك”.
وقالت مايا: “خفت من توحش الناس وأنو ما في حد ل هالتوحش ،الأم التي تركت أولادها تحت جسر العقيبة.. كتير حزنتني”.
وأكملت السيدة مايا لتلفزيون الخبر القول:”أنا ضدد نشر الجرائم الجسدية والمعنوية أو الاجتماعية وذلك للحد من التوتر ..الخوف.. المقت والسلبية وأيضاً تخفيف نشر ثقافة العنف”.
ورغم رفض “مايا” نشر جرائم العنف إلا أن لنشر هذه الجرائم بعض النقاط الايجابية من وجهة نظرها، وقالت مضيفة “عندما تنتشر هذه الجرائم يزداد الوعي والحذر عند الكثير من الناس ،كما تزيد طرق الوقاية مثلا بعد حادثة الطفلة “جوى” زاد انتباه الأهالي فقاموا بمنع أولادهم اللعب بالشارع أو اللعب بعيداً عن نظرهم”.
الجريمة البشعة في “وادي الشاطر” محافظة “طرطوس” عندما قام رجل بقتل أهل زوجته، سببت الاكتئاب ل”فاديا” ٤٠ عام. والتي أوضحت لتلفزيون الخبر بالقول: “الفيسبوك هو وسيلة الترفيه الوحيدة عند الجلوس في المنزل ولكن في الفترة الأخيرة أصبح وسيلة إزعاج واكتئاب”.
وأوضحت فاديا “كل يوم خبر عن جريمة عنف في مكان ما والجريمة التي قام بها رجل ضدد أهل زوجته ثم الانتحار سببت لي الاكتئاب حتى اتخذت قرار بعدم تصفح الفيسبوك حاليا”.
ورأى الروائي ومعد البرامج “رشيق سليمان” ٣٣ عام “أن هنالك تعويم للجريمة و سهولة ارتكابها وعفوية ارتكابها و التقليل من فداحة نتائجها”،مضيفا لتلفزيون الخبر:”جريمة الطفلة جوى كانت صادمة ولم استطع متابعة بقية تفاصيلها”.
وأردف سليمان القول “الدراما تساعد في تجميل صورة المجرم و تحميله صفة الإنسانية سواء العربية أو الأجنبية،و إن كانت الدراما حاكمت المجرم في نهاية الحكايات إلا أنها قدمت المجرم بصورة ممثل محبوب من قبل للجمهور حتى أصبح البعض يتغنى بالمهرب و القاتل و الآخذ بثأره”.
من جهتها قالت “حنان” ٢٩ عام طالبة الاعلام والموظفة في جامعة دمشق لتلفزيون الخبر:”أثارت الجرائم المنشورة على وسائل التواصل والتي تختلف طريقة نشرها حسب الموقع الرعب والخوف عحالي وعلى عيلتي وعالاطفال القريبين مني لدرجة صرت فكر بأنه كل انسان غريب هو وحش”.
و استهجنت “حنان” أغلب ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأن هدفها الشهرة وجمع الاعجابات دون التأكد من مصداقية الخبر حتى أصبح الخبر نفسه متداول بأكثر من رواية، كما قالت “حنان” لتلفزيون الخبر.
الاخصائية والمستشارة النفسية هبة موسى أكدت لتلفزيون الخبر:” أن وسائل التواصل الاجتماعي اخترقت كافة جوانب حياتنا وبالتالي هي لاتساهم بتخفيف العنف وإنما تؤجج العنف الموجود وتجدده بصور وأشكال مختلفة وهذا مانسميه العنف الالكتروني”.
وعرّفت “موسى” العنف الالكتروني “بأنه كل فعل ضار بالأخرين عبر استخدام الوسائل الألكترونية وممكن أن يكون صورة أو فيديو”.
وأكملت موسى بالقول “عندما تتعود العين على هذا العنف ينتقل للاوعي، مما يولد فضول لتجريبه فهو يبدأ من المنزل ثم ينتقل للمجتمع والعنف الالكتروني من أخطر أنواع العنف لأنه يهدد الاستقرار الاجتماعي ويسبب الاضطرابات النفسية”.
وبحسب موسى يحتوي العنف الالكتروني على عنف لفظي منتشر بشكل كبير على وسائل التواصل التي تعتبر كرسالة لها مرسل ومستقبل مما يولد لدى مستقبل العنف حالة من عدم الاستقرار النفسي والقلق”.
وأضافت المستشارة النفسية “إنّ مشاهد العنف الجسدي قد تسبب ادمان على مشاهدة الفيديوهات القاسية والعنيفة والتي تجردنا رويدا رويدا من انسانيتنا وتجعل الناس تتعود على العنف”.
وختمت موسى حديثها لتلفزيون الخبر بالقول “إن انتشار مشاهد العنف تجرد الانسان من مشاعره ورقته وبأنه كائن فعال وتحوله إلى صلب خالي من الإنسانية حتى لو أنها قوة زائفة”.
وأسهبت موسى بالقول “إذا نظرنا لوجوه متابعي هذه المقاطع بشدة نرى الغضب العبوس واحمرار الوجه ويصبح باللاوعي يحب أن يرى الألم للطرف الأخر”.
يذكر أن الاخصائية والمستشارة النفسية شددت على ضرورة تكريس الوعي لدى الشباب والأسرة حول السلوكيات والتصرفات والحذر من وسائل التواصل الاجتماعي حتى نعود للامن النفسي الذي يخلق المجتمع الفعال المثمر.
بشار الصارم _ تلفزيون الخبر