61 عاماً على نهاية الجمهورية العربية المتحدة.. ذكرى الانفصال
وقع الرئيس شكري القوتلي والرئيس المصري جمال عبد الناصر في 22 شباط 1958 ميثاق الجمهورية العربية المتحدة التي حولت سوريا ومصر إلى كيان سياسي واحد.
واختير “عبد الناصر” رئيساً لدولة الوحدة والعاصمة في القاهرة وفي أذار 1958 تم وضع دستور جديد للجمهورية كما جرى توحيد برلماني البلدين في مجلس الأمة بالقاهرة حيث يعين الرئيس نصف الأعضاء ويختار النصف الثاني من النواب السابقين في كلا البلدين وألغيت الوزارات الإقليمية لصالح وزارة موحدة في القاهرة.
مقدمات الانفصال وأسبابه
اتبع “عبد الناصر” وجماعته في سوريا سياسات متشددة تقوم على مركزية السلطة بالقاهرة في كل شيء حولت سوريا “الإقليم الشمالي” إلى تابع لدولة الوحدة الأمر الذي أدى لنفور السوريين من الدولة الجديدة على الرغم من أنهم كانوا الركن الأساسي في قيامها.
وافتخر السوريون بالتعددية السياسية التي كانت أساساً في العملية السياسية في البلاد لكن “ناصر” قام بحل جميع الأحزاب ولا سيما تلك التي دعمته ودعمت قيام الوحدة معه وأبرزها حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي عدا عن إغلاق معظم الصحف التي كانت سمة من سمات الحرية السياسية في سوريا.
وتأثر الضباط السوريين بالتعامل السيء من قبل قيادات الوحدة حيث تم إهمالهم وترحيل المؤثرين منهم إلى مصر أو إحالتهم للتقاعد وإحلال ضباط مصريين عوضاً عنهم كما أوكلت مهمة الحكم الداخلي في البلاد للشرطة السرية للتابعة لعبد الحميد السراج الذي استخدم أسلوباً أمنياً وقمعياً مع الجميع.
وكانت السياسات الاقتصادية التي اتبعتها دولة الوحدة مُجحفة بحق السوريين حيث قام “ناصر” بتأميم البنوك الخاصة والمؤسسات الاقتصادية الكُبرى وتحويل النظام الاقتصادي من رأسمالي يعتمد على الصناعة والتجارة إلى إشتراكي دون اتباع خطوات تضمن حقوق السوريين في هذا التحول ما أضر بالتجارة والصناعة السورية بشكل كبير.
ونشأت حركة هجرة للعمالة المصرية نحو سوريا مما أحدث خللاً في توازن قوى العمل وإحلال العمال المصريين بدل السوريين في سوريا.
وكانت هناك أسباب أخرى للانفصال مثل الفاصل الجغرافي بين الإقليمين علاوه على عامل السكان حيث كان عدد سكان مصر 26 مليون نسمة وسكان سورية 4 مليون كما أن تيار الوحدة لم يستطع التغلب على النعرات الإثنية والطائفية والأهم وجود كيان استيطاني يفصل بين الإقليمين على أرض فلسطين المحتلة.
الانفصال
دخلت فجر 28 أيلول 1961 قوات مدرعة بإمرة العقيد عبد الكريم النحلاوي وتم الاستيلاء على مقرات الجيش والإذاعة والمطار وأقيمت نقاط تفتيش وقامت الدبابات بدوريات في الشوارع وألقي القبض على كبار الضباط التابعين للجيش السوري ومنهم المشير عبد الحكيم عامر ووضع عبد الحميد السراج رهن الإقامة الجبرية.
وبدأت إذاعة دمشق بنشر البيانات التابعة للضباط المُنقلبين على دولة الوحدة شارحة أنهم قاموا بحركتهم لإيقاف الفساد والقمع والتمييز وإعادة الحقوق للشعب السوري ورفض “ناصر” الإعتراف بالانقلاب وقام بإرسال وحدات مظليين من مصر إلى حلب واللاذقية للسيطرة على ما أسماه “التمرد”.
وتم اعتقال جميع الوحدات وجرى لاحقاً إرسال جميع الضباط المصريين من دمشق إلى القاهرة وإرسال جميع الضباط السوريين من القاهرة إلى دمشق.
ما بعد الانفصال
أوكلت قيادة القوات المسلحة السورية إلى مأمون الكزبري مهمة تأليف حكومة مستقلة من السياسيين القدامى وتم تعيين اللواء عبد الكريم زهر الدين قائداً للجيش وتم تسمية الجمهورية ما بعد الانفصال بالجمهورية العربية السورية وإعادة نشيدها الوطني القديم إضافة للعلم.
وأبلغ رئيس الوزراء ووزير خارجية الجمهورية العربية السورية في 8 تشرين الأول 1961 رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن سوريا استأنفت وضعها السابق كدولة مستقلة وطلبت من الأمم المتحدة أن تأخذ علماً بالعضوية المستأنفة في الأمم المتحدة للجمهورية العربية السورية.
وقام رئيس الجمعية العامة بتوجيه هذا الطلب إلى الدول الأعضاء وأُعلن بأنه لا يوجد أي اعتراض واستعاد وفد الجمهورية العربية السورية شغل مقعده في الجمعية كعضو في الأمم المتحدة مع جميع الالتزامات والحقوق التي تتفق مع هذا الوضع.
يذكر أن هناك تباين شديد في الأراء حول نجاح دولة الوحدة من عدمه فكل فريق يقدم حججه للدافع عن موقفه لكن المُتفق عليه أن “الجمهورية العربية المتحدة” كانت أول وأخر تجربة حقيقية لتطبيق هدف الوحدة العربية منذ الاستقلال عن الاستعمار البريطاني والفرنسي حتى يومنا هذا.
تلفزيون الخبر