بمثابة “فطام ثانٍ” .. كيف نتصرف عند دخول أطفالنا للمدرسة لأول مرة؟
مع بداية العام الدراسي، يواجه بعض الأهالي وتحديداً ممن يخوضون أول تجاربهم بإرسال أول طفلٍ لهم للمدرسة (المرحلة الابتدائية أو الروضة) لمشكلة رفض الطفل لفكرة ترك أهله واندماجه ضمن مجتمع جديد.
لكن هناك عدة خطوات تمهيدية وأساليب متبعة لحدوث ذلك بسلاسة تسهل عليهم بدء العملية التعليمية وحتى انتقال الطفل من مدرسة لأخرى.
وتشرح حنان وردة وهي أم لطفل واحد التحق مؤخراً بالروضة، لتلفزيون الخبر، أن “المشكلة الأساسية التي قد تواجه الأهالي هي فكرة تجول بذهن الطفل، تدفعه للتفكير بأن أهله تخلوا عنه وذهبوا”.
وتقول وردة أن الأسلوب الذي اتبعته لتخليص طفلها من هذه الفكرة، هو “أسلوب التدرج بالوقت، حيث رافقت ابنها أول يوم في الروضة لمدة ساعتين تقريباً، وعرفته بالمكان والمعلمات والكادر، حتى يألفهم جميعاً”.
وتتابع حنان “بدأت بتخفيض المدة الزمنية لمرافقة طفلي بالتدريج في أيامه الأولى حتى بدأ يتقبل المكان والمعلمات وزملائه بشكل كامل”.
وتؤكد حنان أنها “بدأت بالتمهيد لفكرة ذهاب ابنها للروضة والحديث عنها بشكل مستمر، وشرح ما يحدث هناك والفوائد التي سيحققها ضمن هذه المرحلة”.
وتحدثت وردة عن فكرة “الثقة” التي يجب أن تبنى في هذه المرحلة، ومعرفة الطفل أن أهله قادرون على الحضور بشكل فوري متى طلبهم أو ضمن فترة زمنية محددة، ليشعر بالأمان”.
الدخول للمدرسة بمثابة “فطام ثانٍ”
ترى الاختصاصية والمدربة بمجال تربية الطفل مي أبو غزالة أن “الطفل الذي دخل للصف الأول الابتدائي دون أن يخوض تجربة الروضة، يتعرض لما يمكن أن نسميه الفطام الثاني له عن الأسرة والأم بشكل خاص”.
وتجد أبو غزالة خلال تصريح لتلفزيون الخبر، أنه “منذ البداية يجب أن نحترم الطفل وشخصيته، إذ يجب اتخاذ قرار الدخول للمدرسة بشكل مشترك بين الأهل وطفلهم، وتهيئته بالحوار والحديث معه عن المدرسة أو الروضة عن طريق بعض القصص وشرح ما هي المدرسة وما فائدتها بحياته وتحديد الهدف منها ودورها بصناعة مستقبله وما يرغب بأن يصبح”.
وترى “أبو غزالة” أن “اصطحاب الطفل للمدرسة وتعريف الطفل بها وبصفوفها وكادرها وإدارتها أمر ضروري، خاصة أن هذا المكان يعتبر جديداً عليه وغريب بالنسبة له”، مبينةً أن “الزيارة الأولى تعطي انطباع للطفل أن أهله يحترمون دخوله لفترة جديدة سيكونون فيها السند والدعم له، ومرافقتهم له تعزز ذلك”.
وتتابع الاختصاصية مي، أن الطفل “سيتعرض في أول أيامه في المدرسة لتجربة جديدة وهي التنظيم والنظام، إذ يجب تدريب الطفل من قبل دخوله للمدرسة لبعض الخطوات كتنظيم وقت النوم ووقت اللعب ووقت التلفاز والموبايل، وكل نشاط يجب أن يقوم به يجب أن يكون ضمن نظام محدد لتعليمه الالتزام وتنظيم الوقت، لمساعدته بتقبل الحالة الجديدة”.
وتطرح المدربة مي بعض الأفكار لزيادة تقبل الطفل لفكرة التحاقه بالمدرسة بشكل أكبر من ضمنها أن “يتم أخذ رأي الطفل بالأدوات المدرسية التي سيستعملها، عن طريق اصطحابه للمكتبة ووضع الأنواع التي تناسب الأهل اقتصادياً أمامه وجعله يختار الأقلام وبعض الدفاتر وأشكال الزينة والرسومات والألوان، وهو ما يعتبر تعتبر بمثابة احتفالية بالنسبة له”.
وتنوه أبو غزالة إلى أن “بعض الأطفال سيدخلون للمدرسة باكين ويرفضون دخول الصف، ولا يكون الحل بترك الطفل والمغادرة أو إعادته للمنزل فورياً، بل يجب البقاء معه لمدة معينة ومن ثم نعود سويةً للمنزل، ونكرر الحالة على مدى عدة أيام مع تقليص فترة بقاء الأاهل مع الطفل في المدرسة بالتدريج”.
وتؤكد مي على أنه “بعد مضي بعض الوقت وبالتعاون مع معلمة الصف سيبدأ الطفل بالاعتياد على المكان الجديد ويصبح أكثر تقبلاً له”.
الحوار ضروري
وتؤكد الأخصائية مي أن “الحوار مع الطفل أمر ضروري، بعد عودته من المدرسة، إذ يجب أن نسأل الطفل عن يومه ومعرفة أسباب أي شعور ينتابه إن كان سعادة أو حزن أو قلق أو رغبة بشيء ما، لتتأكد من أن الطفل لا يتعرض لمشاكل هناك”.
وتشير أبو غزالة إلى أن “هناك علامات يمكن أن تظهر على الطفل خلال الأيام الأولى ويجب ملاحظتها، فربما يصبح الطفل عدوانياً أو انعزالياً، أو يتبول لا إرادياً أو يزداد خوفه أو يقضم أظافره، ولا ينام بغرفته إلا بمرافقة أهله، أو يتحجج بالوجع لعدم الذهاب للمدرسة، وهي أعراض يجب أن تتم معرفة أسبابها وتشير أن هناك أمراً يجب معرفته يحدث هناك”.
ماذا عن الانتقال من مدرسة لأخرى؟
تشرح الاختصاصية مي أبو غزالة عن حالة الانتقال من مدرسة لأخرى، مبينةً أنه “يجب أن نوضح للطفل أسباب الانتقال الصريحة بشكل واضح، والتمهيد له وإشراكه بعملية الانتقال، وتقدير مشاعر الشوق لمدرسته القديمة وأصدقائه، وربطه بزيارات معهم أو طريقة تواصل معينة، وأن لا تتم العملية بشكل مفاجئ”.
وتبيّن مي، أن “الطفل قد يتراجع دراسياً بسبب الانتقال من مدرسة لأخرى، ولو ظهر أنه متأقلم ضمنها، وربما يصبح منعزلاً أو مشاغباً، فيجب البحث وراء أسباب هذه التصرفات، وغالباً ما تكون هذه التصرفات كأسلوب تعبير عن مشاعره، فيجب أن نقدرها ونجد أسلوب حواري لتصويبها وتعديلها”.
يشار إلى أن أعداد كبيرة من الأهالي اضطروا خلال السنوات الماضية لنقل أطفالهم عدة مرات من مدارسهم خلال فترات قصيرة نسبياً بسبب الأحداث والتفجيرات والعمليات العسكرية القريبة من مناطق سكنهم، وبعضهم اضطر لترك قراهم أو مدنهم بشكل كامل والانتقال لمكان آخر.
يزن شقرة – تلفزيون الخبر