“نوستالجيا” السوريين.. حفل هاني شاكر يستحضر الماضي ويفتح الجروح
تزامن الإعلان عن حفل الفنان هاني شاكر، مؤخراً، مع وقوع صورة بين يدي “أمجد” (55 عاماً) من ألبوم قديم يعود إلى سنوات الزمن الجميل قبل الحرب في سوريا تجمعه مع زوجته في حفله الأخير، فاستذكر قطعة الحلوى التي ما يزال طعمها حاضر لديه وطعم شراب الفواكه بألوانه على لسانه، ثم وعد بناته بتذكرتين لحضور الحفل.
وذهب “أمجد” مبتسماً منذ الساعة العاشرة صباحاً، الخميس بعد أن أغلق محلّه لبيع المنظفات لقطع تذكرتين من دار الأوبرا يفرح بها ابنتيه اللواتي في سن المراهقة، ويحاول نقل حنين الماضي إليهنّ، لكن انتظاره لثلاث ساعات حال دون ذلك وعاد بائساً وخجولاً إلى منزله بعد وقوعه على الأرض من ضغط الازدحام، بحسب ما تحدث لتلفزيون الخبر.
أما “سارة” (50عاماً) التي عرّفت عن نفسها لتلفزيون الخبر بأنها من جيل الكاسيت وعاشقة للفنان هاني شاكر قائلة: “أنا من الجيل الجميل الذي ما زال ينتظر مطربه المفضل ليحظى بساعات جميلة.. حاولت الحصول على تذكرة للحفل عام 2022 وضربني شاب للتقدم بخطوة عنه في طابور الذل”.
وردّدت الشابة “دعاء” جملة من أغنية الفنان هاني شاكر “ياريتني قبلتك قبل ما قابل حد” وعلى وجهها ملامح الإحباط لعدم حصولها على تذكرة للحفل وفي عيونها دموع الشفقة على السوري الذي كيفما توجّه بحثاً عن الابتسامة لا يستطيع الوقوف سوى أمام شعور الانتظار والحسرة يسترجع من خلالهما الحنين لأيام مضت ولن تعود.
وتلك الحالات، لم تكن الوحيدة على أبواب دار الأوبرا، ولكن هناك فئة أيضاً يتوجّب ذكرها وهي التي تسارعت للحصول على التذاكر بغض النظر عن محبتها لحضور الفنان هاني شاكر، إنما بحثاً عن فرح الماضي وهروباً من ضائقة الحياة والانشغال بتأمين حاجاتها الأساسية التي أرهقت عقل المواطن واستنزفت روحه، خصوصاً أن أسعار البطاقات كانت زهيدة جداً.
وبعيداً عن سقوط الجهات المعنية غالباً في ضعف التنظيم و المسؤولية أمام عقل المواطن، إلا أن الموقف يثبت في كل مرة والصورة العامة تعكس في شريط متتال حاجة المواطن السوري للفرح والنهوض بنفسه أو بعائلته إلى أوقات سعيدة ربما تنتهي بسرعة ولكنها قد تترك آثاراً إيجابية لعلها تكفيهم لليوم التالي وتخفي جروحاتهم وكل ما تذوّقوه من مر في سنوات الحرب.
وانتقد كثيرون طريقة تجمّع حشود الناس غير الحضارية أمام أبواب الأوبرا لكي يحظوا بتذاكر لحفل الفنان هاني شاكر دون قراءة ذاكرة أغلبهم التي تستعيد في كل فرصة شريط الفرح والأمان بحفل غنائي أو زيارة بيت جدتهم غير المدمّر في عقولهم، إضافة إلى مشاعر الطمأنينة في كل مرة يتابعون فيها أفلام كرتون الثمانينات.
وربما كان منهم “المستهتر” وغير المبالي الذي لا ننفي وجوده، ولكن يمكن لعابر سبيل التعبير في قوله: كل ما يحصل هو اشتياق لمرحلة سابقة من مراحل الحياة ليبقى الشعب السوري يغني ويردد في كل عام “عيد ميلاد جرحي أنا”.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر