من تاجر خشب في حلب إلى بائع “بسطة”.. ثمانيني يروي معاناته بسبب الحرب
“كل دروب الحب توصل إلى حلب” جملة للشاعر نزار قبّاني يردّدها رجل ثمانيني في كل صباح عندما يفتح الغلق على “بسطته “المتواضعة لبيع الخردوات في ريف دمشق، لاستحضار أيام الزمن الجميل عندما كان تاجراً لبيع الخشب ولديه سلسلة من المحلات في حلب”.
وقال “أبو عبدلله” لتلفزيون الخبر: إن “حلب أم الصناعة وحالة الفقدان التي أشعر بها كبيرة بعدما خسرت منزلي ومحلّاتي الثلاثة لتجارة الخشب بالجملة نتيجة الحرب التي تعيشها البلاد”.
وأكد “أبو الخشب” كما كان يلقّبه الزبائن في حلب، أن “عام 2012 قلب الموازين في حياته وعائلته، الأمر الذي جعلهم مجبرون على الهروب والعيش في دمشق، وصولاً إلى افتتاح بسطة في حي النهضة الجديدة بجرمانا”.
يجلس الرجل الثمانيني على كرسي بلاستيكي حول معدّاته لعرضها على “بسطته” التي مازال يعيش من مردودها رغم تدهور أحواله الاقتصادية، وهو يلقي النظر بعين واحدة على المارين من هنا وهناك لعلّهم يشترون بانسة أو شاكوش أو أي قطعة كهربائية أو ميكانيكية”.
وقال “أبو عبدلله”: “أنا أب لستة بنات واحدة منهن من ذوي الاحتياجات الخاصة.. لا أستطيع شراء كل حاجاتهم ولكنّي أحاول تأمين أبسط معايير عيشهن بكرامة دون طلب أي شيء من أحد.. والحمدلله مستورة”.
وأضاف “أبو عبدلله”: “أعمل بالمثاقب وجهاز الجلخ، إضافة إلى تصليح السيارات.. تعلّمت أشياء كثيرة خلال هذه الحياة الصعبة ومازلت واقفاً على قدمي رغم إصابة عيني الثانية أثناء العمل”.
ينتظر “أبو عبدلله” “وسط ارتفاع درجات الحرارة لساعات دون الاستسلام، يسانده بشكيراً صغيراً مبللاً بالمياه يضعه على رأسه من الـ 8 صباحاً حتى الـ 6 مساء، على أمل أن تركن سيارة أمامه أو يشتري أحد المارة ولو خرداوة واحدة، يكون ثمنها كفاف يومه”.
“بسطة أبو عبدالله” والتي يكسوها شادر كتب عليه بخط اليد “جلخ سكاكين وتصليح” مع رقم هاتفه، حكاية آلاف السوريين الذين غيّرت الحرب أحوالهم، وأتعبت قلوبهم.
وختم “أبوعبدلله”: “متلي متايل.. الكثير من الأشخاص بمختلف المحافظات السورية التي تعرّضت للإرهاب ضاق بهم الحال وتغيّرت طريقة حياتهم.. جميعنا يتمنّى العودة بالزمن إلى الوراء ولكن قدّر الله وما شاء فعل”.
تجاعيد وجه “أبو عبدلله” تحكي قصة صموده وإرادته القوية المستمدة من صخور قلعة حلب، وشموخها الذي سيبقى عالياً رغم كل ما أصابها من شر.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر