العناوين الرئيسيةثقافة وفن

نوستالجيا السوريين .. مشوار السينما و”بقرة جحا”

بالرغم من أن “الحياة في سوريا تحوّلت إلى فيلم سينمائي مليء بالتراجيديا في الغالب وفكاهي بمشاهده الغريبة في بعض الأحيان، إلا أن “الياس” أصرّ على اصطحاب زوجته إلى إحدى دور عرض السينما في دمشق، لمشاهدة فيلم بعد أكثر من ثلاثين عاماً”.

وروى “الياس” (60 عاماً) لتلفزيون الخبر الذي يعمل بالأعمال الحرة رحلته مع زوجته إلى السينما في نهاية الأسبوع الماضي، قائلاً: “صارت الروحة بتكلّف بقرة جحا.. تذكرة الدخولية 12 ألف ليرة سورية، أي أن دخول مدرّجات العرض لشخصين يكلّفك 24 ألف ليرة سورية”.

وأضاف “الياس”: “اشتريت كوبين من العصير الجامد وعلبة كبيرة من البوشار، ودفعت أكثر من 20 ألف ليرة سورية، فابتسمت وهمست لزوجتي ممازحاً.. (اعتبري حالك بسويسرا وانبسطي)!”.

وطلب “الياس” من حفيده أن يأتيه بألبوم الصور من غرفة الضيوف، ثم فتح المجلّد وقلّب الصفحات، وتذكّر سنوات شبابه مع أصدقائه بذهابهم إلى السينما الشعبية، قائلاً: “كنا ننتهي من العمل ونذهب للسينما نشاهد أروع الأفلام بأجور رمزية ويزيد من رواتبنا”.

يشار إلى أن أهم دور السينما في دمشق بين الماضي والحاضر هي سينما “الهبرا” و”الرشيد” و”الكوزموغراف” و”رويال”، و”أوجاريت” و”الفردوس” و”الدنيا” و”الأهرام”، و”الشام” و”السفراء” و”الكندي”، وصولاً إلى “سينما ستي”.

السينما الشعبية تلتقط أنفاسها الأخيرة

بالرغم من قدرة الثورة الرقمية وما أصابته من تأثير على المتلقي، إلا أن الكثير من الشرائح في المجتمع السوري مازالت تمارس عاداتها في الذهاب إلى دور السينما، وتبحث عن الشعبية رغم التقاط أنفاسها الأخيرة .

وقالت زوجة الياس “ماري” (52 عاماً): “ذهبت ابنتي الأسبوع الماضي إلى سينما الكندي التي لا تتجاوز تكلفة تذاكرها 2000 ليرة سورية، ولكنها خرجت غاضبة من عدم رضاها على انتقاء الأفلام، فهي مملّة وقديمة، فذهبنا إلى السينما التي تقدّم عروض أفلام حديثة”.

وأضافت “ماري”: “رغم ارتفاع سعر التذكرة في السينما إلا أن الإقبال على الأفلام المطروحة لابأس به، ومفاجئ مقارنة بسوء الأوضاع الاقتصادية وتدهور الحال المعيشي في سوريا، والمثال يبدأ بحالنا، فلقد دفعنا أكثر من 40 ألف ليرة سورية ونحن نضحك ونلعب!”.

وأشارت “ماري” إلى أن “رائحة السينما تعني لها الكثير وتعيدها إلى أيام “اللولو” بينها وبين زوجها، وبالرغم من انتشار أفلام الفيديو التي كان يتجمّع لمشاهدتها أهالي الحي في منزل أحدهم، لكنها لم تضاهي عرض السينما بالنسبة لها”.

يشار إلى أن السينما الشعبية تشمل كل فئات المجتمع ويستطيع أصحاب الدخل المحدود الاستمتاع في دور عرضها، لكن هذه الدور لم يبق منها سوى سينما الكندي تفتح أبوابها بعد إغلاق نظيراتها.

تذاكر سينمائية لا تنسى

تحدث الزوجان لتلفزيون الخبر عن السينما التي كانت في أوجها قديماً، واستحضرا في حديثهما عن التذاكر التي لا تنسى مثل الفيلم الهندي “المسكينة” وأفلام فرقة الشارلو الفرنسية وأيضاً فيلم “كونت دي مونت كريستو”.

وتحسّر الزوجان على هذا الجيل الذي ليس بمقدرته الذهاب إلى السينما وحضور الأفلام الحديثة بشكل دوري طالما متوسط الرواتب الشهرية في البلاد هي 150 ألف ليرة سورية، على عكس الأيام التي عاشوها في السبعينات والثمانينات.

وضحك الزوجان، قائلين: “قديماً كان ينتظر البعض أول الشهر ليستطيع شراء التذاكر في السبعينات وفي الثمانينيات، لكن الأغلب كان يستطيع لأن سعر التذاكر تراوح بين نصف ليرة وثلاث ليرات سورية”.

يشار إلى أن “سوريا عرفت السينما عام 1908 بعروض سينمائية في مدينة حلب وفي عام 1912 في مدينة دمشق، وكان أول إنتاج لفيلم سينمائي في سوريا يحمل اسم “المتّهم البريء”، تلاه فيلم “تحت سماء دمشق”.

كلير عكاوي – تلفزيون الخبر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى