“عَ بكرا الصبح”.. ماذا يشرب السوريون في ظل غلاء الأسعار؟
لم تعد أغنية السيدة فيروز “في قهوة عالمفرق” تليق بهذه الأيام، فقد تلاشت القهوة من مفارق سوريا وتناسى العشاق الموقدة وأصبحت أسعار المشروبات الصباحية نار، فماذا يشرب السوريون في الصباح في ظل غلاء الأسعار؟
اعتبر “سالم” (45 عاماً) الذي يعمل في النجارة أن “السؤال يفتح له جروحاته ويذكّره بركوة القهوة التي كانت ملكة صباحاته في مكان عمله بإحدى حارات دمشق القديمة، إلى أن بات يشربها “بالقطّارة” لأنه يشتري أوقيّة قهوة لشهر فقط ويبلغ سعرها سبعة آلاف ليرة سورية”، بحسب ما روى لتلفزيون الخبر.
ظرفا “النيسكافيه و الشاي” يغلبان ظروف الحياة
واختلفت “رشا” (32 عاماً) عن سابقها، قائلة: “أنا أعشق (النيسكافيه) ولو كلّفتني كل ما أجني من أموال لأني لا أستطيع الاستيعاب والإبداع في ورشة النحت التي أعمل بها دون (التصبّح) فيها، وأحتاج إلى 7 ظروف بالأسبوع ويبلغ سعر الواحد 1000 ليرة سورية”.
وأودت ظروف “أمير” المادية التعيسة به إلى شرب الشاي بدلاً من القهوة والنيسكافيه، حيث اعتبر الموظف الذي يبلغ عمره (30 عاماً) علبة الشاي رفيقة الأوقات الصعبة، قائلاً: “اشتري أرخص علبة شاي بـ 2500 ليرة سورية وترافقني شهر كامل”.
المتة تسرق أنظار “الشرّيبين”
لايهم الصيدلانية “نور” (29 عاماً) ارتفاع أسعار المتة، قائلة: “لو بدي أتديّن لحتى اشتري متّة ماعندي مشكلة مابقدر ما أشربها عالريق، مع إبريق المياه الساخنة، فهي تعطيني مشاعر الراحة والجو اللطيف حتى لو كان الجو (مولطيف)”.
وقالت الموظفّة “بشرى” (28 عاماً) التي لقّبت نفسها “مقرقعة” احترافيّة بالمتة: “بعد تجربتي بشرب الزهورات للتوفير كنت سأنتح.ر، فقرّرت شراء علبة متّة كبيرة وسعرها 7500 ونقرقع أنا وأخوتي بكأس واحد”.
يشار إلى أن أسعار علبة المتّة الكبيرة تراوحت بين 7500 و 8000 ليرة سورية وتراوح سعر 250 غرام من المتّة بين 3000 و4500 ليرة سورية حسب نوعها، ووصل سعر علبة الزهورات إلى 5500 ليرة سورية، وأوقيّة الزهورات الفرط تراوح سعرها من 6 إلى 9 آلاف ليرة سورية.
“ما حدا بموت من الجوع”
تزامن حديث كل من سبق مع تواجد الجدّة “جوليا” التي غسلت بقعة أمام باب منزلها، في حي القيمرية، بالمياه ووضعت الطاولة الخيزران مع القهوة ومزهرية الوردة البيضاء.
وقالت الجدة “جوليا” لتلفزيون الخبر: “صار عمري 70 سنة وأنا ماشية على نصيحة محمود درويش لمّا قال القهوة هي مفتاح النهار، روحوا اتهنّوا ياعيني شو مابدكن اشتروا واشربوا ماحدا بموت من الجوع”.
وبالرغم من أن الجدّة “جوليا” قالت: “ماحدا بموت من الجوع”، إلا أن العديد من العائلات السورية اختصرت الكثير من أولوياتها لكي تستطيع العيش بأبسط معايير الكرامة وباتت المشروبات الصباحية متحوّلة ومتبدلة من حين لآخر وتتحكم بها “الجيبة” مع غلاء الأسعار.
“غلوة قهوة وكمشة متة”
عانى السوريون بمختلف المحافظات السورية من ارتفاع أسعار المواد الأساسية الأوليّة، ولم يعد غريباً، ما كان عبر التاريخ غريبا في دمشق مثل “شراء غلوة قهوة أو كمشة متة أو حتى ظرفي شاي بسبب تراجع الأحوال المعيشية في ظل الأوضاع الاقتصادية”.
يشار إلى أن سعر كيلو القهوة يبدأ بـ 24 ألف وصولاً لـ 28 ألف ليرة سورية تقريباً، وسعر علبة الشاي تتراوح بين 2500 و4500 ليرة سورية، أما الشاي الفرط احتكرته الإعانات وبات شبه مفقود بالمنازل.
وبلغ سعر كيلو حليب البقر “إن وجد” 2500 ليرة سورية، وإذا كان الحليب يباع عبر عبوات فسعره كارثي، ولا يستطيع الكثيرون شرائه.
ووصل سعر صاحب السمو “السكر” إلى 6 آلاف ليرة سورية في دمشق، علماً أن سعر كيلو السكر الفاخر في بعض المحافظات بـ 4500 ليرة سورية.
وانتهت لائحة الأسعار بقول بائع القهوة والشاي “مازن” (40 عاماً) في حي القيمرية: “إنت وشطارتك يابتشرب الصبح يا بتفتح تمّك للهوا”.
كلير عكاوي – تلفزيون الخبر