في المدينة” الفرفوشة”..العيد مرّ خجولاً بأحياء حمص
طالما ارتبط مصطلح “الحمصي” بخفة الدم والظرافة وإطلاق النكات، الأمر الذي يصل الى اعتباره نعتاً يدل على الغرابة في بعض الأحيان، دون أن يشكل ذلك أي مصدر إزعاج للمواطن الحمصي ذاته، فهو لا يخجل بالإعتراف “بحمصيته” إن أخطأ او قام بشيء مضحك.
إلا أن منسوب “الفرفشة” لدى المواطن الحمصي قد انخفص بشكل ملحوظ مع تعاقب سنين الحرب، وما حملته من أعباء على شتى الصعد، الإقتصادية والإجتماعية حتى طالت النفسية، فانقلبت ضحكته الدائمة إلى تكشيرة حزينة.
وكما كل سنين الحرب، مر عيد الأضحى هذا العام مرور الكرام، خجولاً مثقلاً وحتى من قبل مجيئه، فالضيف يجلب معه دفع المال المترسبة بقاياه في جيب المواطن كما في كل المحافظات، وباتت عبارة “الضيف هَم” مسموعة في معظم الجلسات.
أم الفقير..لم تعد كذلك
لا يخفي أي شخص في حمص كما باقي المحافظات، أن غلاء المعيشة وتراجع القوة الشرائية لدى معظم العائلات يكمن وراء تراجع لهفة العيد عما كان سابقاً.
يقول “أبو وائل”، وهو رجل خمسيني، لتلفزيون الخبر أن” لقب أم الفقير لم يعد ينطبق على حمص، فالجميع بات فقير الحال، يركض ليل نهار ليؤمن قوت يومه، أما الكماليات فقد تم التغاضي عنها تماماً، ومعها طقوس العيد كالسيران والمشاوير.”
ويوافق المحامي “إيهاب” على ما ذكره “أبو وائل”، وقال لتلفزيون الخبر بعد أن صادفته مع عائلته قرب مدينة الملاهي في حي المهاجرين ” العيد للصغار، اما الكبار راحت عليهم”، وهو أقل ما يمكننا تقديمه لأطفالنا مع كل الغلاء الحاصل، بأن نشتري لهم بوظة أو بوشار، وندعه يلعب ساعة زمن بالدويخة أو السيارات”.
من جانبه، قال أبو محمد، وهو بائع عصير أمام حديقة المهاجرين لتلفزيون الخبر أن” البيع يتم برأس المال، فكأس العصير الصغيرة تباع ب500ليرة مع بعض الثلج، وشهدت حركة جيدة خلال أيام العيد، ولربما يعود ذلك لرخص ثمن الكاسة التي تباع في المطاعم بأضعاف هذا الثمن”.
الثياب .. همّ آخر لا مفر منه
لا يمكن الحديث عن العيد دون التطرق لركن أساسي من أركانه، وهو الثياب الجديدة، إلا أن معظم أطفال حمص قضوا عيدهم بثياب من البالة، أو ما بقي سليماً من عيد الفطر، كما قالت “أم بهاء”.
وتضيف السيدة الأربعينية من سكان وادي الذهب لتلفزيون الخبر” امتلأت محال البالة بالمواطنين لاسيما التي تبيع ثياب الأولاد، رغم أنها “ليست طمعة” فأسعار بعضها تقارب الجديدة، إلا أن “الكحل أفضل من العمى، وبتضل البالة أرحم من الجديد”.
من جهته، أكد “وسيم” وهو صاحب محل ثياب في حي الأرمن لتلفزيون الخبر ماقالته السيدة، وأشار لتلفزيون الخبر إلى أن” حركة بيع الثياب الجديدة شهدت تراجعاً نسبياً أمام البالة، إلا أن ارتفاع أسعار الثياب الجديدة ليس بيدنا، وهناك الكثير من العوامل المتحكمة بها، ومن المستحيل أن نبيع بخسارة”.
الحلويات..من قريبو
تشكو “أم حسين”، وهي من سكان حي العباسية لتلفزيون الخبر ارتفاع أسعار الحلويات أضعافاً مضاعفة، وقالت لتلفزيون الخبر” لم تعد موائدنا تتزين بأصناف الحلويات كالسابق، واختزلنا الضيافة “بشوية بتيفور وبسكوت من قريبو”.
وتضيف “رجاء” وهي معلمة متقاعدة لتلفزيون الخبر” باتت معظم النساء تتوجهن للشراء من معامل الحلويات، لاسيما في حي المهاجرين، حيث تجد الإزدحام أيام العيد كالكرنفال، لأن سعر الكيلو في المعمل أرخص بكثير من الأسواق.
أزمة نقل دفعت البعض للسفر” عالواقف”
لا تسري فرحة العيد على الجميع، فقد تسببت العطلة الطويلة بأزمة من نوع آخر ليست بالطارئة، إنما أكثر ظهوراً وانتشاراً وتكراراً، تتلخص بأزمة النقل بين حمص والمحافظات الأخرى.
يمتعض “علي” وهو شاب عسكري، يخدم بريف دمشق، عبر تلفزيون الخبر ما وصفه بالعيب، وأضاف أنه” في كل مناسبة تختفي الحجوزات لدى كل شركات النقل، بفترة تمتد من قبل بدء العيد ولعدة أيام بعده، مايضطرنا للسفر “عالواقف” مع دفع تعرفة أضعاف تلك الرسمية ” بس شو جبرك عالمر”.
يشار إلى أن المواطنين في حمص، يتجهون أسبوعياً لما يعرف بشارع الخراب المتجه نحو حي الوعر، وهي منطقة طبيعية غير مأهولة وتشهد ازدحاماً ملحوظاً، حيث يهربون إليها من ازدحام المدينة طامعين ببعض الهواء النقي، حيث يعتبر هذا الشارع بمثابة “ربوة دمشق” كما يعبر البعض عنه.
عمار ابراهيم_ تلفزيون الخبر_ حمص