“مشروع مدى الثقافي”.. عندما يغدو الفكر والفن “شغفاً”
تُعتبر المبادرات والمشاريع الثقافية نوع من الفسحة لإبراز مجال الإبداع الثقافي والفنّي والاجتماعي لتسهيل عملية التعارف والترابط وتبادل الخبرات بين أفراد من كافة الاتجاهات والألوان يجمعهم الشغف الثقافي والقدرات الفنّية التي تعبّر عن الانتماء للحضارة الانسانية.
وبرزت مشاريع تطوّعية في سوريا تنطوي على الكثير من الأهداف أهمها تنمية الرؤى الثقافية ومهارات التواصل ورعاية الحالة الثقافية لنبذ الجهل والتخلّف، ومن هذه المشاريع مشروع “مدى الثقافي”.
ويقول رئيس مجلس الإدارة في “مشروع مدى الثقافي” رامز حسين لتلفزيون الخبر عن التأسيس: “بدأت الفكرة من منطلق أحد اساليب الحرب الأخيرة، استهداف والحضارة السورية والثقافة السورية، لذلك اخترنا الثقافة كأحد الطرق المهمة والواجبة في الدفاع عن بلدنا في ظل ما حدث من محاولة قتل الهوية السورية”.
وأضاف “حسين”: استفدنا من وسائل التواصل الاجتماعي لنجمع عدد من المهتمين بالثقافة السورية وأهمهم الشباب، وبدأنا بمجلة ثقافية، وانتقلنا للعمل على الأرض بنشاطات بمختلف المجالات، وبمجهود شخصي من شباب متطوعين”.
وتابع: كل فترة كان يتضّح نضج أكثر وأكبر بالنشاط الثقافي، وتبلورت طرق أفضل للعمل حتى وصلنا لفريق قوي من مختلف أنحاء سورية وبعدد نشاطات يقدّر ب 194 نشاطاً في 12 مدينة سورية أهمها حمص دمشق اللاذقية حماه السويداء مصياف جبلة مرمريتا سلمية وعدّة مدن.
وأضاف “حسين”: رسالتنا كانت مزدانة بالعديد من الأهداف التي بدأنا نلمسها على أرض الواقع مثل بناء جسور قوية بين السوريين ليكونوا يد واحدة في الدفاع عن وجه سوريا الحضاري.
وأكمل “حسين”: عملنا أيضاً على بناء صلات قوية مع مؤسسات الدولة السورية والمجتمع المدني وتقويتها بما يحقق حالة من التكامل مع التطلّعات الثقافية كأحد الأوجه الحضارية للخروج مما نحن فيه.
وذكر “حسين”: وكان أحد أهم طرقنا كمشروع ثقافي هو التوجّه للأطفال لتنمية مداركهم العقلية واغناء روحهم بالمفاهيم الجمالية والفنية بعيداً عن “القولبة” والتلقين، وتدريبهم على العمل التشاركي.
وقال “حسين”: أخذنا الترخيص رقم “1” من وزارة الثقافة عام 2019 واخترنا اسم “مدى” كمصطلح له مدلول مهم حيث أن المشروع مفتوح على جميع الآفاق الرحبة بالعمل الثقافي ودون أي حدود.
وتحدّث “حسين”: الناحية الهامة انطوت على اعتمادنا مبدأ الثقافة التفاعلية أو التشاركية، بمعنى أن لا يبقى المثقف ببرجه العاجي ينظر للناس من الأعلى، والأهم أن نجعل جميع الناس شركاء بموضوع الثقافة، لأن الثقافة ليست تلقين وإنما تفاعل حقيقي بين طرفين مع التأكيد أن كل طرف منهم بحاجة الآخر،
ونوّه “حسين”: لذلك معظم نشاطات “مدى” تلمس الناس بشكل مباشر، وأهم أسباب نجاح العمل كان قربها من الناس، حيث واجهنا بدايةً صعوبة تكمن في أن تكسير “الأصنام الثقافية” ليس سهل أبداً.
وعن نشاطات الجمعية، قال “حسين”: “كان الفن التشكيلي له مساحة واسعة من خلال معارض “سوريا بتجمعنا”، و”مواهب واعدة” وملتقى “مدانا ألوان”.
وتابع “حسين”: بالموسيقا كانت أمسية “الكمان يغني بليغ حمدي” والتي كان فيها حضور كبير وكذلك أدخلنا فيها “فن تشكيلي” من خلال رسم الأصدقاء لوحة الموسيقار الراحل بليغ حمدي.
وذكر “حسين”: بالنسبة لأنشطتنا المسمّاة “مدانا مسرح” المسؤول عنها المسرحي حسن عكلا، نقوم باستضافة فنان مسرحي للحديث عن تجربته المسرحية والتفاعل مع الحضور وخصوصاً الشباب من خلال الأسئلة والحوار.
وقال “حسين”: استضفنا أهم المسرحيين بسوريا ومنهم الراحل الفنان الكبير عبد الرحمن أبو القاسم، وغسان مسعود، وفرحان بلبل، وزهير العمر، وسامر عمران.
وذكر “حسين”: بالنسبة لنشاطاتنا الموسيقية كان لنا العديد من الأمسيات في دار الثقافة فبدأنا مع “الكمان يغني أم كلثوم” وبعدها “الكمان يغني عبد الحليم” وبعدها “الكمان يغني بليغ حمدي”، من ضمن سلسلة “ترانيم الخاصة بالموسيقا”، وأهم العازفين بآخر أمسية كان مروان غريبة وفادي تمور وأيهم سعد وكرم خدام،حيث اخترنا من مختلف الأجيال لنقول انو الفن رسالة مستمرة جيل بعد جيل.
ونوّه “حسين”: “مدى” مشروع ثقافي سوري بإمتياز، وغير خاص بمدينة من المدن، و”مدى” ليس فقط أعضاء منتسبين، وانما هي الناس التي أعجبتها فكرة “مدى” ونشاطاتها ومؤمنة بشعارنا الذي هو “مدانا محبة”.
وختم “حسين”: وزارة الثقافة كان لها فضل بدعم مشروع “مدى” من خلال فتح أبواب المديريات والمؤسسات الثقافية أمام “مدى”، لكن نتمنى أن يكون الدعم أبرز فمثلاً أن تساعد الوزارة بنقل نشاطات “مدى” النوعية بين المحافظات متل معرض “سوريا بتجمعنا” الذي يضم اكتر من 70 فنان من 12 مدينة سورية وبعضهم مغتربين خارج سوريا.
وبدوره، أوضح مدير نشاطات الفن التشكيلي في مشروع “مدى”، الفنان فريد وسوف تلفزيون الخبر: “الفن التشكيلي هو الفن الذي أعبّر به عن العالم بطريقتي، وانتسبت لعائلة “مدى” بعام 2019 بعد أن لاحظت بعض نشاطاتهم على مواقع التواصل.
وأضاف “وسوف”: وجدت في هذا المشروع ما يناسب تفكيري حيث نجتمع كعائلة سورية تحت عناوين محددة هي “المحبة والثقافة”.
وتابع “وسوف”: أهم الفعاليات التي شاركت فيها بمدى هي معرض “سوريا بتجمعنا 2” حيث كانت أول مشاركة لي مع “مدى” وتنقلنا بعدة مدن ومحافظات، فيما نقوم حالياً بالتحضير لملتقى خاص بالأطفال ثم ملتقى “مدانا ألوان 2”.
وأسقط “وسوف” بقعة ضوء على ناحية هي أن سوريا تملك عدد كبير من الفنانين التشكيلين على كافة المستويات، ولكن الواقع الحالي للفنانين مرتبط بواقع البلد، فالفنان يصارع اذا صح التعبير للبقاء او لإيصال رسالته رغم الأوضاع المادية التي يعاني منها معظم الفنانين.
وختم “وسوف”: ما نركّز عليه هو أن نقوم بنشاطات نوعية وكبيرة ترفع من الشأن الثقافي في سوريا، وترفع من ذائقة الشارع السوري، وطموحي مع “مدى” أن ننشر الوعي الثقافي بالمجتمع وهذا مانعمل عليه.
من جهتها، قالت إحدى أعضاء مشروع “مدى الثقافي”، آية ظفور لتلفزيون الخبر أن “مشاركاتي الأولى مع “مدى” كانت “مواهب واعدة 1” ، وبعدها شاركت بمعرض “سوريا بتجمعنا 3” وكنت أصغر فنانة تشكيلية، وهذا كان حافز كبير بالنسبة لي.
وقالت “ظفور”: كان عندي أحلام بسيطة تحققت بشكل تلقائي مع “مدى”، مثل عندما رسمت بين الناس كان هذا أحد أحلامي أن يراني الناس وأنا أرسم بشكل مباشر أمامهم.
وذكرت “ظفّور”: أنا رسالتي إنسانية وهادفة تنطوي على تحدّي التخلّف ونبذه عن طريق الفن لأن الفن سواء كان موسيقا أو رسم او أي نوع من أنواع الفنون هو بمثابة سلام داخلي للإنسان.
وختمت “ظفّور”: ما استطعت تحقيقه كأحد أعضاء “مدى” أنه أنا وبعمر صغير استطعت أن أكون مؤثرة واصنع شيء بصفتي جزء من مشروع هادف يسعى لتحويل أكبر قدر من الشباب إلى الإيمان بالثقافة والفن وقبل كل ذلك الإيمان بالمحبّة.
حسن الحايك_تلفزيون الخبر