الشباب السوري ومونديال قطر
اعتاد عشاق الساحرة المستديرة على مستوى العالم أن يكونوا خارج نطاق التغطية مرة كل 4 سنوات خلال الفترة الممتدة ما بين 14 حزيران و15 تموز، وهي الفترة التي تقام بها بطولة كأس العالم.
وفازت قطر بحقوق استضافت مونديال 2022، لكن “الفيفا” ونتيجة ارتفاع الحرارة في قطر خلال الموعد الدوري لعقد المونديال، قررت تأجيل انطلاقته لـ21 تشرين الثاني حتى 18 كانون الأول من ذات العام، كي يصبح المناخ مناسباً لإقامة المباريات.
وينتظر الشباب السوري عادةً “العرس المونديالي” بكل ما يملكون من جوارح، وذلك لسببين؛ الأول، تعويضاً عن فشل الواقع الكروي المحلي، وثانياً لأن شهر المونديال هو الفرصة الوحيدة التي يستطيعون خلالها نسيان ما يكابدوه من مآسي ومصاعب حياتية، ففي هذا الشهر لا تفكير سوى بالمباريات وحسابات التأهل للمنتخبات التي يشجعوها.
“هالسنة سنتنا” يقول “محمد” وهو من عشاق “الطواحين” الهولندية لتلفزيون الخبر “المونديال الفائت كان باهتاً دون هولندا لكن هذه المرة الأمر مُختلف ففريقنا مُكتمل الصفوف، ولن تتكرر مأساة المركز الثاني مع الهولنديين”.
وأضاف “كنت انتظر موعد انطلاقة المونديال بفارغ الصبر لكن تأجيله للشتاء أصابني بالإحباط، فكيف سيمضي علينا هذا الصيف؟ عادةً نختزن أوجاعنا كلها لننساها في المونديال، لكن المرارة أصبحت صديقتنا ولن يزيد تأجيل الفرح بضعة أشهر من حزننا”.
“أصلاً ميسي ماعد يهمه الأندية حاطط عينه علمنتخب” بهذه الكلمات واسى “سامر” نفسه بعد خيبات الأرجنتين خلال البطولات الأخيرة، “الأرجنتين فرحه أي فرحه لما شوف مباراة وفيها ميسي بنسى غلاء الأسعار وكلشي.. وهالسنة أكيد ميسي ما حيخيبنا.. بس خسارة هالسنة كنا ناطرينو يجي بكير لأن مساحة الفرح قليله بس الظاهر قطر مو ضدنا بالحرب وبس، كمان لاحقتنا على كرة القدم وأجلتلنا المونديال بجوها”.
ويشرح “حسن” مشجع لإيطاليا كيف أن حظه مع هذه الحياة شارف على النهاية “نحيا ضمن ظروف حياتية صعبة، وحينما نقرر الالتهاء بالرياضة نصطدم بواقع كرتنا المؤلم، فنتمالك أعصابنا ونتجه نحو العالمية لنجد أن إيطاليا خارج المونديال للنسخة الثانية على التوالي، فهل هناك منحوس في هذا الكون مثلنا عشاق الأتزوري السوريين”.
“ما حدا بيختار الفريق يلي بيشجعه بيجي هيك مع الولادة” يعلق “قاسم” على سبب تشجيعه لمنتخب إنكلترا “الإنكليز راسهم كبير كل مرة بيفوتوا بالسمعة تبع دوريهم وبيطلعوا برا مع أنو عندهم نجوم كتير دوناً بشبه وضع منتخبهم بوضع بلادنا فيها خيرات كتير بس مافيها تنظيم وتخطيط”.
وتابع “قاسم” “المونديال الماضي كانت قريبة وباليورو لعبنا فاينال وعنا تشكيلة مُخيفة هل مرة حتكون عنجد (it’s coming home) وإلا بدي انجلط، يعني لا مي ولا كهربا ولا اتصالات ولا مواصلات وفوقها حرقان دم المنتخب الوطني مو ناقصني أبداً جلطة جديدة مع الإنكليز”.
ويختلف “أحمد” و”علي” في أي من البرازيل وألمانيا المنتخبات الأفضل تاريخياً فيتحدث أحمد “نحن ملوك الكرة والفنيات ونملك السجل الأفضل مونديالياً لا أحد كالبرازيل” ليجيبه علي “ألمانيا عُظمى في كل المجالات لا شيء يضاهي الماكينات الألمانية في الصناعة والتجارة والرياضة أيضاً فالمنتخب يشبه الدولة التي يحمل ألوانها والألمان لا يخسرون”.
ويتفق كليهما على أن “من يتابع الكرة العالمية يفهم معنى الرياضة، قررنا منذ فترة متابعة رياضتنا المحلية، لكن اكتشفنا أن حزننا تضاعف فالرياضة لا يمكن أن تنفصل عن واقع البلدان، وسوريا تفتقد لكل مقومات التطور وكذلك كرتها لا تخطيط ولا رؤية ومحسوبيات كل شيء في هذا البلد يأخذنا نحو الألم، لذلك كان المونديال فرصة لنا لتفريغ همومنا”.
وسيطر منتخبي البرازيل وألمانيا على قلوب المشجعين السوريين يليهما بدرجة أقل محبي فرنسا والأرجنتين وإيطاليا ثم هناك قلة قليلة تميل لتشجيع منتخبات هولندا وإنكلترا والبرتغال.
وخرج منتخبنا من الدور النهائي لتصفيات أسيا لكأس العالم بعد سلسلة من التخبطات الإدارية والفنية جعلت مظهر المنتخب يظهر بشكل مغاير عما حققه ضمن تصفيات مونديال 2018، ولتستمر عقدة عدم التأهل لأي نسخة من أكبر بطولة كروية على وجه الأرض.
وعانى السوريون من الأزمات الاقتصادية والحياتية التي يمرون بها منذ اندلاع الحرب على البلاد قبل عقد من زمن، ولا سيما منذ مطلع 2022 حيث تضاعفت الأسعار وفُقدت الخدمات، ما جعل المونديال فرصة للشباب السوري ليشعروا ببعض الفرح وسط هذه الأحزان
وتأهلت معظم المنتخبات العالمية الكبيرة للمونديال، بينما تغيب إيطاليا عن هذه النسخة للمرة الثانية على التوالي في مفاجئة كبيرة بعد تتويج الطليان ببطولة يورو2020 الأخيرة.
يذكر أن بطولة كأس العالم انطلقت عام 1930 ولم تتوقف سوى لنسختين خلال الحرب العالمية الثانية، ويعتبر المنتخب البرازيلي أكثر المنتخبات تتويجاً بالبطولة ب5 ألقاب يليه ألمانيا وإيطاليا ب4 ألقاب ثم فرنسا والأرجنتين والأورغواي ببطولتين وإنكلترا وإسبانيا بطولة واحدة.
جعفر مشهدية-تلفزيون الخبر