العيد في ضيافة غربة السوريين..اشتياق وانتظار “والسر بالتفاصيل”
باعدت سنوات الحرب العجاف بين السوريين، وفرقت فيما بينهم، بين وطن وغربة، كعائلة تشتت شمل أفرادها، وانتشر أبنائها، بأصقاع الأرض، في “تغريبة سورية” لاتزال موجاتها مستمرة.
وانعكست ظروف الغربة على مناحي الحياة عموما، ورمت بثقلها على كل شيء، فبات للسوريين حياة في البلد، ونظيرتها في الغربة، ولكل منهما أدواتها ومفرداتها وأسلوبها.
ويحضر عيد الفطر هذا العام، والغربة مستمرة ومتجددة، وكما قسمت الظروف السوريين بين مستقر ومغترب، باعدت أيضا بين مناسباتهم في البلاد والغربة، فرمضان أصبح بمظهرين، ورأس السنة بوجهين، والأعياد كذلك، لها نسخة محلية، وأخرى “غربتلية”.
“العيد هو فنجان القهوة الصبح مع الأهل بعد الصلاة، من دونا ما في عيد”، يقول محمد سباهي المغترب في ألمانيا، وهو يحاول ترتيب داومه الأسبوع المقبل ما يتناسب مع شيء يخطط له.
يبحث “سباهي” عن فرصة لحصد إجازة ولو ساعية يوم الأحد أو الاثنين المقبلين، من عمله في إحدى الشركات، عله يتمكن من أداء صلاة العيد في المسجد، كي ينهل ولو قليلاً، من أجواء العيد في رمضان.
يتابع “محمد” في كلامه لتلفزيون الخبر: “بالغربة العيد ما بيعدي علينا، خاصة العازبين، والمحظوظ من يعيش مع أسرته في الغربة، حيث يعيش أجواء شبيهة بالعيد من خلال الزينة والحلويات، أما نحن العزاب، (فمنعيد بالدوام، وعيدنا اذا كان الشغل خفيف وبس)”.
“بقي لي من بهجة العيد، معايدات صباحية على الأهل والأصحاب في سوريا والمغترب، وأشم رائحة العيد من خلال (ينعاد عليك يوب) التي يقولها لي أبي باللهجة الحلبية باتصال (المسنجر)، تخفف ولو قليلا من الشوق لصباح أول أيامه، التي أرى فيها كل العيد، وافتقد له بغيابها”، يختم “سباهي”.
“الأصعب هو أن تبذل جهدا مضاعفا لتشعر بقيمة العيد” هو الشعور المسيطر على الصحفية ديالا عرابي، مع اقتراب أيام عيد الفطر، في غربتها بالسويد.
وقالت “ديالا” لتلفزيون الخبر: “نصنع العيد بأيدينا، فنشتري الملابس الجديدة، ونجهز الحلويات، رغم معرفتنا المسبقة بألا ضيوف سيأتون إلينا بالعيد، المهم الحفاظ على طقوسنا، لاستدراك ما تبقى من بهجة العيد”.
وتعتقد “ديالا” أن أبرز ما يميز العيد بالمغترب، هو “ماتقوم به الجمعيات العربية والإسلامية، من أنشطة ترفيهية وعروض كرتونية في الحدائق، لنقل الموروث الشعبي للأطفال، وغرسه في إذهانهم، كنوع من الحفاظ على الهوية، في تنشئة الطفل”.
“الحمد لله إني بأربيل بحس شوي بالعيد، كونو مافي دوام فيه” يرى عامر الحمصي، المغترب السوري بأربيل، أنه محظوظ نسبيا، ولو لم يكن مغتربا بأوروبا، حيث يحلم السوريون.
يعتقد “عامر” (محاسب) أن في الحصول على فترة عطلة خلال أيام عيد الفطر “بهجة العيد الحقيقية، ولو كنت سأقضي العيد مع زملائي بالعمل أنفسهم، لكن الراحة من العمل، متعة بحد ذاتها”.
ويفتقد “الحمصي” لإفطار صباح العيد مع الأهل “هاد أكتر شي فاقدلو” يقول “الحمصي” وهو يستعد “لتعزيل” المنزل، وتجهيزه لاستقبال العيد، كطقس يحافظ فيه على شيء من العيد السوري في الغربة، ليشعر كما يقول “بأنو عيدت”.
وترغب “رنيم”، مدرسة اللغة الإنكليزية، في أربيل، “باستكشاف أجواء العيد في المدينة العراقية الشمالية، بأولى تجاربي مع عيد الغربة، ولعله أكثر شعور يحمسني لانتظار العيد، أرغب في التعرف أكثر على ثقافة المدينة وأهلها في الأعياد”.
وتقول “رنيم” لتلفزيون الخبر إن: “الأجواء هنا تختلف عن نظيرتها في اللاذقية، وحتى إن حاولت خلق عيدي الخاص، يبقى الأصل هو الأساس، فأين لي من حلويات أهلي، ولذية تناولها بعد قضاء ليلة العيد في تجهيزها، وهنا تأتيك جاهزة ومغلفة ومغرقة بغربتها؟”.
وتعيش راما الشعباني، أول أعيادها في الغربة بالسويد هذا العام، مفتقدة لزيارة قبر والدتها في طقسها السنوي، منذ وفاتها، عقب كل صلاة عيد، وتتنبأ بمشاعرها في العيد مسبقا.
“الأجواء هنا توحي وكأن العيد يزور فقط منزلي الذي يجمعني مع زوجي، وكأنه فرح فردي لايخرج عن نطاق منزلنا الصغير”، تقول “راما” لتلفزيون الخبر، وهي تنسق مواعيدها بالعيد، مع مغتربين سوريين آخرين، في الدولة الإسكندنافية.
“سأحاول التواصل مع أصدقائي السوريين الجدد في الغربة، خلال العيد، في ساعات مابعد الدوام”، تختم “الشعباني”، وهي تتمنى أن لايقيد العيد بحدود، وأن يكون عابرا بمشاعر فرحه، للبلاد.
“من حسن حظي أنني سافرت لكندا مع أفراد أسرتي، سيكون من المثير للفرح، أن نحافظ على عادات العيد وأجوائه، في الغربة، كما في البلد”، يقول فادي صبري المغترب في كندا، والموظف بشركة تجارية، لتلفزيون الخبر.
يبدأ “فادي” بتجهيز العيديات لأطفال العائلة، “هو شعور أريد أن يحافظ عليه الأطفال في غربتهم بعيدا عن بيئتهم ومجتمعهم، ونعيد في كندا كما لو أننا في دمشق، نذهب للصلاة ونجتمع ونسهر، لكن يبقى الجو العام، كما حالنا، غريبا”، يختم “فادي”.
“سأكون سعيدة الحظ لو تمكنت من مشاهدة بث صلاة العيد على الفضائية السورية قبل الذهاب للدوام يوم الإثنين، سيكون ذلك رابطاً لي مع أجواء العيد في الغربة”، تقول روان السيد، الإعلامية المغتربة في ألمانيا، لتلفزيون الخبر.
تتحدث “روان” عن الحظ الوافر لبعض الأسر السورية في الغربة، حيث توجهت عائلات بأكملها لألمانيا، وبالتالي يتمكنون من استعادة أجواء العيد السوري، من خلال الزيارات العائلية، التي ترى فيها روان “روح العيد”.
“رح يكون العيد عندي إني حط صحن من الحلويات اللي رح نشتريهم من المحل السوري، ونصف هالمعمول والقراص بعجوة، ونحكي مع أهالينا أنا وزوجي مكالمة فيديو، المسويات بس يخلص الدوام”، تختم “روان” والغصة بادية على صوتها.
هي الغربة إذا، هي حلم كثير ممن يعيشون أياما ثقالا في الوطن، ولهفة الشوق للكثير ممن سافر وارتحل بحثا عن مستقبل ما، وهو العيد الذي سيبقى “فرحة وأجمل فرحة”، هنا أو هنالك، في بحث السوريين الدائم لاصطياد فرص السعادة صيداً.
تلفزيون الخبر