“التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم”.. عن “عروس الجنوب” سناء محيدلي
مرّ 37 عاماً على العملية الفدائية التي نفذتها الشهيدة اللبنانية سناء محيدلي ضد جنود الاحتلال على معبر “باتر-جزين” في الطريق إلى الجنوب اللبناني.
ولدت “عروس الجنوب” بقرية عنقون في صيدا في 14 آب 1968 وفقدت والدتها بعمر الثالثة، ودرست في مدرسة السريان بالمصيطبة، ثم تركت المدرسة وعملت في محل لتأجير أفلام الفيديو، المكان الذي سجلت به وصيتها المصورة.
وانضمت “محيدلي” إلى صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي متأثرةً بعملية الشهيد “وجدي الصايغ” الذي نفذ عملية استشهادية على معبر “جزين-كفرحونة” ضد جنود العدو.
وخرجت الشهيدة سناء من بيتها يوم 24 آذار بحجة أنها تريد شراء طلاء للأظاف،ر حيث كانت تلك المرة الأخيرة التي تخرج بها من بيت أهلها قاصدةً التحضير لعمليتها الفدائية.
وفي صبيحة 9 نيسان عبرت سيارة “بيجو 504” بيضاء اللون الحاجز المقام في منطقة “باتر–جزين” في طريقها نحو الجنوب مُحملة بـ 200 كيلو غرام من مادة “T.N.T” شديدة الانفجار.
وبعد عبور الشهيدة الحاجز الأول لم تكمل السيارة طريقها بل سارت ببطء دون أن ينتبه إليها أحد من جنود العدو نحو قافلة عسكرية للاحتلال تتحرك في المنطقة، واجتازت حاجزاً حديدياً أخراً فأطلقت حامية الحاجز رشقات من الرصاص باتجاه السيارة، ولكن عزيمة الشهيدة كانت أسرع، حيث فجرت نفسها فداءً للجنوب.
وأدت العملية لسقوط 50 من جنود الاحتلال بين قتيل وجريح، بينما اعترف الناطق العسكري في جيش العدو بالعملية زاعماً أنها أدت إلى “وفاة ضابطين وجرح جنديين فقط”.
وأصدرت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية “جمول” بياناً تبنت به عملية الشهيدة الشابة ذات الـ 17 ربيعا سناء محيدلي.
وفي مساء يوم العملية بثت إحدى القنوات التلفزيونية اللبنانية التسجيل المصور للبطلة سناء محيدلي، حيث وجهت فيه رسائل لكل المقاومين والشهداء كبلال فحص والشيخ راغب حرب ووجدي الصايغ، كما وجهت التحية للرئيس السوري حينها الراحل حافظ الأسد.
وجاء في التسجيل المصور للشهيدة “أحبائي إن الحياة وقفة عز فقط، أنا لم أمت، بل حية بينكم اتنقل أغني أرقص، أحقق كل أماني، كم أنا سعيدة وفرحة بهذه الشهادة البطولية التي قدمتها، أرجوكم لا تبكوني لا تحزنوا عليّ، بل افرحوا.. اضحكوا للدنيا، طالما فيها أبطال”.
وتابعت “أنا الآن مزروعة في تراب الجنوب أسقيه من دمي وحبي، آه لو تعرفون إلى أي حد وصلت سعادتي، التحرير يريد أبطالاً يضحون بأنفسهم، يتقدمون غير مبالين بما حولهم، ينفذون، هكذا يكون الأبطال”.
وأكملت “إنني ذاهبة إلى أكبر مستقبل، إلى سعادة لا توصف، آه أمي كم أنا سعيدة عندما سيتناثر عظمي من اللحم ودمي يهدر في تراب الجنوب من أجل أن أقتل هؤلاء الأعداء الصهاينة، وصيتي هي تسميتي عروس الجنوب”.
وخاطبت الشهيدة من خلال التسجيل أمها “أقول لأمي أن تسامحني وتترحم علي، لأنني ذهبت من دون أن أودعها، وأنت يا أمي علمتني أن أحب، وأن أضحي من أجل بلادي، وها أنا أحب شعبي، وأضحي بحياتي من أجل بلادي”.
كما وجهت رسالة لوالدها “أبي أقول إنني تركت رسالة لك وكل ما أطلبه منك أن تزفني من دون أن تحزن أبداً، وبالعكس، أريد منك أن ترقص لي يا أبي، وأن تقول أنا أبو الشهيدة، فأنا سأنضم إلى تراب الجنوب”.
وبعد العملية تم تسميت مدارس وشوارع وحدائق باسم البطلة سناء محيدلي في سوريا واليمن وليبيا وعموم الوطن العربي، عدا لبنان الذي لم يقوم المسؤولين فيه بترك مهاتراتهم السياسية والاهتمام بالإرث الذي خلفه الشهداء لبناء وطن حر مستقل، وسط اهتمامهم بتسمية شوارع بيروت بأسماء قادة عسكريين قاموا باحتلال لبنان.
يذكر أن العدو قام بأسر جثمان الشهيدة حتى تموز 2008 حين تمت إعادتها بعد مفاوضات جرت بين “حزب الله” وكيان الاحتلال لتبادل الأسرى، واستلمت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي رفاتها في 21 تموز 2008 وسلمتها لذويها ليتم دفنها في مسقط رأسها في عنقون بناء لرغبة الشهيدة.
جعفر مشهدية – تلفزيون الخبر